مهجّرو اليرموك إلى جنوب دمشق في مهبّ مصير سكني مجهول

الخميس 22 نوفمبر 2018
مهجّرو اليرموك إلى جنوب دمشق في مهبّ مصير سكني مجهول
مهجّرو اليرموك إلى جنوب دمشق في مهبّ مصير سكني مجهول
سوريا
الوليد يحيى


قرابة كيلو متر واحد، يفصل شارع بيروت في منطقة يلدا بجنوب دمشق، عن شارع مخيّم اليرموك الرئيسي، وهي المسافة التي تفصل أبو مؤيّد  وعائلته ، المهجرون من اليرموك إلى يلدا، عن أنقاض منزلهم ، الذي كان يأمل بالعودة إليه عقب انتهاء عمليات عسكريّة لطرد تنظيم "داعش" وضعت أوزارها في أيّار/مايو الفائت.

 لكن صورة المخيّم عقب " تحريره"، وضعته أمام حقيقة المواجهة مع حالة غير معلومة النهاية، قوامها القلق وانعدام الأمان الإيوائي، فبأيّ لحظة قد يطرد من المنزل الذي يسكنه في يلدا، كمئات العائلات الفلسطينية التي تسكن المنازل الفارغة في البلدة وفق ما قال لموقع " بوابة اللاجئين الفلسطينيين".

نحو 1700 عائلة من أهالي مخيّم اليرموك للاجئين الفلسطينيين، مازالت تقطن بلدات جنوب دمشق الثلاث " يلدا – ببيلا – بيت سحم" منذ نزوحها عن المخيّم خلال السنوات الفائتة، إمّا بسبب القصف و الحصار الجائر الذي فرضته قوات النظام وحلفاؤه على المخيّم، أو بسبب احتلال تنظيم "داعش" لليرموك عام 2015، وانتهى بدخول السلطات السورية عقب عملية عسكرية مدمرة في أيار/ مايو من العام الجاري.


أبو مؤيد وهو اسم مستعار للاجئ فلسطيني لديه طفلان وزوجة، رفض نشر اسمه الحقيقي خوفاً من ملاحقةٍ قد تسببها  شكواه، أخطرته السلطات البلديّة في يلدا، أنّ عليه مغادرة المنزل الذي يقطنه في حال لم ينظّم عقد إيجار بينه وبين مالكيه، وهو أمر مستحيل في ظل غياب أصحاب المنزل ومغادرتهم البلاد.



إجراءات إدارية تضيّق على المهجرين من اليرموك إلى جنوبي دمشق 

مئات العائلات الفلسطينية من مخيّم اليرموك، لجأت إلى المنازل الفارغة في بلدات جنوب دمشق إبان فترة سيطرة المعارضة السوريّة عليها، بموجب موافقة من المجلس المحلّي وقتذاك، دون أن تُلزم بدفع مستحقات ماليّة، ليتغيّر الواقع عقب استعادة النظام السوري سلطته على البلدات الجنوبيّة، ويفرض إجراءات إداريّة جديدة لا تخلو من الدوافع الأمنيّة، كإعادة ترسيم المنازل والأبنية الفارغة، وتنظيم السكن بعقود رسميّة وأذون أمنيّة، الأمر الذي هدد مئات العائلات بفقدان سكنها.

أبو مؤيد وعائلته، ضحايا مسألة بلا حلّ وفق قوله، فمنذ أيلول/  سبتمبر الفائت، وهو يمدد من أجل بقائه في المنزل الذي يسكنه " ببوس الأيادي" وفق تعبيره، فدوريّات البلديّة لا تكف عن زياراتهم لتخطرهم بضرورة المغادرة، لكنّ توسّلاته بمهلة إضافيّة مازالت تنجح حتّى الآن في إكسابه وقتاً إضافيّاً، فلا مكان بديلاً يرحل إليه، ولا سبيل لنظم عقد إيجار بينه وبين المالكين المقيمين خارج البلاد.

هذا عدا عن أنّ قدراته المعيشيّة لا تخوّله من دفع إيجار إذا ما اضطر لمغادرة المنزل الذي يسكنه بموافقة أصحابه المهاجرين دون مقابل مادي، علماً أن إيجار المنازل يتراوح بين 20 إلى 30 ألف ليرة سوريّة تعجز معظم العائلات الفلسطينية عن تأمينها، خصوصاً أنّ معظم مالكي المنازل يطلبون دفع قيمة إيجار لثلاثة أشهر مقدّماً، في حين يعتمد الفلسطينيون في معيشتهم على المعونات الإغاثيّة والماليّة المقدمّة من قبل " الأونروا" والمنظمات الإغاثيّة بشكل غير ثابت.
أين دور الجهات الرسمية والفلسطينية و"الأونروا"؟ 

لا يرى أبو مؤيد، أي بارقة أمل في أن يحقق أمانه الإيوائي، ويعزّي نفسه بمقولة " ربّك ما بينسى حدا"، فيأسه مردّه، تجاهل الجهات الفلسطينية الرسميّة ووكالة " الأونروا" لواقعه وواقع المئات من أمثاله، وعدم التحرّك بإتجاه حلّ هذه القضيّة، إن كان عبر توفير مراكز إيواء لمن يتركون منازلهم، أو توفير مستحقات بدل إيجار من قبل "الأونروا" التي تمنح معونات ماليّة لا تتضمّن هذا الأمر.

وتمنح وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين " الأونروا" مبلغ معونات ماليّة لفلسطينيي سوريا، يبلغ 20 ألف ليرة سوريّة للفرد في الحالات العاديّة، و15 ألف للأسرة القاطنة في مراكز الإيواء، بموجب 3 دورات ماليّة سنويّاً.

تحديات خدميّة وحياتيّة إضافيّة 

مبلغ بالكاد يكفي متطلبات المعيشة وتأمين الحاجيّات الأساسيّة، فعائلة أبو مؤيّد تضطّر لشراء المياه عبر الصهاريج، نظراً لعدم توفّر المياه في المنطقة، لا سيّما الصالحة للشرب، فتضطر العائلة لإنفاق ما يزيد عن 10 آاف ليرة شهريّاً لقاء حصولها على المياه.

"دُمّر مخيّم اليرموك، فقدنا منازلنا وممتلكاتها، وتركونا نواجه مصيرنا، لا أحد يسأل عنّا، لا فصائل ولا أونروا ويمكن نصفى بالشارع" وفق أبو مؤيّد، فحتّى وكالة " الأونروا" باتت تؤخر صرف المعونات الماليّة، في حين تزداد مخاوف اللاجئين من مغبّة تخفيضها أو قطعها، على ضوء ما يُشاع حول تخفيض قيمة المعونات بحلول نهاية العام نتيجة العجز المالي لدى الوكالة.



مصير سكنيّ بات مجهول يؤرق شريحة واسعة من أبناء مخيّم اليرموك،  فقدت كلّ شيء بتدمير مخيّمها، إذ ليس للاجئ الفلسطيني سوى ما أسسه في مخيّماته، في ظل غياب مردود مادي – بات صعب المنال مع تفاقم البطالة -  يمنحها وطناً في شتاته المُدّمر، أمّا ركام منازلها في مخيم اليرموك، فيتقاذف مصيره قرارات وتأويلات، من غير المعلوم إلامَ ستفضي.
خاص-بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد