سوريا - بوابة اللاجئين الفلسطينيين 

وصل المئات من مهجّري مخيّم اليرموك الى الشمال السوري، ضمن قوافل المهجّرين من بلدات جنوب دمشق الثلاث "
يلدا – ببيلا – بيت سحم"، فيما يسلك مئات آخرون ضمن الدفعات المتتاليّة، طريق الانضمام الى من سبقوهم، في رحلة محفوفة بالمخاطر والعواقب، أمّا الحال عند الوصول، فله حكاية تروى بمفردات قاسيّة، لا تشبه تلك التي قيلت لهم بالكلمات قبل المغادرة، ليجدوا أنفسهم وقد هربّوا من المرّ الى الأكثر مرارة من الناحيّة المعيشيّة، وما يصبّرهم في هجرتهم الجديدة، هو البقاء على قيد ما من الأمن الشخصي، ماكانوا ليجدونه لو بقوا في بلدات جنوب دمشق، حيث لا ضمانات لعدم التعرّض لهم، بحسب ما قالوه بأنفسهم.

لاجئون فلسطينيون في مخيم دير البلوط القريب من منطقة جنديرس التابعة لعفرين شمالي سوريا قصّوا لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين" واقع حالهم بعد أن سلكوا درباً طويلاً امتدّ زمنيّاً لـ 36 ساعة، في طريق مُرهقة  جسديّاً خصوصاً على الأطفال وكبّار السنّ الذين غصّت بهم الحافلات، ومُذلّ معنوياً بفعل الإهانات من قبل عناصر حواجز التفتيش.

واقع إيوائيّ مزرٍ في خيام لا تردّ الحر ولا تقي من المطر، وفق ما وصفها أبو جاسم، وهو أحد أبناء مخيّم اليرموك الذين وصلوا مع المهجّرين من جنوب دمشق الى مخيّم "دير بلّوط" شمالي سوريا.

أبو جاسم في حديث لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين" انتقد حالة الفوضى التي شكّلت أساس المشهد حين وصول المهجّرين، والتي جعلت الأهالي وبعد رحلة طويلة ومُرهقة، يجهّزون خيامهم بأنفسهم، في حين بقي كثيرون بلا خيام لساعات طويلة، بسبب قلّة عددها.

وعلى عكس ما قيل لهم عن استعدادت استقبالهم أثناء فترة التنسيق للخروج، يقول أبو جاسم: " أبسط الأساسيات للحياة في المخيّم غير متوفّرة، فبالإضافة الى الإيواء المزري، نفقد المياه التي تأتينا عبر صهاريج غير كافيّة، فيضطّر اللاجئون في المخيّم لقطع مسافات إلى المخيّمات الأخرى للحصول على كميّات قليلة".

وعن وجبات الطعام، يقول أبو الجاسم " في اليوم الأوّل قدّموا لنا وجبات رديئة من حيث النوعيّة تحتوي أصناف غير مألوفة، وبدأت تتقلص تدريجياً حتّى اقتصرت على الخبز فقط، ما دفع الأهالي لشراء المعلّبات بأسعار مرتفعة، أمّا من لا يملك المال فيأكل الخبز الحاف".

 

"استقبال غير لائق من قبل الهلال الأحمر التركي "

أمّا أبو ربيع، وهو من أبناء مخيّم اليرموك للاجئين وأب لخمسةِ أطفال، فقد تحدث لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين" عن سوء الاستقبال الذي بادرهم به "الهلال الأحمر التركي" فور وصولهم الى مخيّم "دير بلّوط" خصوصاً في تقديم الإغاثة العاجلة بعد الإرهاق الذي عانوه طوال الطريق، حيث لم يقدموا لهم سوى مياه آبار غير صالحة للشرب، بينما كان الأطفال بحال صحّية سيئة بسبب حرارة الطقس.

يقول أبو ربيع " أطفالي الخمسة أصابهم نزيف الأنف المعروف بالرعاف، وكذلك معظم الأطفال الذين كانوا على متن الحافلات، بسبب حرارة الجو والإرهاق الكبير خلال الرحلة، والنقطة الطبيّة الموجودة في المخيّم لم تقدّم لهم أيّة رعاية ولم تفعل شيء سوى غسل وجوههم بالمياه، ولم تُجر المعاينات الطبيّة ولم تقدم الأدوية لكبار السن، الذين عانوا من التعب الشديد طوال الرحلة وبعضهم مصابون بأمراض مزمنة كالضغط والسكري".

ولم يقتصر الترّدي الصحّي على شحّ العناية الطبيّة، إنمّا رافقه انعدام للبنى الخدميّة كالمرافق الصحيّة والمياه النظيفة، حيث لا يتوافر في المخيّم الذي يضم آلاف المدنيين، سوى بضعة مراحيض بحالة مزرية من حيث النظافة، ولا تتوافر فيها المياه، الأمر الذي يعرّض صحّة الناس والاطفال للمخاطر وفق ما أفاد أبو ربيع معرفاً عن قلقه على صحّة أطفاله الخمسة.

الإيواء على رأس مطالبنا

يُجمع اللاجئون المهجّرون الى الشمال السوري، على أولويّة تأمين مساكن لائقة لهم، غير الخيام التي فاضت بعضها بسبب موجة الأمطار خلال اليومين الفائتين، ولا تقي من الحرّ الذي يهبّ عليهم بفعل تقّلب الطقس في الشمال السوري.

ابومهنّد وهو ربّ لعائلة مهجّرة من جنوب دمشق، تحدث لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، عن انسداد إمكانيّة الهرب من تلك الخيّام الى أماكن سكن أفضل، في ظل الارتفاع الكبير في ايجارات المنازل في البلدات والقرى المجاورة للمخيّم.

إيجارات تتراوح بين 200 إلى 300 دولار، تعجز معظم العائلات المهجّرة عن دفعها، خصوصاً أنّ الغالبيّة لم يحملوا معهم أيّة أموال ولا مقتنيات، وخرجوا فقط بملابسهم وفق ما أكّد أبو مهنّد، بينما المناطق القروية التي من الممكن السكن فيها بأسعار أقلّ تفتقد للأمان، بسبب خضوعها عسكرياً لجهات متعددة.

في ظل كل ذلك، لا يجد اللاجئون الفلسطينيون المهجّرون من مخيّم اليرموك وبلدات جنوب دمشق، إلى مخيّمات الشمال السوري سوى مناشدة الهيئات الفلسطينية الإغاثيّة ووكالة " الأونروا" لتأمينهم سكنيّاً ومعيشيّاً، الى جانب مطالبات للجهات الرسميّة الفلسطينية " منظمة التحرير والسفارة الفلسطينية في انقرة" للضغط على الحكومة التركية من أجل تحسين ظروفهم المعيشيّة والصحيّة.




خاص - بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد