برلين ـ «القدس العربي»- من علاء جمعة: تتجه أنظار الألمان والساسة الأوربيين إلى العاصمة الألمانية برلين التي شهدت انخابات أمس الأحد بعد أن صوت الناخبون الألمان لتجديد اختيار حوالي 130 نائبا في البرلمان المدبنة المعروفة بطابعها الليبرالي وبتنوعها وانفتاحها بين 927 مرشحا ينتمون إلى 21 حزبا.
ولم تستبعد التوقعات أن يواجه حزب المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل «الاتحاد الديمقراطي المسيحي» المحافظ ضربة أخرى في الانتخابات في مدينة برلين، حيث تزيد التوترات الناجمة عن أزمة اللاجئين التي تواجهها البلاد من التأييد لحزب «البديل من أجل ألمانيا» المناهض للأجانب الذي من المتوقع أن يحصل على 15٪ من الأصوات في هذه الانتخابات، وهو ما سيعيد حتما تشكيل المشهد السياسي في أكبر مدن ألمانيا. فيما أشارت صحيفة دي فيلت الألمانية عن تأجيل سفر المستشارة الألمانية إلى الولايات المتحدة لانشغالها بانتخابات العاصمة برلين.
وأشارت الاستطلاعات أيضا إلى فرضية أن تسفر الانتخابات عن ائتلاف ثلاثي جديد يضم أيضا «الحزب الديمقراطي الاجتماعي» وحزب «الخضر» و»حزب اليسار الألماني».
ويمكن أن يؤدي تأرجح متوقع في غير صالح حزب ميركل إلى تركه في منافسه حامية الوطيس مع حزب الخضر على المركز الثاني، حيث أظهرت إستطلاعات قامت يها شبكة الأخبار التلفزيونية العامة (تسي دي اف حصول كل منهما على نحو 18٪ من الأصوات. ولكن مسؤولي الاستطلاعات يحذرون أيضا من أنه مع بقاء 40٪ من إجمالي 2.5 مليون ناخب في برلين لم يحسموا أمرهم بعد أو غير متأكدين مما إذا كانوا سوف يدلون بأصواتهم، فإنه من الممكن أن تأتي النتائج مختلفة عن التوقعات. ورجحت استطلاعات للرأي احتفاظ الحزب «الديمقراطي الاجتماعي»، الذي يقوده عمدة برلين ذو الشعبية الكبيرة ميشائل مولر، بمكانته كأكبر الأحزاب في برلمان ولاية المدينة برلين.
واذا تاكدت هذه التوقعات فان التشكيلين الاساسيين اللذين يحكمان ضمن «تحالف كبير» على المستوى الفدرالي سيسجلان اسوا نتيجة انتخابية منذ توحيد البلاد.
ومع ان المحافظين لا يتمتعون سوى بتاثير ضعيف في برلين تقليديا إلا ان تراجعا في الاداء يمكن ان يعقد مهمة ميركل قبل عام على الانتخابات التشريعية في الوقت الذي يندد فيه قسم من حلفائها بسياستها ازاء المهاجرين في العام 2015 ويعتبرونها سببا في بروز الشعبويين. وأظهر استطلاع ألماني حديث أن تأييد المواطنين للاتحاد المسيحي الذي تتزعمه المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل انخفض إلى أقل مستوياته هذا العام، فيما ارتفع تأييدهم لحزب البديل الألماني «ايه اف دي» المعارض للاتحاد الأوروبي والمناوئ لعميات إنقاذ اليورو إلى أقصى درجاته هذا العام.
وانتقل حزب البديل لألمانيا الفتي الذي نشأ قبل ثلاثة اعوام من خطاب معاد لليورو إلى معاداة الإسلام وبات يحظى بالتمثيل في تسع من اصل المقاطعات الفدرالية الست عشرة. وحقق سلسلة من النتائج الجيدة في العام 2016 مستفيدا من القلق الناجم عن قدوم مليون طالب لجوء إلى البلاد العام الماضي.
وشهدت الأيام الأخيرة من الحملة الانتخابية دعوات من اجل التصدي للشعبويين في المدينة التي يشكل المهاجرون 13، 5٪ من سكانها والتي تفاخر بتعدديتها الثقافية بفضل الجاليتين التركية والروسية الكبيرتين فيها. وشبه رئيس البلدية الذي نشرت صورة له مع امراة محجبة على لافتات، طفرة حزب البديل لألمانيا بصعود النازيين ودعا الناخبين إلى «تفادي ان يعيد التاريخ نفسه».
واقرت ميركل التي مني حزبها بهزيمة كبيرة في الرابع من ايلول/سبتمبر أمام الشعبويين في انتخابات ميكيلمبورغ ـ بومرانيا الغربية (شمال شرق) بان الطبقة السياسية تجد صعوبة في التصدي لتحدي الشعبويين، لكن ميركل وسياستها المنفتحة ازاء المهاجرين تعتبر الهدف المفضل للشعوبيين في حملاتهم. وعلى هامش لقاء لحزب الاتحاد المسيحي الاربعاء هتف انصار اليمين المتطرف مطالبين ميركل بالرحيل وسط الصفير.
وصرخ زيغمار غابرييل رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي الشريك في الائتلاف الحاكم في ألمانيا أن حزب المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل المسيحي الديمقراطي والحزب المسيحي الاجتماعي في ولاية بافاريا لم يعودا قادرين على الحكم بسبب الخلاف المستمر بينهما.
وقال غابرييل الذي يشغل أيضا منصب نائب ميركل في تصريحات خاصة لصحيفة «بيلد أم زونتاغ» الألمانية الأسبوعية في عددها الصادر أمس الأحد: «إن حزب ميركل والحزب البافاري لم يعودا مرتبطين بشكل كاف كي يكونا قادرين على حكم بلد كألمانيا مستقبلا». وتابع قائلا: «إن أوجه التشابه داخل طرفي الاتحاد المسيحي وبينهما وبين المستشارة الألمانية استنفدت. ولم يعد ممكنا إزالة خلافات الرأي الكبيرة (بين الحزبين المكونين للاتحاد) إلا بعناء ولبضعة أيام فقط». وأضاف جابرييل أن الاتحاد المسيحي «تجاوز فترة زهوه على مستوى الولايات»، وقال: «لا يمكن حكم ألمانيا دائما وسط خلاف».
يشار إلى أن هناك خلافا قائما بين حزب ميركل والحزب البافاري منذ شهور، لاسيما حول سياسة اللجوء. وفيما يطالب رئيس الحزب البافاري هورست زيهوفر بوضع حد أقصى لاستقبال لاجئين، ترفض ميركل ذلك بشدة.
ومن جانبه أعرب بيتر تاوبر الأمين العام لحزب ميركل مجددا عن عدم تفهمه لإصرار الحزب البافاري على مطلبه، وقال في تصريحات لصحيفة «بيلد أم زونتاغ» إن هذا الأمر لم يعد يمثل أي دور في أزمة اللجوء لأنه تم النجاح بالفعل في الحد من أعداد اللاجئين بشكل كبير.
وترفض ميركل وضع مثل هذه الحدود وتدافع عن أسلوبها في محاولة إيجاد حل أوروبي لأزمة المهاجرين من خلال تأمين الحدود الخارجية للقارة وإبرام اتفاقيات بشأن الهجرة مع دول مثل تركيا وتوزيع اللاجئين في أنحاء أوروبا. إلا أن تصريحات أدلى بها وزير التنمية الألمانية غيرد مولر لصحيفة «فيلت أم زونتاغ» الألمانية الأسبوعية في عددها الصادر أمس الأحد أثارت ضجة بعد أن توقع بعدم استمرار بقاء نصف اللاجئين القادمين من سورية في ألمانيا، و أنهم سوف يعودون إلى بلادهم مجددا. وقال في تصريحات خاصة لصحيفة «فيلت أم زونتاغ»: «عاد أكثر من 50 بالمئة من إجمالي لاجئي الحرب الذين جاءوا من دولة يوغوسلافيا السابقة في غضون أعوام قليلة». وأضاف قائلا: «بالنسبة للاجئين السوريين سوف تكون النسبة 50 ٪ على الأقل».

 

علاء جمعة

صحيفة القدس العربي

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد