مقتبسة من ورقة بحثية بعنوان "القطاع الصحي في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين بلبنان في ظل أزمة كورونا" 


تصاعدت التخوفات في المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان   على اعتبار أن أي تفش للفيروس فيها سيكون كارثياً، في ظل الاكتظاظ السكاني الهائل، وبنية صحية بالكاد تغطي الحاجات الأساسية للاجئين.

وفور الإعلان الرسمي عن أول حالة مصابة بفيروس "كورونا" في لبنان شكلت "أونروا" غرفة طوارئ للتنسيق مع وزارة الصحة اللبنانية ومنظمة الصحة العالمية. وأطلق المفوض العام بالإنابة للوكالة كريستيان ساندورز نداء لجمع 14 مليون دولار لتعزيز إمكانياتها في التعامل مع انتشار "كورونا"[1] في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين بمناطق عملها الخمس، وهو ما يراه الكثير من المتابعين غير كافي.

وفي سبيل تنفيذ خطة صحية شاملة، اتفقت "أونروا" ومختلف الفصائل والقوى الفلسطينية والجمعيات الطبية واللجان الشعبية، على تشكيل خلية أزمة، ترأسها الوكالة الأممية، بهدف التعاون وتوحيد الجهود بهدف حماية المخيمات من الفيروس وفرض الإجراءات الوقائية عليها[2].

كما أكدت أنها ستتكفل بالفحوصات، وبعلاج أي حالة فلسطينية تصاب بالفيروس.

لكن اللافت، أنه على الرغم من تشكيل اللجنة، فقد عمل الدفاع المدني الفلسطيني وعدد من المراكز الطبية الخاصة في الكثير من المخيمات والتجمعات الفلسطينية على تعقيم الطرقات والمحلات[3]، وانتشرت مبادرة فردية وجماعية توعوية وحملات إغاثية بجهود أهالي المخيمات.

وفيما يتعلق بعمل اللجنة المشكلة برئاسة "أونروا"، فقد دعت الأهالي إلى الالتزام بمنازلهم وعدم الخروج إلى في حالات الضرورة القصوى، إلى جانب نشر الإرشادات التوعوية في المخيمات وعبر وسائل التواصل الاجتماعي.

وحتى كتابة هذه الورقة، تم تسجيل أول إصابة في المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان، ولكن "أونروا" لا تزال تعمل على تجهيز مركز عزل في سبلين دون تحديد موعد لشروعه بالعمل، إلى جانب زيارة قام بها ممثلون عن الوكالة إلى مدرسة السموع داخل مخيم عين الحلوة، لبحث إمكانية استخدامها كمركز آخر للعزل في حال دعت الحاجة[4]. وبالتعاون مع جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، ومنظمة "أطباء بلا حدود"، أعلن مستشفى الهمشري في مدينة صيدا أن فحص فيروس "كورونا" بات متاحاً في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني[5].

ويؤخذ على الوكالة عدم إنهائها العمل بمركز العزل في سبلين، وعدم تحديد مراكز للحجر الصحي داخل المخيمات الفلسطينية، وهو ما أكده وزير الصحة اللبناني، حمد حسن، في زيارته إلى مستشفى صور الحكومي في مخيم البص، إذ أكد بصريح العبارة أن وزارته لم تلمس أي إجراء ميداني عملي، لكل المؤسسات الدولية الداعمة للاجئين الفلسطينيين  والسوريين، معتبراً أن هناك "تأخراً وعدم جدية في الإجراءات لحفظ الإنسان الفلسطيني والسوري، خاصة ضمن تحدي فيروس كورونا  [6]".

كما أعلنت "أونروا" عن إجراءات وقائية لعمل العيادات، وذلك عبر توصيل الأدوية إلى المنازل وإنهاء المعاملات عبر تطبيق "واتس آب"  وفيما يتعلق بالمدارس التابعة للوكالة في لبنان، فقد أعلنت إدارة "أونروا" إغلاقها، ويحسب لها اتباع نظام التعليم عن بعد[7]، ونجاحها في تطبيقه إلى حد كبير.

أما جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، فقد عاونت "أونروا" في حملات التوعية ونشر سبل الوقاية، وشاركت في لجنة الطوارئ برئاسة "أونروا" تحت عنوانين أساسيين: نشر وسائل الوقاية وتأمين العلاج المجاني لأي فلسطيني يصاب بالعدوى[8].

داخل مستشفيات ومراكز الجمعية، تم الإعلان عن حالة طوارئ  فجهزت غرف عزل على مداخل المستشفيات للحالات التي تحمل عوارض "كورونا"، وتم تدريب الطواقم الطبية على التعامل معها وعلى حماية أنفسهم أيضأً، حتى يتم نقل المرضى إلى مستشفى بيروت الحكومي عبر الصليب الأحمر اللبناني[9].

بين الواقع المعيشي والإجراءات الوقائية من "كورونا"

على الرغم من عدم الرضا التام عن الإجراءات التي قامت بها "أونروا" صحياً تجاه خطر تفشي فيروس "كورونا"، إلا أن الأزمة المعيشية فرضت نفسها على تلك الإجراءات.

المناشدات والصرخات عمّت مختلف المخيمات والتجمعات الفلسطينية، وإن كان صداها الاقوى من الشمال، وتحديداً من مخيم نهر البارد، الذي صرخ أهله: "الموت بالمرض أشرف من الموت جوعاً"[10].

 

بل إن بعض التقديرات تشير إلى أن ما يقارب 90 من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان باتوا بلا عمل[11].

ومع هذه المناشدات، أعدت "أونروا" خطة لتوزيع مساعدات للاجئين الفلسطينيين الأكثر فقراً، ما لاقى رفضاً فلسطينياً موحداً، على اعتبار أن الجميع متأثر بشكل كبير بالأزمة الراهنة، حتى إن الخلافات بين "أونروا" ومختلف الأطراف الفلسطينية حيال هذه النقطة تحديداً، أدى إلى تراجع الوكالة عن الخطة وطلبها  مزيداً من الوقت لحين تأمين مساعدات لجميع اللاجئين.[12]

وفي هذا الصدد، قال المفوض العام لـ "أونروا"، فيليب لازاريني، إن الوكالة تخطط لإطلاق نداء استغاثة للبنان تشمل اللاجئين الفلسطينيين لتغطية حاجاتهم الاقتصادية الأساسية[13].

وعلى الرغم من أن ظاهر أزمة "كورونا" صحي، لكن امتداداته طالت الجانب المعيشي بشكل مباشر، ويؤخذ على "أونروا"، عدم استجابتها السريعة لهذا الشق، تحديداً وأن بوادر الأزمة المعيشية بدأت منذ أشهر، ومناشدات اللاجئين الفلسطينيين لم تهدأ، إلا أن الوكالة لم تلق لها أي آذان صاغية.

 

[1]  الأونروا تطلق نداء لجمع 14 مليون دولار لتعزيز إمكانياتها في التعامل مع انتشار فيروس كورونا، موقع أخبار الأمم المتحدة، 20 آذار/مارس 2020: https://news.un.org/ar/story/2020/03/1051702.

 

[2]  اتفاق فصائلي على تشكيل لجنة برئاسة " أونروا" لمواجهة "كورونا" في مخيمات لبنان، موقع "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، 16 آذار/مارس 2020: https://refugeesps.net/posts/13418.

[4]  ماذا تضمن الاجتماع الخامس للجنة الصحية برئاسة "أونروا" في لبنان؟، موقع "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، 18 نيسان/أبريل 2020: https://refugeesps.net/posts/13788.

[5]    مستشفى الهمشري في صيدا يبدأ بإجراء فحوصات "كورونا" غداً ، موقع "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، 7 نيسان/ابريل 2020: https://refugeesps.net/posts/13662.

[6]  سياسيون فلسطينيون: تصريحات وزيرة الصحة اللبناني تؤكد تخلي الأونروا عن اللاجئين، وكالة قدس برس للأنباء، 12 نيسان/أبريل 2020: http://qudspress.com/index.php?page=show&id=60371.

[7]  الأونروا تقر نظام التعليم عن بعد في لبنان، موقع "الغد"، 9 نيسان/أبريل 2020: https://www.alghad.tv/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%86%D8%B1%D9%88%D8%A7-%D8%AA%D9%82%D8%B1-%D9%86%D8%B8%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%85-%D8%B9%D9%86-%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D9%81%D9%8A-%D9%84%D8%A8%D9%86/.

"أونروا" في لبنان تواصل برنامج التعلم عن بعد في ظل الحجر المنزلي، موقع "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، 12 نيسان/أبريل 2020: https://refugeesps.net/posts/13723.

 

[8]  مقابلة هاتفية مع مسؤول الإعلام في الهلال الأحمر الفلسطيني، الدكتور عماد الحلاق، في 8 نيسان/أبريل 2020.

[9]  المصدر السابق.

[10]  مخيم نهر البارد بعد شهر على أزمة "كورونا": "الموت بالمرض أشرف من الموت جوعاً"، موقع "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، 25 آذار/مارس 2020: https://refugeesps.net/posts/13520.

[11]  منظمة حقوقية تطالب الأمم المتحدة بتقديم مبالغ مالية عاجلة لمساعدة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، موقع "المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان" (شاهد)، 18 نيسان/ابريل 2020.

[12]  توتر في العلاقة بين "القوى الفلسطينية" و"الاونروا" بسبب تقصيرها بمواجهة فيروس الكورونا، موقع النشرة، 14 نيسان/ابريل 2020.

[13]  مفوض «أونروا» لـ«الشرق الأوسط»: دورنا ضروري في غياب الحل السياسي، صحيفة الشرق الأوسط، 17 نيسان/أبريل 2020.

 

خاص

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد