افتتح مركز النقب الفلسطيني في مخيم برج البراجنة جنوب بيروت، معرضاً فوتوغرافياً حمل عنوان: "عين فاطمة: من غزة إلى مخيم برج البراجنة – الحكاية بالصورة والدم"، تكريماً للمصوّرة الصحافية فاطمة حسونة، التي قضت في نيسان/أبريل 2024 جراء قصفٍ "إسرائيلي" استهدف منزلها شمال قطاع غزة. جاء المعرض بالتزامن مع مرور شهر على استشهادها، وفي الذكرى الـ77 للنكبة الفلسطينية.
ضمّ المعرض 41 صورة التقطتها الشهيدة خلال الأشهر الأولى من العدوان المتواصل على غزة منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، توثّق حجم الدمار الذي خلّفته الغارات في أحياء القطاع: من البيوت المدمّرة، إلى لحظات النزوح، والخوف، والمقاومة اليومية، وترافقها نصوص شخصية كتبتها فاطمة تحت القصف، في محاولة منها لتوثيق لحظة الإبادة بعينها وقلمها.
في حديث لموقع "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، قالت سندس الرفاعي، إحدى الناشطات القائمات على المعرض، إن الصور والنصوص وصلت إلى المخيم كما هي، دون أي تعديل أو تغيير، بعد أن أوصى صديق من غزة، كان على تواصل مباشر مع فاطمة، بنقل أعمالها.
وأضافت: "فاطمة أوصت بأن تبقى صورها حيّة كما هي، لا تُنسى ولا تُحوّل إلى مجرد رقم، لأنها وثّقت بها روايتنا وأبقت الحقيقة حيّة".
وتابعت الرفاعي: "فاطمة لم تكن فقط تلتقط الصور، بل كانت تكتب عنها بتفصيل. كانت تصف مشهد النزوح مثلاً بأن الفلسطيني يضع ذكرياته في حقيبة صغيرة. تلك النصوص كانت معبّرة جدًّا ومشحونة بالألم والبصيرة".
المعرض الذي احتضنه مركز النقب لم يكن مجرّد فعالية فنية، بل شكل فعلًا تضامنياً سياسياً وشعبياً. وأشارت الرفاعي إلى أن اختيار مخيم برج البراجنة تحديدًا لم يكن عبثيًا: "أردنا أن نؤكد أن شعبنا في المخيمات، رغم البعد الجغرافي والظروف القاسية، ليس معزولاً عن أهله في غزة".
وأضافت أن المعرض يحمل رسائل وطنية وتضامنية عديدة، أبرزها التأكيد على وحدة المصير الفلسطيني، وعلى أن النكبة ليست فقط تاريخاً مضى، بل واقع مستمر.
وقالت: "النكبة لم تنتهِ. ما يحصل في غزة اليوم هو نكبة متجددة، بل بأبشع أشكالها. لهذا لا يمكن أن نُحيي ذكرى النكبة بمهرجانات تراثية أو دموع ماضٍ، وننسى غزة التي تُباد الآن أمام أعيننا".
ويرى منظمو المعرض أن إقامته في الذكرى الـ77 للنكبة يربط بين الماضي والحاضر، ويعكس استمرارية النكبة من التشريد إلى القتل الممنهج، ومن المجازر إلى الإبادة الجماعية.
الصور المعروضة في "عين فاطمة" ليست فقط توثيقًا للحرب، بل أيضًا إحياءٌ لوصية الشهيدة التي أصرت على أن تبقى أعمالها شاهدة على الجريمة، رغم الحصار والدمار ومحاولات إسكات الصوت الفلسطيني.
وختمت الرفاعي بالقول: "لم نفكر مرتين حين عُرضت علينا صور فاطمة. قررنا أن نعرضها كما هي، لأن فيها الحقيقة العارية التي حاول الاحتلال طمسها بقتل الصحافيين واستهداف الكاميرات".