معاناة أهالي حي الطيرة تتفاقم في فصل الشتاء بسبب تباطؤ "الأونروا" بإعادة إعمار منازلهم

الإثنين 29 يناير 2018
حي الطيرة بمخيم عين الحلوة
حي الطيرة بمخيم عين الحلوة

لبنان - بوابة اللاجئين الفلسطينيين

زينب زيّون

شهد مخيّم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين جنوبي لبنان، خلال شهري نيسان وآب الماضيَين، اشتباكات عنيفة دارت بين جماعات إرهابية متطرّفة من جهة وقوات الأمن الوطني الفلسطيني من جهة أخرى، ما أدّى إلى سقوط قتلى وجرحى، وتضرُّر عدد كبير من المنازل والمحال التجارية الكائنة في حي الطيرة والأحياء المجاورة له، فاضطرت معظم العائلات إلى ترك منازلها والنزوح إلى منطقة صيدا، هرباً من وطأة المعركة. 

فريق "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" جال في حي الطيرة والتقى عدداً من أهالي الحي، وعمل على رصد معاناتهم، تلك المعاناة التي تفاقمت إثر انخفاض درجات الحرارة بشكل ملحوظ، وبسبب تباطؤ "الأونروا" في إعادة إعمار منازلهم التي دُمرت، هذا الملف الذي تأخر البت فيه، رغم توافر الأموال اللازمة للإعمار والترميم، لدى "الأونروا"، بفعل الهبة التي قدّمتها الحكومة اليابانية، بقيمة 3 مليون دولار أميركي، للبدء بإعمار الأحياء المتضررة جزئياً أو كلياً.

علامات الأسى والحزن البادية على وجوه أهالي حي الطيرة، كانت كفيلة بالتعبير عن حجم الخسائر التي لحقت بممتلكاتهم. فقالت هدى مرهجي، التي دُمّر منزلها: "شوفوا مش حرام هيدا الشي؟ خليها على الله يا بنتي، بيوتنا تدمّرت، وأرزاقنا نُهبت وأغراضنا احترقت، كأن ما كان كافينا الفقر والتعتير اللي عايشين فيه داخل المخيّم".

وتابعت مرهجي أنّهم تلقوا وعوداً من وكالة "الأونروا"، التي زارت الحي وأجرت مسحاً وكشفت على المنازل المتضررة، لكنّ هذه الوعود لم يتحقّق منها شيء حتى الآن.

أمّا لطيفة موسى، التي نزحت عائلتها إلى مدينة صيدا بعد اشتداد المعركة الأخيرة، في شهر آب الماضي، فقالت: "عندما انتهت الاشتباكات، عدت لأتفقّد منزلي وما حلّ به، فرأيتُ الأبواب مفتوحة على مصراعيها، والشبابيك مكسورة، والجدران ماتزال شاهدة على حدّة المعركة التي كانت دائرة حينها، فالرصاص مايزال بداخلها".

"مرار وعذاب لحق بنا"، بهذه العبارة وصفت لطيفة الحياة التي تعيشها العائلات التي فقدت منازلها إبّان المعركة، مشيرة إلى أنّ "وكالة "الأونروا" زارت حي الطيرة وأجرت مسحاً لمعرفة حجم الأضرار التي لحقت بكل منزل، ووعدت بالتعويض علينا بأقرب وقت ممكن، وها هو فصل الشتاء يطلّ علينا، ببرده القارس، وما في بإيدنا حيلة".

بدوره، وجّه أمين سرّ حي الطيرة ناصر عبد الغني، رسالة للقيّمين على مشروع إعادة الإعمار، عبر "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، قال فيها: "إلى الذين تسلّموا الأموال المخصصة لإعمار المنازل، أسرعوا بإعمارها، كفانا تأخير، فالمنازل غير صالحة للسكن والعائلات لم تعد تحتمل المماطلة".  

من جهته، قال مدير مكتب "الأونروا" في منطقة صيدا الدكتور ابراهيم الخطيب لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، إنّ "كثيرين تابعوا الأحداث الأليمة التي شهدها مخيّم عين الحلوة خلال شهريّ نيسان وآب الماضيَين، والتي خلّفت أضراراً فادحة في البيوت والبنى التحتية". مشيراً إلى التعاون الذي جمع الوكالة بمؤسسة نبع، وتقاسم العمل لإعادة إعمار وترميم المنازل المتضررة في حي الطيرة وجواره، حيث تأخذ "الأونروا" على عاتقها إعادة إعمار المنازل التي دُمرت بشكل جزئي أو كلّي، ويقع على عاتق جمعية نبع ترميم المنازل التي تُعاني من أضرار بسيطة.

وعن التأخّر بالعمل والتباطؤ بإعادة الإعمار، قال الخطيب إنّ "التأخير ناتج عن أمور لوجستية، كما تقدمت "الأونروا" بالطلب من الدولة اللبنانية، منذ حوالي عشرة أيام، الحصول على تصريح لإدخال مواد البناء والمباشرة بإعمار أوّل مجموعة من المنازل، حوالي 54 منزل، ونحن بانتظار الرد، علماً أنّنا تلقينا وعوداً منهم بتسهيل عملنا وبالتالي تسهيل عملية إدخال مواد البناء إلى داخل المخيّم". 

وأشار الخطيب إلى أنّه "ومع انتهاء المعارك في نيسان الماضي، زار المدير العام لـ "الأونروا" مخيّم عين الحلوة، ووعد بالعمل على تقديم المساعدات للأهالي الذين تضررت منازلهم، ليستطيعوا العودة إليها، لكن مشكلة الحصول على أموال من المانحين باتت تشكل مشكلة، لأنّ هؤلاء تخوّفوا من أن تتكرر اشتباكات نيسان، إلا أن فريق الهندسة التابع للوكالة عمل على مسح الأضرار، وقدّمت "الأونروا" مساعدات للذين تضررت منازلهم، دون إعمار تلك المنازل، لتعود الاشتباكات وتتجدد في شهر آب، وتتوسّع رقعة الأضرار وتشمل حي الطيرة والأحياء المجاورة له".

وبالنسبة لعدد المنازل المتضررة، أكد الخطيب أنّه "عقب انتهاء اشتباكات آب، قام فريق الهندسة، المؤلف من جمعية نبع والمجلس النرويجي للاجئين وفريق من "الأونروا"، بمسح للأضرار التي خلفتها تلك الاشتباكات، وخلص بالنتيجة التالية: 936 منزل متضرر، بينها 756 منزل صنّف ضمن فئة الأضرار البسيطة والبسيطة جداً، والنسبة المتبقية تمثل المنازل المدمرة بشكل كلّي أو جزئي، وغير الصالحة للسكن". مؤكداً على أنّ الأضرار الجسيمة لحقت بمنازل حي الطيرة، حيث دارت المعارك، أما الأضرار البسيطة فتواجدت بالأحياء المجاورة له، أي في السمارية، الرأس الأحمر، الصحون، المنشية، وطيطبا.

وبالنسبة للعائلات التي نزحت من منازلها، قال الخطيب "في آب، 24 عائلة من أصل 396 عائلة بقيت تقطن بحي الطيرة، ورغم انتهاء المعركة إلا أن حوالي 60% من أهالي الحي لم يعودوا إليه، إما بسبب قلقهم أو بسبب الدمار الذي ألحق بالممتلكات، وفي الأحياء المجاورة للطيرة خرجت بعض العائلات لفترة وجيزة وهي الآن في منازلها، وسعت "الأونروا" إلى إغاثة أكبر عدد ممكن من الناس الذين تضررت بيوتهم في الطيرة وخارجها، بعد حصولها على مبلغ من مكتب الاتحاد الأوروبي للشؤون الإنسانية والحماية، يقدر بـ 500 ألف دولار أميركي، وزع على العائلات الأكثر حاجة، فكانت الأولوية لأهالي حي الطيرة، مما خلق ردود فعل من قبل الأهالي لعدم حصولهم جميعاً على المساعدات، وبدأ الكلام عن المحسوبيات".

وعن الخطوات التي ينوي انجازها، أشار الخطيب إلى أن "لجنة طعون تشكّلت، بإدارة جمعية نبع، وبمشاركة من "الأونروا" وأعضاء من اللجان الشعبية ولجان الأحياء في المخيّم، مستعدة لتلقي شكاوى الأهالي الذين دمرت منازلهم، وإعادة الكشف على أضرار منازلهم مرّة ثانية، لكن ضمن المعيار التي حددته الوكالة، أي وضع حي الطيرة يختلف عن وضع الأحياء المجاورة، وبالتالي يعوّض على أهالي الطيرة بمبلغ يفوق أهالي الأحياء الأخرى". وتابع: "سنتبع مشروع الدعم الذاتي، أي أننا وبعد حصولنا على تصريح بكمية مواد البناء التي ستُستخدم، سنعطي صاحب المنزل دفعة أولى ليبدأ بإعمار منزله، وبعد أن ينجز 40% من العمل، نعطيه الدفعة الثانية لإنجار الإعمار بشكل نهائي، وسيجري العمل بمتابعة من "الأونروا" التي وضعت الخرائط".

واستنكر الخطيب ما تناقلته وسائل الإعلام بأن "الأونروا" حصلت على هبتين لإعمار منازل حي الطيرة وترميمها، مشيراً إلى أنّ "الهبة اليابانية هي الوحيدة المخصصة للإعمار، أما الهبة الأوروبية فهي لتغطية العجز بقسم الصحة والاستشفاء، ولا علاقة لها بالإعمار.

شاهد الفيديو

 

 

خاص - بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد