اسطنبول _ خاص 

انتهت اليوم الأربعاء 30 تشرين الأوّل/ أكتوبر المهلة الممنوحة من قبل وزارة الداخلية التركية للاجئين غير المسجّلين في مدينة إسطنبول لمغادرتها والعودة إلى الولايات التي سجّلوا فيها منذ وصولهم إلى البلاد، ما يهدد المئات من اللاجئين الفلسطينيين السوريين والذين لم يتمكنّوا من تسوية أوضاعهم خارج اسطنبول، بالترحيل القسري إلى سوريا بشكل جماعي.

وكانت السلطات التركيّة قد مددت المهلة الزمنية التي منحتها للاجئين  السوريين والفلسطينيين السوريين غير المسجّلين في ولاية إسطنبول لمغادرتها حتّى نهاية الشهر الجاري، بعد أن كانت مقررة يوم 20 آب/ أغسطس المنصرم، تحت طائلة ترحيلهم إلى سوريا.

حال دفع باللاجئين الفلسطينيين المهجّرين من سوريا والمقيمين في إسطنبول، إلى مناشدة سفارة السلطة الفلسطينية في انقرة وقنصليتها في إسطنبول، من أجل التدخل لدى السلطات التركية وتحصيل استثناءات للاجئين الفلسطينيين من حملة وثيقة السفر، والذين تضعهم السلطات التركية في ذات الخانة مع اللاجئين السوريين.

السفارة بدورها، حاولت في آب/ أغسطس الفائت، بذل جهود لدى السلطات التركيّة من أجل تسوية أوضاع اللاجئين الفلسطينيين، وهو ما صرّح به السفير فائد مصطفى لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين" حينها قائلاً :" إنّ  السفارة ستواصل عملها بهذا الخصوص مع الجهات الرسمية المسؤولة عن هذا الملف، ولن تتوقف سواءً في إسطنبول أو في أنقرة، وتسعى لطرق كل الأبواب وبذل كل جهد ممكن من أجل تسوية وضعهم القانوني والتخفيف من معاناتهم، ومعالجة الوضع القانوني لهم في تركيا".

رد جديد مخيب للآمال

ويتعذّر على اللاجئين الفلسطينيين الذين قصدوا تركيّا مؤخّراً هرباً من ظروف الحرب في سوريا ويعيشون في مدينة إسطنبول، من الحصول على بطاقة "الكملك" من المدينة بسبب وقف سلطاتها منحها للاجئين بموجب قرار صادر عنها، ، فضلاً عن أنّ من حصلوا على البطاقة المذكورة من ولايات أخرى، يصعب عليهم العودة إليها لأسباب معيشيّة.

 

وقبل أن تشرف المهلة الممددة على نهايتها، تواصل " بوابة اللاجئين الفلسطينيين" مع القنصليّة الفلسطينية في إسطنبول، للاستفسار حول آخر ما توصلت إليه جهود السفارة مع السلطات التركية  من أجل تسوية أوضاع فلسطينيي سوريا في تركيا، ومنع ترحيلهم القسري إلى سوريا واقتصر الرد من قبلها: " يمكن مراجعة إدارات الهجرة للحصول على بطاقة الحماية المؤقتة في جميع المحافظات ما عدا محافظات انطاليا، ايدن، بورصة، جاناككالة، دوزجة، أدرنة، هاتاي، اسطنبول، ازمير، كركلارايلي، كوجالي، موغلا، سكاريا، تكرداغ، يالوفا".

ردّ يعتبره اللاجئون الفلسطينيون مخيّباً للآمال، حيث بدا وكأنّه تعميم صادر عن إدارة الهجرة والجوازات التركيّة التي تطبّق قانون بلادها على اللاجئين، ذلك القانون الذي يمثّل أساس المشكلة للاجئين الفلسطينيين بشكل خاص، والذين قصدوا سفارة السلطة الفلسطينية علّها تعمل على تحصيل استثناء لهم، لا سيّما أن أعدادهم لا تتعدّى المئات، ويمكن النظر بخصوصيّة أوضاعهم واستثنائيتها، مقارنة ببقيّة اللاجئين على الأراضي التركيّة.

لماذا هو ردّ مخيّب للآمال؟

لوكان بمقدور اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في تركيا، مراجعة الولايات التي تمنحهم أوراق الحماية المؤقتّة " الكملك" أو العودة للسكن في الولايات التي منحتهم إياها منذ وصولهم إلى تركيا، لكانت الأمور بخير، وفق تعقيب لاجئ مقيم في تركيا تواصل معه "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" بخصوص ردّ السفارة.

ولعلّ بعض الشهادات التي وثّقها موقعنا خلال الأسابيع الفائتة التي زامنت الجدل القانوني والقرارات الجديدة الصادرة عن الداخلية التركيّة، توضّح المشهد العام الذي يعيشه فلسطينيو سوريا في تركيّا في ظل الأوضاع المعيشيّة والقانونية التي يعانون منها، وتحول دون استطاعتهم المثول للحلول القانونية التي أعادت السفارة تعميمها عليهم.

محمد محمود، وهو لاجئ فلسطيني سوري يقيم في إسطنبول متزوج وله طفلان، حاصل على بطالة "الكيملك" من ولاية هاتاي، واضطّر لقصد إسطنبول لغرض العمل حيث تنعدم فرصه في الولاية التي كان فيها، ومنذ بدء الحملة، اضطرّ لالتزام بيته تجنّباً لاعتقاله وترحيله، في حين تمثّل له العودة إلى هاتاي مرادفاً للبطالة والجوع، ويعيش اليوم هاجس ترحيله إلى سوريا.

 صافي عبد الله، حالة أخرى وثّقتها "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" والذي يتجرع الأمرين بسبب عدم امتلاك بطاقة حماية أصلاً، حيث إنه دخل نهاية العام 2018 إلى الأراضي التركية، ولم يستطيع تحصيل بطاقة  "كملك" بسبب إيقاف إدارة هجرة الأجانب منح بطاقات الحماية في عدة ولايات من بينها إسطنبول، ويقول صافي: "لقد عجزت عن تحصيل البطاقة و أخبروني أنه يجب عليّ الذهاب إلى مدينة بورصة لاستصدار كمليك من هناك.

 وتبعد بورصة عن مدينة إسطنبول حوالي 3 ساعات بالسيارة وفق صافي، الذي أوضح أنّه يتعيّن على اللاجئ أخذ موعد مسبق عن طريق السماسرة بتكلفة 500 ليرة على العائلة، كما أن السيارة تأخذ ذات المبلغ تقريباً كأجرة نقل  إلى بورصة، وهو ما يعجز جميع اللاجئين عن توفيره لأسبب معيشيّة خانقة.

الجدير بالإشارة، أن أغلب اللاجئين الفلسطينيين السوريين في تركيا، هم من المهجّرين قسراً من مخيمي خان الشيح واليرموك، والذي تعتبر إعادتهم إلى سوريا بمثابة انتهاك لحق اللاجئ بالحماية، لا سيما أنّ معظمهم قد فرّوا من البلاد بعد تهجيرهم قسراً إلى الشمال السوري، حيث يعاني المهجّرون من أوضاع إنسانية وخدمية وإيوائيّة مزرية، فضلاً عن أوضاع أمنية غير مستقرة، ما يعني أنّ إعادتهم إلى الشمال السوري تساوي إعادتهم إلى جحيم قد يعرضهم بشكل فعلي إلى الموت.

 يذكر أن أعداد اللاجئين الفلسطينيين السوريين في تركيا يبلغ حوالي 2400 عائلة فلسطينية مسجلة، وموزعة على كل الأراضي التركية في الوسط والجنوب،  يعيش نحو 1200 عائلة منهم في إسطنبول، تمتلك 500 عائلة منها  وثائق الحماية المؤقتة صادرة عن مدينة إسطنبول و400 عائلة منهم لا تمتلك أوراق الحماية المؤقتة "الكملك"، في حين يتجاوز عدد العائلات الحاصلة على تلك الأوراق من ولايات أخرى الـ 300 عائلة وفق تقديرات غير رسميّة حصلت عليها " بوابة اللاجئين الفلسطينيين".

 

خاص - بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد