مخيم عين الحلوة - بوابة اللاجئين الفلسطينيين
انتصار الدّنّان
على الرغم من حصول حوادث يومية في مخيم عين الحلوة إلا أنه لايزال فيه من يريد تغيير تلك الصورة النمطية الموجودة داخله، المخيم ليس بؤرة أمنية كما يدعي البعض، ففيه مكان للفرح والعيش.
العادة أن ترى على جدران المخيم شعارات وصور للشهداء وغيرها من الكتابات المختلفة، لذلك فقد اختار رسامون يعيشون في المخيم تغيير تلك النمطية المعتادة فقرروا تزيين حوائط المخيم بمختلف الصور التي تجعله ينطق بحبه للحياة.
مدينة يافا
للرسام علي عيسى
الرسّام علي عيسى وهو فلسطيني من مخيم عين الحلوة كان ممن تبنوا الرسم على الجدران، حيث كانت البداية في أن يرسم على الجدران المدن والبلدات الفلسطينية حتى يتعرف الأطفال على المدن والقرى الفلسطينية، فقد قال: إن الفكرة التي طرحتها هي أن نزين مداخل مخيم عين الحلوة برسومات ترمز إلى فلسطين، لأن فلسطين لا تختصر بـ "قبة الصخرة أو المسجد الأقصى"، بل فلسطين هي ذلك الكل المتكامل، مشيرا إلى أن الأقصى هو رمز لفلسطين وقضيتها، لكن هناك قرى وبلدات فلسطينية تركها أهلها بفعل الاحتلال الصهيوني لها في العام 1948 ليعيشوا في مخيمات اللجوء، وهذه البلدات أحببت أن أرسمها حتى تعلق بذهن الأطفال ويتعودوا عليها، وتبقى محفورة في ذاكرتهم.
يتابع عيسى قائلاً: ولقد تعمدت رسم هذه القرى والبلدات لأبرز جمال معالمها من شواطئ وطرقات ومعالم أثرية، وكتبت على كل لوحة رسمتها اسم القرية أو البلدة التي تظهر الجدارية معالمها، ومن جانب آخر للرسم على الحوائط هدف آخر وهو تجميل مداخل المخيم.
وهذه الخطوة لاقت استحسان الناس في المخيم، حيث إن عيسى اعتنى بإبراز الجانب الحضاري للشعب الفلسطيني من عادات وتقاليد، إذ رسم البيادر الفلسطينية ومواسم الحصاد في القرى، ورسم بلدات الزّيب والبصّة والسميرية وحطين وصفورية وعمقا تزيّن مداخل مخيم عين الحلوة.
لوحة ثري دي
للرسام ثائر زعطوط
أما الرسّام "ثائر زعطوط" اللاجئ الفلسطيني في مخيم اليرموك في سورية، والنازح إلى مخيم عين الحلوة في لبنان، لم يكن تفكيره مختلفا عن ابن المخيم عيسى، فالهم مشترك واللجوء مشترك، وعند ثائر وقت كبير من الفراغ الشاغر لعدم تمكنه في معظم الأحيان من العمل، لاسيما وصعوبة استحصال إقامة تسهل خروجه من المخيم، هذا إن استطاع إيجاد فرصة عمل له في خارج المخيم كفلسطيني سوري.
ثائر زعطوط في الأساس عامل دهانات وحرفي ديكورات وجبصين، وكان عنده محل للدهانات والجبصين وتصميم الديكورات في مخيم اليرموك، ولكن كل ذلك ذهب أدراج الرياح بسبب الحرب الدائرة في سورية، وبسبب ضرب مخيم اليرموك والنزوح عنه إلى لبنان. في لبنان كما يقول "زعطوط" يعمل في بعض الأحيان داخل المخيم في بيوت لأصدقاء تعرف عليهم من خلال وجوده بقربهم في المخيم.
أما عن فكرة الرسم على الجدران، ففكرته في ذلك كانت مختلفة عن عيسى بالرسم والفكرة، فثائر يقسم عمله إلى قسمين، الأول فلسطيني يقارب بفكرته عمل عيسى من حيث رسم الأيقونات الخاصة بفلسطين لكن ليس على الجدران إنما في قوالب صغيرة، والثاني هو الرسم على جدران المخيم مستخدماً المواد المتبقية من عمله في طلاء المنازل، ومعتمداً تقنية 3D في رسمه على الجدران، ساعياً لتغيير الصورة النمطية التي اعتاد الأطفال أن يروها وهي رسم ميكي ماوس، وتوم وجيري، وغيرها من الرسوم، وذلك ليس كرها بالرسوم المتحركة حسب قول ثائر، إنما ليعتاد الأطفال على رؤية الأشكال الهندسية من زاوية معرفة المربع والدائرة والمثلث وغيرها من الأشكال الأخرى التعليمية.
كانت الفكرة في البداية أن يرسم ثائر على الجدران القريبة منه إلى أن تعرّف على جمعية "نبع" في مخيم عين الحلوة التي فتحت له أبواب جمعيتها لينقش هذه اللوحات على حوائط الجمعية، وأمنت له الألوان المطلوبة للرسم، مؤكداً " أن الأطفال أحبوا هذه الرسومات التي جعلتهم يتعرفون على الأشكال الهندسية".
أما عن كيفية تطويره لمعرفته ببرنامج الرسم الذي يعتمده في رسمه فهو برنامج على الإنترنت طور من خلاله ثائر نفسه وعمله. يؤكد "ثائر" في النهاية أنه "سيظل يرسم على الحوائط حتى تتزين جدران المخيم كلها، لمحاولة لكسر الصورة النمطية عند الأطفال التي يرونها، واعتادوا عليها، من توتر أمني وخوف وارتباك جراء الحالة الأمنية غير المستقرة في مخيم عين الحلوة.