للوهلة الأولى تبدو خربة ام الخير في بلدة مسافر يطا بالخليل جنوبي الضفة الغربية هادئة إلا من أصوات الحركة الاعتيادية لسكانها الذين يحاولون ممارسة حياة البشر الطبيعية غير أنها ليست كذلك بفعل هجمات جيش الاحتلال ومستوطنيه شبه اليومية لإرغام سكانها على مغادرتها تكريساً لواقع التهجير القسري الذي يجري بوتيرة متسارعة في الأراضي الفلسطينية المحتلة توازياً مع تسارع النشاط الاستيطاني وتزايد عدد المستوطنات.
و"خربة أم الخير" واحدة من عشرات البلدات الفلسطينية التي تعاني من تهديدات المستوطنين منذ أن أنشئت المستوطنة الأولى " كرمئيل" عام 1982 على أراضيها ومن ثم شرع الاحتلال إقامة بؤر استيطانية وبدأ بتهديد سكانها الذين لجؤوا إليها وتملكوا فيها بعد تهجيرهم عام 1948 ليعود الاحتلال "الإسرائيلي" إلى محاولات تهجيرهم مرة أخرى على غرار عام النكبة.
يصف أحمد الهذالين أحد سكان خربة ام الخير والذي تنحدر أصوله من عشيرة الهذالين البدوية، الواقع الحالي الذي يعيشونه في حديث لبوابة اللاجئين الفلسطينيين قائلاً: "نحن عائلة الهذالين تعود ا\أصولنا من منطقة تل عراد التي جرى تهجيرنا منها عام 1948 وجئنا لهذه المنطقة وقمنا بشراء هذه الأرض، ولدينا أوراق ثبوتية معترف بها من قبل المحاكم الإسرائيلية ودولة الاحتلال بأنها أراضي فلسطينية خاصة".

ويلجأ جيش الاحتلال ومستوطنيه إلى ارتكاب طرق غير قانونية لثني عوائل الهذالين عن موقفهم من البقاء في أراضيهم، لاسيما أنهم يمتلكون ما يثبت ملكيتهم من أوراق قانونية، لذا يمارس الإرهاب اليومي على السكان لدفعهم لترك البلدة وإيجاد مأوى آخر وهو ما يرفضونه بالمطلق.
ويؤكد الهذالين لبوابة اللاجئين أن المستوطنين يحاولون بشكل يومي إخراجهم بالقوة حيث تعاني القرية أوضاعاً متوترة على الدوام ونادراً ما تشهد هدوءا,ً وذلك إلى جانب تشييد البؤر الاستيطانية وممارسة الاستيطان الرعوي في سياق محاولات طرد سكان القرية، وفي إصراره على التمسك بأرضه يضيف: "نحن لاجئون لن نخطأ الخطأ السابق عقب هجرة آبائنا في 1948 ونحن بعد 75 عاماً لا نريد أن نتهجر مرة أخرى".
وفقدت عائلة الهذالين اثنين من خيرة شبانها جراء اعتداءات جيش "الاحتلال" الإسرائيلي والمستوطنين إذ استُشهد سليمان الهذالين في كانون الثاني/ يناير 2022 بعد أن دهسته مركبة "إسرائيلية" خلال مشاركته في احتجاج سلمي رفضًا لاقتحام الخربة.
أما الشهيد الثاني فهو المعلم والناشط الحقوقي عودة الهذالين، أحد المساهمين في إنتاج الفيلم الوثائقي "لا أرض أخرى" عام 2019، والذي حاز جائزة أوسكار لأفضل فيلم وثائقي طويل عام 2025 واستُشهد في 28 تموز/ يوليو 2025 برصاص مستوطن "إسرائيلي" قرب منزله، أثناء تصديه لأعمال حفر تهدف إلى إقامة بؤرة استيطانية في الخربة.

ويقول عضو المجلس القروي في خربة أم الخير خليل الهذالين لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: "إن سكان الخربة يعيشون اليوم واقعًا يعيد إنتاج النكبة"، موضحًا أن أهالي الخربة هم لاجئون فلسطينيون من أراضي عام 1948 استقروا في المنطقة بعد تهجيرهم القسري، واليوم يتعرضون لمحاولات جديدة للترحيل عبر أوامر تهجير وهدم متواصلة.
وأضاف الهذالين: "في عام 2025 نعيش الواقع ذاته، يحاولون ترحيلنا مرة أخرى وتحويلنا إلى لاجئين من جديد، لكننا نرفض تكرار تجربة اللجوء، فنحن أكثر من يعرف معنى أن تكون لاجئًا وما يترتب على هذه الكلمة من معاناة، ومهما حاولوا فلن ينجحوا".
وإلى جانب مضايقات المستوطنين يعيش سكان خربة "ام الخير" حرباً على جبهة أخرى حيث يحرمهم الاحتلال على مدار سنوات طويلة ضمن سياسة ممنهجة من الخدمات الأساسية كالكهرباء والمياه والعيادات الصحية، ومنع الرعي والسيطرة على مصادر المياه، في انتهاك صارخ لأبسط الحقوق الإنسانية والهدف هو دفع الأهالي قسرًا إلى مغادرة أراضيهم، كما يقول الهذالين.
وختم الهذالين بالتأكيد على أن أهالي خربة أم الخير، ورغم أوامر الهدم المتصاعدة وقسوة الظروف المعيشية، متمسكون بأرضهم، قائلاً: "رغم كل المعاناة وضيق الحال، الناس هنا ثابتون في أراضيهم، ومهما فعلوا، حتى لو هدموا كل المنازل وبقينا في العراء، فلن نغادر أرضنا".
شاهد/ي الفيديو
يتعرض أفراد عائلة الهذالين في خربة أم الخير جنوب #الخليل المحتلة لاعتداءات متكررة من المستوطنين وجيش الاحتلال ويحرمون من الخدمات الأساسية بهدف تهجيرهم لصالح الاستيطان إلا أن أفرادها يصرون على البقاء ويؤكدون: لن نصير لاجئين مرتين pic.twitter.com/4Fq6OHoDsJ
— بوابة اللاجئين الفلسطينيين (@refugeesps) December 22, 2025
