في اليوم العالمي للإعاقة

تقارير صادمة حول أوضاع الجرحى من ذوي الإعاقة وبتر الأطراف في قطاع غزة

الأربعاء 03 ديسمبر 2025

في اليوم العالمي للإعاقة، كشفت تقارير محلية وأممية عن المعاناة الإنسانية الصادمة التي يعيشها آلاف الجرحى من مبتوري الأطراف وذوو الإعاقات بعد عامين متواصلين من حرب الإبادة على في قطاع غزة، وسط انهيار غير مسبوق للمنظومة الصحية وغياب برامج التأهيل والرعاية المتخصصة.

وتكشف البيانات الصادرة عن وزارة الصحة في غزة ومنظمة الصحة العالمية والمنظمات الدولية عن حجم الكارثة الصحية والاجتماعية التي يواجهها عشرات الآلاف من المصابين، في ظل حصار خانق واستهداف ممنهج للبنية التحتية الطبية.

6 آلاف حالة بتر أطراف

وتؤكد وزارة الصحة أن قطاع غزة يشهد واحدة من أسوأ موجات الإعاقات في تاريخه، حيث سُجِّلت 6000 حالة بتر أطراف منذ بداية حرب الإبادة، يحتاج معظم أصحابها إلى برامج تأهيل عاجلة وطويلة المدى تشمل العلاج الطبيعي، تركيب الأطراف الاصطناعية، والدعم النفسي والاجتماعي.

وتشير البيانات إلى أن 25% من إجمالي حالات البتر هم من الأطفال، ما يعني أن آلاف الأطفال سيواجهون إعاقات دائمة في عمر مبكر جدًا، ما يشكل صدمة مجتمعية.

وتصف الوزارة الوضع بأنه معاناة إنسانية عميقة لا تقتصر على الجرحى وحدهم، بل تطال عائلاتهم التي تجد نفسها أمام احتياجات طبية ونفسية واجتماعية تفوق قدرتها في ظل الانهيار العام للخدمات الصحية.

واحد من كل أربعة مصابين هو طفل

وفقًا لأحدث البيانات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية، فإن ما يقرب من 42 ألف شخص في قطاع غزة يعانون من إصابات غيّرت حياتهم بشكل دائم بسبب حرب الإبادة، حيث تشير المنظمة إلى أن واحدًا من كل أربعة مصابين هو طفل، في مؤشر واضح على أن الأطفال يتصدرون قائمة ضحايا الإصابات الخطيرة والمسببة للإعاقة.

وتكشف المنظمة أن الإصابات المهدِّدة للحياة أو المسبِّبة للإعاقة تمثل ربع جميع الإصابات المسجّلة، من مجموع 167376 إصابة منذ تشريين الأول/ أكتوبر 2023 ومن بين هذه الأرقام ما يزيد عن 5000 حالة بتر مؤكدة، إضافة إلى آلاف الإصابات العميقة في الأطراف التي تحتاج إلى عمليات جراحية وتعويضية معقّدة.

إصابات خطرة في الأطراف والحبل الشوكي والدماغ

وتشمل الإصابات المنتشرة في القطاع أكثر من 22000 إصابة في الذراعين والساقين، وأكثر من 2000 إصابة في الحبل الشوكي، و1300 إصابة دماغية، فضلًا عن 3300 إصابة حروق شديدة. وتؤكد منظمة الصحة العالمية أن هذه الأرقام تعكس حاجة مهولة إلى خدمات جراحية وتأهيلية متخصصة، غير متوفرة في ظل الدمار الهائل الذي طال المرافق الصحية وفي ظل نقص الأطقم المؤهلة.

كما يسلّط التقرير الضوء على انتشار إصابات الوجه والعين المعقدة، وخاصة بين الجرحى المدرجين على قوائم الإجلاء الطبي، وهي إصابات غالبًا ما تؤدي إلى التشوه والإعاقة البصرية الدائمة، وتسبب وصمة اجتماعية وأعباء نفسية شديدة للمصابين.

انهيار القوى العاملة

وتصف منظمة الصحة العالمية وضع العاملين في مجال إعادة التأهيل بأنه "منهار بالكامل" فقد كان في غزة قبل الحرب نحو 1300 أخصائي علاج طبيعي و400 أخصائي علاج وظيفي، لكن الكثير منهم قُتل أو نزح، وأكد التقرير اسشهاد 42 أخصائيًا حتى أيلول/ سبتمبر 2024.

وإزاء آلاف حالات البتر، تكشف الأرقام أن غزة لا يوجد فيها سوى 8 أخصائيي أطراف صناعية فقط، وهو رقم يعجز تمامًا عن تلبية الاحتياجات المتزايدة، كما أُصيب أو قُتل عدد من العاملين الصحيين خلال القصف، مما زاد من هشاشة القطاع الطبي.

وأشار الدكتور "ريتشارد بيبركورن" ممثل منظمة الصحة العالمية، إلى أن إعادة التأهيل أمر حيوي ليس فقط للمتعافين من الصدمات، بل أيضًا للمرضى المزمنين وذوي الإعاقات التي تفاقمت بفعل النزوح وسوء التغذية والأمراض ونقص الأجهزة الطبية المساعدة كما شدد على ضرورة دمج خدمات الصحة النفسية والدعم الاجتماعي مع خدمات التأهيل الجسدي.

آلاف المرضى مهددون بفقدان البصر

من جانب آخر، يحذر مدير مستشفى العيون في غزة من كارثة طبية تهدد ما بين أربعة آلاف وخمسة آلاف مريض قد يفقدون بصرهم كليًا أو جزئيًا خلال الفترة المقبلة، بسبب تفاقم أمراض العيون الخطيرة ونقص الأجهزة الجراحية والمستلزمات الضرورية.

المستشفى التي تعرضت لاستهداف مباشر مرات عدة، خرجت عن الخدمة أشهرًا طويلة، وعادت للعمل جزئيًا نهاية 2024 بقدرات متواضعة، بعد تدمير مولداتها وأجهزتها الجراحية الدقيقة. وتفاقم نقص العلاجات والإبر الجراحية المتخصصة بمشاكل مثل ارتفاع ضغط العين، تلف القرنية، أمراض الشبكية، والمياه البيضاء.

ويواجه نحو 2400 مريض خطر العمى الحتمي بسبب وجودهم على قوائم انتظار عمليات حرجة غير متوفرة داخل غزة، فيما يمنع الاحتلال إجلاء المرضى للعلاج خارج القطاع.

تراجع الإجلاء الطبي "يقتل المرضى"

من جهتها، ناشدت منظمة "أطباء بلا حدود" الدول فتح أبوابها أمام عشرات الآلاف من سكان غزة المحتاجين للإجلاء الطبي، محذرة من أن المئات فقدوا حيواتهم وهم ينتظرون الحصول على فرصة للعلاج.

وقال هاني إسليم، منسق عمليات الإجلاء بالمنظمة: إن عدد المرضى الذين تم قبولهم في دول العالم حتى الآن "لا يمثل سوى قطرة في محيط"، مشيرًا إلى أن العدد الحقيقي للمحتاجين للإجلاء يتراوح بين 3 إلى 4 أضعاف المسجلين.

وبحسب منظمة الصحة العالمية، تم إجلاء أكثر من 8000 مريض منذ بدء الحرب، في حين ينتظر 16500 مريض آخرون الخروج العاجل للعلاج، بينهم أطفال يعانون من السرطان وأمراض القلب الخطيرة.

وأشار إسليم إلى أن إغلاق معبر رفح منذ أيار/ مايو 2024 أدى إلى انخفاض عدد المرضى المغادرين شهريًا من 1500 إلى نحو 70 مريضًا فقط، وهو تراجع وصفته المنظمة بأنه "قاتل حرفيًا".

وأكد أن بعض الدول "تتعامل مع الإجلاء الطبي كأنه قائمة تسوق"، تركز على فئات معينة وتتجاهل البالغين، داعيًا إلى اعتماد معايير إنسانية بحتة وتسهيل الإجراءات لإنقاذ حياة الآلاف.

في ظل هذا الواقع الكارثي، تدعو وزارة الصحة في غزة والمنظمات الدولية كافة الجهات الإنسانية والحقوقية إلى توفير برامج تأهيل طويلة الأمد لآلاف مبتوري الأطراف وتعزيز خدمات الدعم النفسي والاجتماعي للجرحى وأسرهم الى جانب إدخال الأجهزة الجراحية والأدوية والمعدات التعويضية بشكل فوري.

بوابة اللاجئين الفلسطينيين/ متابعات

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد