ميرنا حامد – لبنان
 

73% من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان يعيشون فقراً مدقعاً، و 65% يعانون من البطالة ونقص الفرص، هي أرقام حذرت منها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في تقاريرها الأخيرة قبيل انفجار الأوضاع المعيشية اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، والتي تزداد صعوبة يوماً بعد يوم بفعل عوامل اجتماعية واقتصادية عدة.

وما يزيد الطين بلة هو القوانين السياسية المجحفة التي سنتها الحكومات اللبنانية المتعاقبة بحق اللاجئين الفلسطينيين، والتي تصب في حرمانهم من أبسط حقوقهم الإنسانية والاجتماعية، وآخرها إجراءات وزير العمل المستقيل "كميل أبو سليمان" وعدم استثنائه الفلسطينيين من "حملة مكافحة العمالة الأجنبية"، الأمر الذي شكل حالة غضب في المخيمات على مدى شهرين متتاليين.
 

مخيمات الشتات تتأثر بأوضاع لبنان

 الحالة الأمنية للجوار اللبناني الذي يتعرض بين فترة وأخرى إلى خضات سياسية وأمنية ترسخ حالة من الذعر والترقب لما ستؤول إليه الأمور على كافة الأراضي اللبنانية، وترخي بظلالها على الحياة اليومية لمخيمات الشتات التي تنأى بنفسها دوماً عن الدخول والمشاركة في أي سجال سياسي بين الأفرقاء اللبنانيين.

ومؤخراً، شكلت التظاهرات الشعبية اللبنانية حالة شلل في البلاد،  مطالبة بإقصاء الطبقة السياسية، التي يصفونها بأنها "فاسدة" بعدما أوصلت لبنان إلى مرحلة الانهيار الاقتصادي. فدخل الإضراب الشامل في كافة المرافق والمؤسسات الحكومية والتعليمية والاقتصادية أسبوعه الثالث، وواصل المتظاهرون إغلاق الطرق الرئيسية ومنع المواطنين من العبور أحياناً، ودعوتهم إلى النزول إلى ساحات الاعتصام.  

هذه المظاهر الاحتجاجية وما سبقها من ركود اقتصادي  أدت إلى ارتفاع نسبة البطالة لدى الفلسطينيين واللبنانيين سوياً، بخاصة أولئك الذين يعملون مياومين، فلم يعد لديهم أي دخل يؤمن لهم ولأسرهم حياة معيشية كريمة.

 

70% معدل البطالة في مخيم المية ومية

وفي هذا الإطار، قال أبو فادي شراف عضو اللجنة الشعبية في مخيم المية ومية لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" إن "شعبنا يعاني من نسبة بطالة مرتفعة، وغالبية اللاجئين يعملون في الباطون والبناء وغيرها من المهن".

وأضاف شراف: "بالإجمال هناك حالة ركود اقتصادي في لبنان ككل. وتتراوح حالة  البطالة حالياً في مخيم المية ومية بين 60 و 70%، بحيث ازدادت بعد قرار وزير العمل اللبناني"، معتبراً أن "لا حل لهذه البطالة بدون تحسين وضع الأشغال في لبنان بشكل عام".

بدوره، قال اللاجئ الفلسطيني  حسين حسنين من مخيم المية ومية، وهو يعمل في البناء: "من قلة العمل اضررت للبقاء في المنزل ومر على هذا الحال ثلاث سنوات، أعيش أنا وعائلتي فقط من المدخول الذي أتلقاه من منظمة التحرير الفلسطينية، وهو لا يكفي لشيء لكننا نمشي الحال فيه".

أما اللاجئ الفلسطيني سمير مزيان من مخيم المية ومية فقال: "مهنتي الأساسية هي الدهان، لكن لا يوجد أشغال بشكل عام. مهنتي الأساسية نسيتها  لأنني أعمل في أي شيء أجده لكي أعيش أنا وعائلتي".
 

دكاكين "الإكسبرس" وسيلة للعيش بكرامة

وفي الأونة الأخيرة، انتشرت ظاهرة بيع المشروبات الساخنة أو ما يعرف بـ "دكاكين الإكسبرس" في الشوارع الرئيسية والساحات العامة اللبنانية، وفي مخيمات اللاجئين الفلسطينيين أيضاً.

ويلجأ الكثير من الشبان لبنانيين كانوا أم فلسطينيين لمزاولة هذه المهنة البسيطة، كمصدر للرزق في ظل صعوبة الأوضاع المعيشية والاقتصادية في لبنان بعامة، ومخيمات الشتات بخاصة، فضلاً عن عدم توفر فرص عمل في صفوف الشبان.

اللاجئ محمود شبلي من مخيم المية ومية كان يعمل أساساً في مهنة البلاط، لكن بسبب الركود الاقتصادي في لبنان خفت وتيرة العمل، واستغنى ربّ العمل عن خدماته، فاضطر إلى أن يفتح "دكان إكسبرس" صغير ليعتاش منه ويؤمن مصروفه الشخصي.

وفي حديثه لموقعنا، اعتبر شبلي أن "قرار وزير العمل كميل أبو سليمان زاد الطين بلة. فحالة المخيمات صعبة جداً والناس تعيش على قد الحال، بخاصة جراء الخضات الأمنية التي عصفت ببعض المخيمات ودمرت أحياء وبيوت بالكامل".

جامعيون عاطلون عن العمل

في لبنان لا يكفي أن تكون خريجاً جامعياً لتلقى فرص عمل، فاللاجئ خالد أبو الحسن من مخيم عين الحلوة، هو خريج محاسبة ومدرب إسعاف أولي لكن البطالة المتفشية في لبنان وغياب فرص العمل كانت فوق إرادته، فاضطر لأن يكون عاملاً في محل "إكسبرس".

ويقول أبو الحسن لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين": "الأشغال قليلة والأوضاع في لبنان صعبة على الفلسطيني واللبناني بظل الأوضاع الراهنة حالياً، لذا لا بديل لدي لأنني لا أستطيع أن أعمل في مهنتي التي درستها".

وتابع أبو الحسن: "المدخول الذي أتلقاه لا يؤمن إلا مصروف الأكل والدخان"، مناشداً "القيادة السياسية الفلسطينية بمطالبة السلطات اللبنانية بتأمين أشغال للفلسطينيين الذين يعيشون في لبنان منذ 71 عاماً".  

تجدر الإشارة إلى أن "دكاكين النسكافيه" هي واحدة من مهن مشابهة بسيطة يجبر الشبان على مزاولتها كي يؤمنون قوت عيشهم ولا يمدون يد العوز لأحدّ. ومن هذه المهن: بيع الكعك والفول والترمس على العربات، بيع الحلوى والمكسرات على البسطات.

 

شاهد التقرير
 

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد