صابر حليمة – لبنان

 

شهد الثلاثاء الماضي ولادة حكومة لبنانية جديدة مكونة من عشرين وزيراً، بعد نحو شهر من تكليف رئيسها حسان دياب بالتأليف.

توجهت أنظار اللاجئين الفلسطينيين تحديداً، وعلى الرغم من تأثير باقي الوزارات، إلى وزارة العمل ووزيرتها الجديدة لميا يمّين، المهندسة المعمارية الاستشارية والأستاذة الجامعية، خصوصاً وأنه لم يمض الكثير على حراك المخيمات الرافض لإجراءات وزارة العمل السابقة، ووزيرها كميل أبو سليمان.

يكفيك التجول لبضع دقائق في أي من المخيمات أو التجمعات الفلسطينية الممتدة من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال، لتدرك حجم المأساة التي يكابدها اللاجئون الفلسطينيون.

فالبطالة وصلت نسباً غير مسبوقة في كثير من المخيمات، إذ تجاوزت الـ 80% في عدد منها، كما أن حجم الفقر والعوز وصل إلى حد أن بعض أرباب المنازل يعجزون عن تأمين ربطة خبز أو قوت يومي لعائلاتهم.

والمقصود من هذا السرد المختصر، هو الربط بين الأوضاع المعيشية المتدهورة، وبين أي إجراءات (في حال اتخاذها) مشابهة لتلك التي أصرت عليها وزارة أبو سليمان، والتركيز بين هذا وذاك على الاستراتيجية الفلسطينية– إن وُجدت – للتعاطي مع الحكومة الجديدة، بهدف الحؤول دون انفجار قد يكون أشد وطأة وحزماً.

فالوزيرة الجديدة أكدت في أول تصريح لها أن "الأمر الأهم في وزارة العمل هو تنظيم العمالة الأجنبية وتأمين فرص عمل للشباب، وهذا من أساسيات عمل رئيس الحكومة حسان دياب، والوضع استثنائي يتطلب عملاً استثنائياً".
 

4 مرتكزات جوهرية للاستراتيجية الفلسطينية

في حديث مع "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، وضع الدكتور محمود حنفي، مدير المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان "شاهد"، وعضو اللجنة القانونية (التي شكلت في أعقاب حراك المخيمات الرافض لإجراءات وزارة العمل)، 4 محاور ينبغي أن ترتكز عليها الاستراتيجية الفلسطينية خلال المرحلة الراهنة.

أول هذه المحاور يتمثل في ضرورة أن تتقدم الفصائل الفلسطينية بموقف موحّد تخاطب فيه الحكومة الجديدة، وأن لا يتم تشتيت الرأي في مسألة جامعة.

المحور الثاني يتضمن التأكيد على ضرورة تجميد إجراءات وزير العمل السابق، فيما يشمل المحور الثالث التواصل المباشر مع رؤساء الكتل النيابية.

آخر هذه المحاور يركّز على الخطاب الدولي، خصوصاً وأن العيون موجهة إلى لبنان خلال الفترة الراهنة.

وبحسب حنفي، فإن هذا الخطاب ينقسم إلى مستويات أربعة: الاتفاقيات الدولية الملتزم بها لبنان، علاقات لبنان الدبلوماسية، الأمم المتحدة والمنظمات الدولية غير الحكومية.

ويستدرك حنفي أن هذه الاستراتيجية لا يمكن لها أن تتم في ظل وضع الحكومة الحالي، لجهة عدم نيلها (إلى الآن) الثقة في البرلمان وإعدادها البيان الوزراي وعدم رضا جزء كبير عنها.

(الحكومة اللبنانية الجديدة برئاسة حسان دياب)


اليوسف يؤكد جهوزية القيادة الفلسطينية للتواصل مع الحكومة الجديدة

سياسياً، كشف عضو المكتب السياسي لجبهة التحرير الفلسطينية، صلاح اليوسف، في حديث مع "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، أن القيادة الفلسطينية في لبنان ستجتمع في أوائل الشهر القادم لبحث الاجتماع بالحكومة الجديدة، مؤكداً جهوزية الجانب الفلسطيني، إلا أنه ينتظر الانطلاقة الجدية لعمل مجلس الوزراء.

واعتبر أن القيادة الفلسطينية تجاوزت "إجازة العمل"، وأعدت ورقة تشمل المطالبة بجميع الحقوق المدنية والاجتماعية للاجئين الفلسطينييين في لبنان.

وأضاف: "ارتأينا توقيف الحراك الفلسطيني بهدف عدم الدخول في التجاذبات اللبنانية-اللبنانية".

وكان أمين سر حركة فتح وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية، فتحي أبو العردات، التقى مؤخراً برئيس لجنة الحوار الفلسطيني-اللبناني، حسن منيمنة، حيث أكد الأخير "ضرورة عقد إجتماع للجنة الحوار الفلسطيني اللبناني في أقرب وقت ممكن".
 

كما بحث الطرفان الأوضاع العامة وانعكاساتها على أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان على جميع الصعد الاجتماعية والاقتصادية والتربوية والصحية، وخاصة موضوع البطالة وانعدام وجود فرص عمل، ما أدى إلى أوضاع صعبة ومعقدة للغاية تنذر بكارثة اجتماعية  إنسانية في حال لم تتم معالجتها.

يذكر أن الحكومة البنانية السابقة برئاسة سعد الحريري كانت قد شكلت لجنة لإعادة دراسة ملف اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، إلا أن الحراك الثوري الذي شهدته البلاد في السابع عشر من تشرين أول / أكتوبر 2019 ، طغى بأحداثه عى أي ملفات أخرى، ومنها ملف الفلسطينيين.

غير أن هيئة العمل الفلسطيني المشترك من المفترض أنها صاغت ورقة بالتعاون مع لجنة قانونية خاصة، تجمل فيها كل الحقوق الإنسانية المحروم منها اللاجئ الفلسطيني في لبنان، و خلال الحراك الثوري لم تتخذ أي خطوة تذكر، على أمل أن تسلم هذه الورقة إلى الحكومة الجديدة ليجري مناقشتها.

وشهدت المخيمات الفلسطينية في لبنان احتجاجات ومظاهرات واسعة بدأت في شهر تموز/يوليو الماضي، مع بدء وزارة العمل اللبنانية بتطبيق خطة لـ "مكافحة اليد العاملة الأجنبية غير الشرعية"، دون استثناء اللاجئين الفلسطينيين منها.

ويطالب الفلسطينيون بحقوقهم المدنية والإنسانية كـ "لاجئين"، والتي تكفلها القوانين الدولية والإنسانية، خصوصاً وأنهم لا يستطيعون العودة إلى وطنهم، وأنهم هُجروا إلى لبنان مرغمين ولم يأتوه طوعاً بحثاً عن العمل، هذا إلى جانب مطالبتهم الدولة اللبنانية بتعريف وجودهم تعريفاً واضحاً، إذ هم بالنسبة لقانون العمل "أجانب"، أما حين يتعلق الأمر بـ "التملك"، فيعاملون كـ "لاجئين"، ويحرمون من هذا الحق.

خاص

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد