مخيم درعا – جنوبي سوريا
تسود حالة من القلق في أوساط اللاجئين الفلسطينيين في مخيّم درعا جنوبي سوريا، من انتشار فايروس "كورونا" وخصوصاً في ظل حالة الاستنفار التي أعلنتها الحكومة السوريّة وإغلاقها المدارس والمؤسسات والمرافق الخدميّة كإجراء وقائي، ليمتد القلق ويصبح معيشيّاً أكثر مما هو من المرض ذاته، فوكالة "أونروا" قد طالبتهم بالتزام منازلهم، في حين لم توفّر لهم أي مساعدة داعمة لهم معيشيّاً أو وقائيّاً وفق ما قال مراسل "بوابة اللاجئين الفلسطينيين".
الطعام أولى من المعقمات!
فليس بمقدور أي عائلة فلسطينية داخل المخيّم، شراء مواد التعقيم للوقاية وفق أحد سكّان المخيّم "ابو احمد" الذي قال لمراسلنا: " أنا رب أسرة ولدي 6 أطفال وأعمل بشكل شبه يومي لأجلب طعام العائلة فقط " وأضاف " اليوم نسمع بمرض كورونا وطرق الوقاية منه وليس لدي القدرة على شراء أي معقم أو مادة للوقاية، لأن عائلتي تحتاج الطعام اولاً، فتلك الوقاية نتركها على رب العباد".
ويعيش معظم اللاجئين الفلسطينيين في مخيّم درعا "كل يوم بيومه" وفق تعبيراتهم، ومعظم أرباب الأسر يعتاشون من أعمال ذات مردود يومي، معظمها قد توقّفت مع حالة الاستنفار المتبّعة في البلد، ليفاقم "تجّار الأزمات" من ضيقهم المعيشي.
فالمواد الغذائيّة قد تضاعف ثمنها بناء على ما رصده مراسل " بوابة اللاجئين الفلسطينيين" فثمن الكيلو غرام الواحد من الأرز قفز من 800 ليرة سوريّة إلى 1400، و السكر 700 ليرة، ولتر الزيت 1600، وطبق البيض 1800، أمّا بالنسبة للخضروات فقد بلغ سعر كيلو البطاطا 500والبصل 900 والبندورة 400 والخيار 600 .
أمّا أسعار مواد التعقيم والمنظفات، فاقت أسعارها الخيال، حيث بلغ سعر اللتر الواحد من كحول التعقيم 6 الاف ليرة سوريّة، وثمن علية المعقم الصغيرة 500ليرة أمّا الكمامة الوقائية بلغت 300، وزوج القفّازات الطبية 250ليرة .
أسعار، جعلت اللاجئين يفاضلون بين الوقاية والطعام، كـ"أبو محمد" وهو رب لعائلة ولديه 3 أطفال، وعاجز عن العمل بسبب إصابة بالحرب أدت الى بتر قدميه، يقول لمراسلنا:" انا كرب أسرة عاجز وعاطل عن العمل، وأعيش على صدقات أصحاب الخير وعلى معونة وكالة أونروا، فبالكاد أقدر على تدبير حاجيات المنزل من مأكل ومشرب وغيره".
ادعمونا لنبقى في منازلنا
ويتساءل "أبو محمد" عن دور وكالة "أونروا" قائلاً: " الحرب أساساً أنهكت كاهل أبناء المخيم الفقير، فمن لديه القدرة على تأمين حاجياته اليوم من الطعام ليؤمن مستلزمات الوقاية؟" ويضيف :" أين هي الوكالة من رعايتها لأبناء المخيم؟، وأين طرق الوقاية؟، فكل شخص من أبناء المخيم بحاجة الى سلة صحية، ومواد تعقيم وبحاجة الى طرد غذائي ومواد تموينية عاجلة".
وكانت "أونروا" قد قامت بجملة إجراءات وقائيّة من خطر تفشّي فايروس "كورونا" في مخيّم درعا وفق ما أفاد مراسل " بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، كتعطيل كافة المدارس داخل وخارج أحياء المخيّم، واختصار أوقات الدوام في مؤسساتها، واتباع نظام المناوبة بين جميع موظفي مستوصفها الصحّي ومكتبها، كما قامت بتعقيم بعض المدارس التابعة لها خارج المخيم وبتقديم الدروس ونماذج الاسئلة للطلاب عن طريق صفحات الفيس بوك التابعة لكل مدرسة.
إجراءات يعتبرها أهالي المخيّم غير كافيّة، ولا تفي بغرض الوقاية وفق ما نقل مراسلنا، حيث ما تزال المنازل والأزقّة خارج نظام التعقيم، كما يعاني المخيّم من مشكلة نظافة، حيث تتراكم النفايات على جوانب الطرق، كما لا يوجد في المخيّم قسم صحّي مجهّز لاستقبال أيّ حالات صحيّة سواء بفايروس "كورونا" او أيّة حالة صحيّة أخرى.
وينتقد الأهالي أيضاً، مطالبة "أونروا" لهم بالتزام منازلهم دون تأمينهم بأدنى متطلبات الأمن الغذائي، وفق اللاجئ "أبو محمد" الذي وضع تساؤله برسم الوكالة قائلاً : "كيف يقدر العامل على الجلوس، فمن أين يجلب المال لتلبية حاجاته اليومية؟"
وأضاف لمراسلنا : "من يطلب ذلك من الأهالي الفقراء عليه اتخاذ إجراءات إغاثيّة عاجلة، كتقديم مساعدات ماليّة فوريّة أو إغاثيّة، وتوزيع مستلزمات الوقاية كالمنظفات والكمامات وسواها".
ويعاني اللاجئون الفلسطينيون في سوريا سواء من هم داخل المخيّمات أم خارجها، أوضاعاً معيشيّة شبه معدمّة، جرّاء انتشار البطالة وضعف الموارد الماليّة، حيث بلغت نسب البطالة عتبة 75% في مخيّم درعا، وفق تقديرات محليّة حصل عليها " بوابة اللاجئين الفلسطينيين" فيما تتجاوز عتبة الـ60% في معظم المخيّمات، فيما يكابد المهجّرون عن مخيّماتهم وتبلغ نسبتهم 40% وفق أرقام وكالة " أونروا" مصاعب حياتيّة إضافيّة لدفعهم إيجارات المنازل.
ويخوض ناشطون فلسطينيون في سوريا منذ أيّام وعلى ضوء توقف الأعمال وارتفاع الأسعار في سوريا، إثر الإجراءات الوقائيّة، حملة لمطالبة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" بضرورة توزيع السلل الإغاثيّة، ورفدهم بمواد التعقيم المنزلي والمنظفات، بعد ارتفاع أسعارها بشكل كبير في البلاد، إثر الإجراءات التي أعلنتها الحكومة في دمشق لمواجهة تفشّي فايروس " كورونا" والتي توقّفت على إثرها معظم الأعمال.
كما تجدر الإشارة، إلى أنّ حملة المطالبة بإعادة توزيع السلل الإغاثيّة، متواصلة منذ السادس من كانون الثاني/ يناير المنصرم، وسط اتهامات للوكالة باتباعها سياسات إغاثيّة يصفها اللاجئون بغير عادلة منذ منتصف شباط/ فبراير 2019 الفائت، من حيث معاييرها التي حرمت غالبيّتهم من الإغاثة العينيّة، وقصرت دورها الإغاثي على مساعدات ماليّة تقدّم كل 3 أو 4 أشهر، وقدرها 28 ألف ليرة للحالات العاديّة، وهو مبلغ أقلّ من رمزي وفق المعايير المعيشيّة السوريّة المستجدّة و لا يكفي أجرة منزل لشهر واحد.