لبنان
زينب زيّون

يستقبل أهالي مخيّم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين جنوبي لبنان، عيد الأضحى هذا العام بجو من الفرح والطمأنينة، فرغم صعوبة العيش واللجوء، استطاع هؤلاء إثبات أنّهم شعب مُحب للحياة. 

كباراً وصغاراً قصدوا السوق لشراء الثياب الجديدة والحلوى، استعداداً لاستقبال العيد، فسوق الخضار الذي شهد في الآونة الأخيرة ركوداً اقتصادياً، عاد اليوم ليعُج بالأهالي، وتملأ أرجاءه أصوات تهليلات العيد التي تتداخل مع أصوات الباعة، كيف لا والمخيّم ينعم بأوضاع أمنيّة جيّدة، حسبما قال أبناؤه، الذين تمنّوا أن يكون عيدهم المقبل في قراهم ومدنهم التي هجروا منها في فلسطين. 

فريق "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" جال في المخيّم، محاولاً رصد تحضيرات الأهالي للعيد، بحلو العيش ومُرّه. 



التحضيرات لعيد الفطر اكتملت.. المحال التجارية تزدحم 

هي زحمة ما قبل العيد، فسوق الخضار يعجّ بالأهالي، وعلى الرغم من الأوضاع المعيشية الصعبة التي تتربّص بمعظم العائلات الفلسطينية القاطنة في مخيّم عين الحلوة وسواه من المخيمات الفلسطينية في لبنان، إلا أنّ نسبة المبيعات تُسجّل ارتفاعاً ملحوظاً ، مُقارنةً بالسنوات الماضية. 

"بعيداً عن الأوضاع المعيشية وصعوبة اللجوء، يبقى للعيد نكهته الخاصة هذا العام"، جملة قالتها أم محمد صاحبة محل لبيع الثياب داخل السوق، موضحةً أنّ استقرار الوضع الأمني داخل المخيّم أعاد إحياء شريانه الحيوي، قاصدة بذلك سوق الخضار. 

وأضافت أم محمد أنّ الأسعار متفاوتة داخل السوق، فهناك بضائع ذات أسعار زهيدة وأخرى متوسطة أو مرتفعة، والإقبال على كل منها يعود بالدرجة الأولى إلى القدرة الشرائية لكل عائلة. 

"كعك العيد" حلوى حاضرة في مخيم عين الحلوة

من منطلق الحفاظ على التراث الفلسطيني التي ورثته النساء عن أمهاتهنّ وجدّاتهنّ، تقوم نساء مخيّم عين الحلوة بتحضير الحلوى، والمعروفة باسم "كعك العيد"،  استعداداً لاستقبال عيد الأضحى. 

زهية فريجة (37 سنة)، إحدى النساء القاطنات في جبل الحليب بمخيّم عين الحلوة، تقول إنّها تعلّمت كيفية صنع الحلويات في محل داخل المخيّم، بعدما أجبرتها الظروف الاقتصادية على العمل لحوالي ثماني سنوات، متابعةً أنّ العيد لا يكتمل بدون اجتماع العائلة والتعاون لتجهيز كل ما يلزم لاستقبال العيد.

وعن كعك العيد تتذكر زهية كيف كانت نساء عائلتها تجتمع ليلاً في منزلهم، قبل أسبوع من العيد، للتعاون على تحضير الكعك، الذي يتم خبزه إما بالفرنية وإما يتم أخذه إلى الفرن الأقرب إلى منزلهم، في حال تعثّر وجود الفرنية داخل االمنزل، مشيرة إلى أنّ عدداً كبيراً من العائلات ما تزال تُحافظ على هذه العادات، فتُحضّر الكعك داخل منزلها، لكنّ البعض الآخر يشتري الكعك الجاهز. 

وتشير زهية إلى أنّ "اليوم، إذا كانت الأحوال المادية للعائلة جيدة، باستطاعتها تحضير المعمول والكعك في المنزل، وإذا كانت  القدرة المادية لا تسمح، فتلجأ العائلة لشراء كمية قليلة".

زهية فريجة

أما مريم سعيد (28 عاماً)، التي تعمل في المطبخ النسائي التابع لجمعية ناشط والمندرج تحت عنوان "مشروع زوادتنا"، أشارت إلى أنّه في العيد يتم أحياناً تحضير المعمول إلى جانب الكعك، لافتةً إلى أنّ طريقة تحضير المعمول الفلسطيني تختلف عن الطريقة اللبنانية، حيث يُضاف لـ "الحشوة" المؤلفة من التمر، الجوز والسمسم ودقة الكعك".

تعلّمت مريم خلال عملها طريقة صنع الحلويات، وتزوّدت بالمكونات والمقادير، محاولةً بعد ذلك صنعها، لتصل بعد أشهر لمرحلة الاحتراف. تقول مريم إنّ "الإقبال على شراء حلو العيد مرتفع هذا العام، فالعديد من العائلات لم تعد تحضّر الحلويات داخل منزلها، بل اتجهت نحو شراء الحلويات الجاهزة، لهذا السبب مشروع "زوادتنا" يضم عدداً من نساء المخيّم اللواتي يعملن على تحضير المأكولات التراثية الفلسطينية (كعك العيد، المعمول، كعك القدس...)".

مريم سعيد
"عين الحجة نامت وعيني ما بتنام" سهرة ما قبل وداع الحجاج

وصفت هالة أبو سالم هذا العيد بـ "الفرحة الكبيرة"، فأخوها ذهب لأداء مناسك الحج هذا العام. 

قالت هالة إنّ "تحضيراتنا للعيد مثل كل بيت فلسطيني بالمخيم، يبدأ يومنا بزيارة أضرحة الشهداء والموتى، بعد ذلك نقوم بزيارة الأقارب والجيران في المخيم".

أخبرتنا هالة عن "سهرة ما قبل الذهاب لتأدية مناسك الحج"، وهي الليلة التي اجتمعت فيها العائلة بغية توديع أخيها قبل السفر، ومساعدته على تحضير أغراضه وترتيبها داخل الحقائب، ففي هذه السهرة، وهي واحدة من العادات التي ما تزال العائلات الفلسطينية تُحافظ عليها، يغنّي المجتمعون وتعلو زغاريد النسوة".

وعندما طلبنا من هالة ذكر بعضاً من كلمات الأغنية، ضحكت وردّدت "عين الحجة نامت وعيني ما بتنام وعلى بير زمزم نصبوا الخيام...". وتوقّفت لتخبرنا أنّ العائلة قد جهزت كل ما يلزمها لتزيين مدخل المنزل وحضّرت الحلوى واشترت ثياب العيد، قائلةً "بس يرجع خيا بالسلامة، العائلة بتكون جهّزت الأضاحي".

خاص - بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد