مخيم بلاطة – خاص
 

يُعتبر مُخيّم بلاطة للاجئين الذي يقع في المنطقة الشرقية من نابلس، من أكبر مُخيّمات الضفة المُحتلّة من حيث عدد السكان، حيث تجاوز عددهم (23) ألف لاجئ مُسجّل لدى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، يعيشون على مساحة قرابة ربع كيلو متر مربع، وكثافة سكانية خانقة، انعكست وظروف أخرى على مناحي حياة الأهالي في المُخيّم.

كاميرا "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" تجوّلت في المُخيّم لتستعرض أوضاع ومشاكل يُعاني منها اللاجئون الفلسطينيون في هذه المساحة التي تضيق بهم أكثر فأكثر منذ عام تهجيرهم من بلداتهم الأصليّة وبيوتهم عام 1948.

يقول اللاجئ رائد الخطيب، ابن مُخيّم بلاطة، لـ "بوابة اللاجئين": "بيوتنا بتروح بالطول بتروحش بالعرض، يعني الدار الي فيها 3 أو 4 أطفال بدها تطلع فوق بعض، بيصير فش مساحة بين البيوت، إذا واحد كح بالدار، بالدار الثانية بيقله يرحمكم الله."

ويظهر في التقرير المُصوّر شوارع بين المنازل في المُخيّم لا يتجاوز عرضها المتر الواحد وربما أقل، ما يقضي على خصوصيّة كل عائلة في منزلها، ويحد من القدرة على الحركة، وفي هذا السياق يقول اللاجئ محمد الحاج حمد: "ما في لأي بيت في المُخيّم حياة خاصة، إذا طبخ جارنا أنا بعرف شو طابخ، بعرف كل حركة، إذا الواحد كان في بيته مع زوجته بيكون كثير حريص حتى لو بيحكي معها عشان الحكي ما يطلع، لأنه جاره بيكون بابه ع الباب أو شباكه ع الشباك."

المُخيّم الذي تأسس عام 1950 على مساحة لا تتعدّى ربع كيلو متر مربع، كان يؤوي نحو (8) آلاف لاجئ فلسطيني، وزادوا اليوم (3) أضعاف ليصلوا إلى (23) ألفاً من اللاجئين يتكدّسون في صناديق اسمنتيّة اجتاحت المُخيّم.

يقول جهاد عزت من مُخيّم بلاطة، "المشكلة بالأساس سوء تخطيط للمُخيّمات وتحديد الأبنية وأماكنها، وتراكمت المشكلة عبر سنوات وجود السكان داخل المُخيّمات، وبالتحديد مُخيّم بلاطة."

وتابع عزت "نجد أنّ مُخيّم بلاطة من أكثر المُخيّمات كثافة سكانية، وكذلك الأبنية، كونه واقع على مساحة محصورة من سنة 1948 على 250 دونم، كان يقطن فيها عدد هائل من السكان وتراكم وزاد مع الوقت."

ويتحدث اللاجئ محمد الحاج حمد عن مُعاناة أهالي المُخيّم بسبب ضيق الشوارع، قائلاً: "عنا حارة بالمُخيّم، بنضطر نطلع المتوفي في بطانيّة عشان نقدر نوصل فيه للشارع، فيك تتخيل عشان نحطه بالنعش هذا عشان نروح فيه على المقبرة لدفنه؟ لكن يمكن هذا المشهد ما بتشوفه بمكان بالعالم إلا عنا، أكيد في مُخيّمات كثير لكن بلاطة من أكثر المُخيّمات اكتظاظ."

وتُشير سجلّات وكالة الغوث إلى ارتفاع نسب البطالة في مُخيّم بلاطة، حيث تصل إلى (25) بالمائة، علماً بأنّ نحو (20) بالمائة من سكان المُخيّم أعمارهم بين (15-24) عاماً، وما نسبته (35) بالمائة أعمارهم (25-60) عاماً، وهي الأعمار الفتيّة والشابة والمرتبطة بالتعليم والإنتاج وسوق العمل ومستقبل العائلات في المُخيّم، وتتأثر نسبة البطالة بسبب الظروف التي يُعاني منها المُخيّم والإهمال الذي يتعرّض له، بالإضافة إلى عدم إمكانيّة الوصول إلى سوق العمل داخل الأراضي المُحتلّة عام 1948.

وبجملة الأزمات التي يُعاني منها أهالي مُخيّم بلاطة، هناك شبكة المياه والمجاري والبُنية التحتيّة السيئة، والمدارس المُكتظّة، حيث تتوزع في المُخيّم (4) مدارس فقط تابعة لوكالة الغوث، ومركز توزيع أغذية واحد، بالإضافة إلى مركز صحي واحد يتبع لـ "أونروا"، ومركز إعادة تأهيل مجتمعي واحد، ومركزين للأطفال، ومركز واحد للبرامج النسائيّة، بالإضافة لانعدام مساحات اللعب للأطفال ومشاكل التسرّب من المدارس وغيرها من المشاكل.

ولم تتوقّف مُعاناة أهالي المُخيّم عند هذا الحد، حيث شهد مُخيّم بلاطة خلال سنوات انتفاضة الأقصى "الانتفاضة الثانية" استهدافاً شديداً من قِبل جيش الاحتلال، وتعرّض خلالها لاجتياحات واسعة واستهداف لأبنائه.

وفي شباط/فبراير عام 2002 شنّ جيش الاحتلال عمليّة عسكرية واسعة على مُخيّم بلاطة، تعرّض خلالها لاستهدافٍ جوّي من طيران الاحتلال، وآخر على الأرض بالقذائف المدفعيّة والرشاشات الثقيلة والمتوسطة من قِبل قوات الاحتلال، بهدف تصفية المُقاومة في المُخيّم الذي كان يُطلق عليه "رأس الحيّة" و"عش الدبابير" آنذاك، وامتدت المواجهة لنحو (10) أيام قبل اقتحام المُخيّم الذي استمر لنحو (12) يوماً تخلّله اقتحامات شرسة لمنازل الأهالي بالجنود والكلاب البوليسيّة أدى إلى سقوط العديد من الشهداء والجرحى الفلسطينيين، وتدمير المُخيّم.

ما مثّله مُخيّم بلاطة خلال الانتفاضة الثانية وما سبقها من أحداث ومواجهة مُباشرة مع الاحتلال ومستوطنيه وحتى مع السلطة الفلسطينيّة، دفع لتصفية حالة المُقاومة داخل المُخيّم وإهماله وتهميشه، ما ضاعف مُعاناة الأهالي، وزاد على ذلك مُحاولات استغلال بعض الجهات لأوضاع أبناء وعائلات المُخيّم، في خلافاتها وغاياتها، حيث شهد المُخيّم خلال السنوات الماضية مُواجهة مُسلّحة مع الأجهزة الأمنيّة التابعة للسلطة التي ترى في الكثير من أهله "خارجين عن القانون"، وتتجدّد مُحاولات الأجهزة الأمنيّة لفرض سيطرتها على المُخيّم من وقت لآخر.

ويرى اللاجئون في مُخيّم بلاطة أنّ لا حل لهذه الأزمات إلا بالخروج من المُخيّم والعودة إلى بلداتهم الأصليّة التي احتلّها الكيان الصهيوني عام 1948، وفي هذا السياق يقول اللاجئ إبراهيم جبر "بيت أو قصر أو شو ما كان، ما بيحللنا أي مشكلة، احنا متمسكين بأراضينا وحق العودة، ومُستحيل نقبل إلا ببيوتنا وأراضينا وغير هيك ما في حل."

 

شاهد الفيديو
 

 
خاص

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد