أكدت منظمة "هيومن رايتس ووتش" أن المحاكمة الجماعية التي أقامتها السعودية لـ 68 مقيماً من الفلسطينيين والفلسطينيين حاملي الجنسية الأردنية تُثير مخاوف خطيرة بشأن الإجراءات القانونية الواجبة، وسط اتهامات بارتكاب انتهاكات.

ففي مارس/آذار 2018، نفذت السلطات السعودية موجة اعتقالات استهدفت مجموعة من الفلسطينيين والأردنيين المقيمين منذ فترة طويلة في المملكة، بناء على ادعاءات غامضة تتعلق بصلات مع "كيان إرهابي" لم يُكشف عن اسمه.

وتضيف المنظمة الحقوقية الدولية: بعد احتجاز بعض المعتقلين قرابة عامين دون تهمة، بدأت السلطات السعودية محاكمة جماعية خلف أبواب مغلقة في 8 مارس/آذار 2020 في "المحكمة الجزائية المتخصصة" في الرياض.

 ونقلت عن أفراد الأسرة الذين رؤوا أجزاء من لوائح الاتهام أن التهم تضمنت "الانتماء لكيان إرهابي" و"مساعدة كيان إرهابي وإعانته" لم يُذكر اسمه، لم يتمكنوا من الحصول على تفاصيل إضافية حول الاتهامات أو الأدلة المحددة من لوائح الاتهام الجزائية التي قدمتها السلطات السعودية خلال الجلسة الأولى للمحاكمة.

وطالبت المنظمة أمس الجمعة، السلطات السعودية بإيجاد بدائل للاحتجاز، لا سيما للمحبوسين احتياطياً، في الوقت الذي يُمثل فيه فيروس "كورونا" أخطارا شديدة على السجناء.

جاء ذلك في تقرير بعنوان "السعودية: محاكمات إرهاب جماعية شهدت انتهاكات"، تحدثت فيه مع ستة أفراد من عائلات سبعة متهمين، طلبوا جميعاً عدم الكشف عن أسمائهم.

وشددت: "ينبغي للسعودية أن توضح على الفور للمحتجزين وعائلاتهم الاتهامات المحددة والأدلة الأساسية ضد المتهمين".

وأضافت المنظمة الحقوقية: "قال الأقارب إن الأجهزة الأمنية السعودية اعتقلت 5 معتقلين خلال مداهمات لمنازلهم ابتداء من 2018، واعتقلت اثنين آخرين في مطارات أثناء محاولتهما مغادرة البلاد. وصف أفراد عائلات المتهمين مجموعة من الانتهاكات من قبل السلطات السعودية عقب الاعتقالات، منها الإخفاء القسري، والحبس الانفرادي الطويل، والتعذيب".

وتابعت: "قال جميع أفراد العائلات الستة إنهم لم يتمكنوا من معرفة وضع أو مكان أقاربهم المحتجزين لأسابيع، ولما يصل إلى ستة أشهر. قال البعض إن أفراد الأسرة بحثوا في سجون المباحث المختلفة، لكن السلطات نفت وجود أقاربهم هناك. وجد بعضهم فيما بعد أن أقاربهم كانوا في تلك السجون".

تعذيب وتنكيل

كما ذكرت الشهادات التي سجلها التقرير أن بعض المعتقلين حُبسوا انفرادياً بين شهرين وستة أشهر، ثم نُقلوا إلى زنازين جماعية، وبعد ذلك سمحت لهم السلطات بالزيارات والاتصالات الهاتفية.

وبحسب التقرير، فإن أحد المتهمين، الذي اعتُقل في نيسان/أبريل عام 2019، وبقي في الحبس الانفرادي لثلاثة أشهر، قال لعائلته خلال زيارتهم الأولى له في تموز/يوليو إن السلطات استجوبته خلال تلك الفترة ثلاث مرات فقط، لمدة 20 دقيقة لكل منها.

وفي هذا السياق، قال ثلاثة من أفراد العائلات إن أقاربهم أخبروهم أثناء زياراتهم للسجن إن السلطات عذبتهم أثناء الاستجوابات.

وكشف هؤلاء الشهود أنه بعد احتجاز قريبهم بمعزل عن العالم الخارجي لـ 23 يوماً، سُمح لهم بزيارة عائلية، لكن بعد ذلك توقف الاتصال لمدة شهرين، موضحة أن المعتقل تمكن أخيراً من إخبار عائلته بأنه تعرض للتعذيب في أماكن مختلفة، منها غرفة في فندق وموقع تحت الأرض.

وأكد قريب هذا المعتقل أن المحققين السعوديين كانوا يوقظونه الساعة 5 صباحاً ليضعوا رأسه في ماء ساخن، وفي بعض الأحيان كانوا يتركونه مُعلقاً رأساً على عقب لمدة يومين.

وأعربت عائلات المتهمين في المحاكمة الجماعية الحالية عن مخاوف جدية بشأن احتمال تفشي فيروس "كورونا" في السجون السعودية، ودعت إلى إطلاق سراحهم.

محاكمات غامضة

ونقلت المنظمة عن شاهد حضر جلسة 8 مارس/آذار للمحاكمة الجماعية بأن  القاضي دخل قاعة المحكمة الساعة 11:30 صباحا وغادر الساعة 11:50 صباحا. وقال إن السلطات عرضت المتهمين على القاضي، الذي سألهم إن كانوا مذنبين، وعندها فقط سلموهم نسخا جزئية من لوائح الاتهام الخاصة بهم والتي لم تتضمن أدلة أو أساس الاتهامات. لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من الحصول على نسخ من لوائح الاتهام، لكن الأقارب قالوا إن الأوراق استشهدت بالمواد 32، و33، و38، و43، و47، و53 من نظام مكافحة الإرهاب السعودي، وكلها تفرض عقوبات على التورط مع كيانات إرهابية.

ووصفت "هيومن رايتس ووتش" نظام مكافحة الإرهاب السعودي لعام 2017  بأنه تعريفات غامضة وفضفاضة للغاية لأعمال الإرهاب، يعاقب عليها بالإعدام في بعض الحالات، مذكّرة بان المقرر الخاص للأمم المتحدة آنذاك المعني بحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب بعد زيارة إلى السعودية في 2017  خلص إلى أنه "قلق من التعريف الفضفاض غير المقبول للإرهاب واستخدام نظام مكافحة الإرهاب السعودي لعام 2014". كما أعرب عن "قلقه البالغ إزاء مزاعم التعذيب التي أدلى بها المشتبه في كونهم إرهابيين"

حماس تطالب بالإفراج الفوري

وفي تعليق لها على تقرير منظمة "هيومن رايتس ووتش" حول أوضاع المعتقلين الفلسطينيين في السعودية، قالت حركة حماس:  إن ما ورد في التقرير يدعو إلى القلق على حياة وسلامة المعتقلين.

وجدد الناطق باسم الحركة، حازم قاسم، دعوته إلى السلطات السعودية للإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين، خصوصاً وأن بينهم مسنون ومرضى وتزايد خطر فيروس "كورونا".

في وقت سابق، كشفت حركة حماس عن اعتقال الرياض عشرات الفلسطينيين المقيمين فيها، بينهم قيادي كبير في الحركة.

وقالت الحركة: إن جهاز مباحث أمن الدولة السعودي، أقدم على اعتقال محمد صالح الخضري (أبو هاني)، المقيم في جدّة منذ نحو ثلاثة عقود.

هيومان رايتس ووتش

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد