رضوان عبدالله*
المجالس البرلمانية المشتركة للشرق الأوسط ، والمكونة من مجلس حزب العمال للشرق الاوسط و مجلس حزب المحافظين للشرق الاوسط و مجلس حزب الديمقراطيين الأحرار للشرق الاوسط ، شكلت بعثة تقصي حقائق اللاجئين الفلسطينيين " كهيئة مستقلة " في تموز من العام 2000 ، حيث قامت سكرتارية البعثة بالاتصال بالسلطة الفلسطينية و الحكومة الإسرائيلية عبر بعثاتهما الدبلوماسية في لندن للاطلاع على المشروع.
و بعد ان قامت بزيارة مدتها عشرة أيام من أجل " جمع الحقائق من فلسطين و الأردن و سوريا و لبنان " استعانت خلالها البعثة " بنصائح كل من وزارة الخارجية البريطانية ومنظمة التحرير الفلسطينية والأكاديميين والخبراء المختصين باللاجئين الفلسطينيين حول المنظمات و الشخصيات التي تتوجه إليها، وبعد أن أجرت " نقاشات طويلة مع كل من الحكومات السورية و اللبنانية و الأردنية و السلطة الوطنية الفلسطينية بهدف طلب معاونتهم لعمل البعثة و استشارتهم عن الشخصيات و المنظمات التي يمكن أن تستعين بهم البعثة في كل مراحل عملها،قامت بجمع "شهادات اللاجئين " التي كانت عبارة عن نوعين من الشهادات " شهادات شفهية من اللاجئين و تشكل الجزء الرئيسي من هذا التقرير، بالإضافة الى عدد قليل من الشهادات المكتوبة ... و ملخص اجتماعات جمعت من الإجتماعات التي عقدتها البعثة مع مسؤولي المؤسسات و المنظمات والخبراء والقيادات السياسية، و جمعت الشهادات، بحسب التقرير، باللغتين العربية والانكليزية، حيث " تم تسجيل أسماء كل اللاجئين الذين أدلوا بشهاداتهم مع ذكر اسم المدينة أو القرية المنحدرين منها بالإضافة الى اسم المحافظة أثناء فترة الانتداب البريطاني.
قامت اللجنة بترجمة الطبعة الانكليزية الثانية الصادرة في لندن، آذار/ مارس 2001، لتقريرها الذي أعدته تحت عنوان " حق العودة "، بعد أن سجلت ملاحظاتها وتوصياتها، الناتجة عن مجموعة من الأسئلة وجهت لفئة من اللاجئين، وأخذت شهاداتهم، وشهادات بعض المؤسسات والمنظمات غير الحكومية العاملة في الوسط الفلسطيني، إضافة إلى شهادات مثقفين و باحثين فلسطينيين، و قليل منهم ضمن أطر منظمة التحرير الفلسطينية، حيث اجتمعت البعثة أيضاً مع عدد من المسؤولين الحكوميين و مسؤولي المنظمات و المؤسسات المعنية باللاجئين الفلسطينيين.
التقرير يتساءل حول تمثيل اللاجئين الفلسطينيين
و رغم أن الإفتتاحية، وهي بقلم البروفسور ريتشارد فالك من جامعة برينسيتون، تظهر اهتمام كاتبها بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين وبواقع القضية الفلسطينية و المأساة اليومية الحالية للاجئين الفلسطينيين، وتبدي صدمة البروفيسور فالك من الأوضاع المأساوية التي يعيشها اللاجئون الفلسطينيون، و تباكيه على وجود الفراغ المؤسسي القائم منذ عقود، إلا أنه يتساءل عن مسألة تمثيل اللاجئين وذلك من خلال إعادة التفكير حول أهمية قضية اللاجئين لأي "عملية سلمية حقيقية"، و في الدرجة الأولى توجد مسألة تمثيل اللاجئين: هل يمكن لمنظمة التحرير الفلسطينية تمثيل مصالح اللاجئين الفلسطينيين في الشتات ؟ مدعياً مخاوف حول اهتمام منظمة التحرير الفلسطين بحقوق اللاجئين المقيمين داخل الاراضي الفلسطينية الخاضعة لإدارة السلطة الفلسطينية، و ينسب تلك المخاوف إلى الاعتقاد بأن السلطة الفلسطينية تركز بشكل رئيسي على إقامة "الدولة الفلسطينية"، وتبدي استعداداً للتنازل عن أغلب، إن لم يكن كل، حقوق اللاجئين الفلسطينيين المستندة إلى القانون الدولي و المبادئ الاخلاقية .
و يكمل الروفيسور فالك " اهتمامه " بالتمثيل الفلسطيني حيث يضع المسؤولية على عاتق المجتمع الدولي، وبشكل " يتعلق بإنشاء آلية لتمثيل اللاجئين الفلسطينيين بصفة عامة، و المقيمين في الأردن وسوريا و لبنان بصفة خاصة".
و يعزو البروفيسور فالك أهمية التقرير البرلماني إلى " احتوائه على عدد كبير من شهادات اللاجئين الفلسطينيين التي عبرت عن صلابة تمسك اللاجئين الفلسطينيين بتنفيذ حق العودة كجزء لا يتجزأ من عملية السلام و المصالحة الاسرائيلية الفلسطينية " معرباً عن موقفه بفرضية قادة الجانبين ( الفلسطيني و الاسرائيلي ) حول إمكانية " التفاوض على حل يتجاهل المطالب الأساسية للمجتمع الأوسع للاجئين الفلسطينيين"، بأن ذلك خطأ، وأحد الأسباب الرئيسية التي أدت إلى فشل إطار اوسلو منذ البداية، من المحتمل أن يؤدي هذا الفشل إلى تحلي الطرفين بالواقعية كشرط مسبق لـ"سلام حقيقي"، والتوصل إلى آليات تقود إلى "الأرض الموعودة " .
برلماني بريطاني: حان الوقت ليعود اللاجئون الفلسطينيون إلى ديارهم
اما عضو البرلمان البريطاني عن مقاطعة داندي، اسكتلندا، إيرني روس، رئيس بعثة التقصي الذي كتب مقدمة التقرير، أدرك بأن اللقاء مع أطفال مخيم المية و مية هو جوهر بعثة تقصي الحقائق و السبب الرئيسي لوجود البعثة في هذا المكان، حيث كان أطفال المخيم، و هم الجيل الثالث من اللاجئين ويعيشون في مخيمات مضى على إقامتها أكثر من خمسين عاماً ، يتحدثون عن محنتهم بصراحة وبدون مواربة، كانوا معتزين بشخصيتهم بالرغم من الفقر والحرمان وقسوة حياتهم في مخيمات اللاجئين.
ويضيف روس: "عكست الطريقة التي تحدثوا بها عن أحلامهم في المستقبل وعن أحزانهم، إداركهم أن صفة اللاجئ التي يحملونها سوف تحرمهم للأبد من الفرص التي تتوفر للأطفال الآخرين الذين يعيشون كمواطنين داخل بلادهم."
و بعد أن يأمل البرلماني البريطاني للأطفال بأن " يكبروا و يتمتعوا بكافة الحقوق و الفرص المتوفرة للأطفال في كل مكان، يطالب بالعمل لكي " يكون هذا الجيل هو آخر جيل من اللاجئين الفلسطينيين" لأنه " لقد حان الوقت لأن يعودوا الى ديارهم ".
إقرار برلماني بريطاني بالمسؤولية عن إحداث قضية اللاجئين الفلسطينيين
بعد عرض للإطار التاريخي لأزمة اللاجئين و النتائج الرئيسية المستخلصة من شهادات اللاجئين والتي أوجزها التقرير بالنقاط الرئيسية التالية: "جوهر الصراع ـ خطر الاستبعاد، عدم التمثيل، الأرض والناس، الدور البريطاني والمسؤولية الإسرائيلية و الدولية"، أورد التقرير ملاحظات عامة و تحليلاً يتضمن " آراء سياسية حالية للاجئين الفلسطينيين والانتفاضة والتمثيل وموضوع اللاجئين في سياق عملية اوسلو لـ"السلام".
جاءت التوصيات من البعثة، وتحدثت عن الدور" الذي لعبته بريطانيا في تسببها في أزمة اللاجئين الفلسطينيين"، حيث شعرت البعثة "بضرورة أن تقوم الحكومة البريطانية بالإعلان عن بعض الالتزامات لإيجاد حل عادل لمأساة اللاجئين الفلسطينيين"، بعد أن فوجئت " بأن كل اللاجئين قد عبروا عن هذا المطلب ."
و حمّل التقرير المجتمع الدولي المسؤولية، " حيث ساهم في خلق هذه المشكلة بإعلان التقسيم عام 1947، لافتاً النظر إلى أن أمام بريطانيا "الفرصة المتاحة لتقديم المساعدة في المشاريع الصغيرة و الملحة و العلمية"، ومن هذه المشاريع تمويل مشروع الملفات العائلية في بريطانيا المخصص " لحفظ الوثائق الأصلية لأملاك اللاجئين التي انتزعت منهم في عام 1948، و هي مهددة بالتلف بسبب وسائل الحفظ غير المناسبة
و وجدت البعثة " أن الأونروا تمر بمرحلة خطيرة تؤثر على استمرارها، ومن البديهي أن يتوفر حل عملي قبيل الشروع في تقليص دورها ."
و يضيف التقرير أنه " يمكن أن يكون للمنظمة دور في القيام بوظائف الخدمات الحكومية عن طريق إعارة موظف بريطاني كبير حتى يأتي الوقت الذي يتم فيه الوصول إلى حل، و في كل الاحوال يمكن لبريطانيا أن تقدم البادرة الايجابية إلى اللاجئين الفلسطينيين الذين تم تجاهلهم لفترة طويلة، و كذلك إلى الأونروا التي تقدم الخدمات الأساسية لهم، و ذلك عبر دعمها لهذه المهمة الصغيرة و الفائقة الأهمية."
التقرير يعكس مخاوف اللاجئين الفلسطينيين من استثنائهم في أي عملية سياسية
أما التوصية الثانية، والتي جاءت تحت عنوان " آليات المطالب الجماعية و المطالب الفردية للاجئين الفلسطينيين"، فهي تشكل محاولة لمعالجة عدد غير قليل من المشاكل التي يعاني منها اللاجئون الفلسطينيون حاليا نتيجة لعدم توافر الآليات التي تسمح لهم بالتعبير و توصيل أصواتهم، بحسب ما جاء في التقرير .
و تعكس التوصية " مشاعر القلق التي عبر عنها اللاجئون الفلسطينيون في شهاداتهم من استبعادهم من العملية السلمية الرسمية "، و التي أسفرت حسب التقرير" عن فصلهم على المستوى التنظيمي، و عملياًعن قيادة منظمة التحرير الفلسطينية " و ذلك بسبب "خلق السلطة الوطنية الفلسطينية، ونقل قيادة منظمة التحرير الفلسطينية إلى الضفة الغربية و قطاع غزة ."
توصيات للاتحاد الأوروبي والمفوضية الأوروبية للاجئين
و اقترحت البعثة أخيراً، على الاتحاد الأوروبي والمفوضية الأوروبية للاجئين البدء في دراسة كيفية خلق آليتين متمايزتين للاستجابة لمطالب اللاجئين والمنفيين الفلسطينيين، لمعالجة نوعين من المطالب المتعلقة بهم.
أحد هذين المطلبين جماعي، وهو خلق آلية لتمكين و تعزيز الإجراءات الديموقراطية لصناعة القرار عبر تضمين آراء اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات، وآخر فردي ويكمن في الحاجة إلى التعامل مع القضية الشائكة الخاصة بالملكية والاختيار الفردي بين العودة و التعويض على أساس الحقوق الفردية.
"اتفاقية أوسلو ..خطر يهدد قضية اللاجئين الفلسطينيين"
أما تشكيل و إجراءات عمل بعثة تقصي الحقائق فجاءت بعد أن اجتمعت اللجنة البرلمانية المشتركة لتقصي الحقائق الخاصة باللاجئين الفلسطينيين، استجابة إلى القلق المتزايد بين أعضاء مجلس النواب البريطاني حول التجاهل الخطير لمسألة اللاجئين في ظل اتفاقيات اوسلو .
يقول التقرير: "حيث شعر المجتمعون أن موضوع اللاجئين لم يحظ بالاهتمام الكافي بالرغم من حجم و تعقيد المشكلة، وأهميتها الجوهرية في العملية السلمية، وفي أذهان الفلسطينيين في كل مكان ."
و تركزت أهداف البعثة حول إعداد ورقة عمل حُددت فيها الأهداف العامة و الإطار القانوني للمشروع وصيغت ورقة العمل " وفق مبدأ اختيار اللاجئين في اطار قرار الأمم المتحدة 194، وعلى أساس أنه يوفر أفضل إطار يمكن العمل بموجبه" ، وحدد الغرض من جمع شهادات اللاجئين من أجل مساعدة اللجنة " في خلق آلية تمكننا من توصيل آراء و مطالب اللاجئين الفلسطينيين المتعلقة بحق العودة بشكل مباشر و أصيل".
و كان أحد المهام لزيارة اللجنة إلى المنطقة و"التعرف إلى آراء المسؤولين والحكومات والمنظمات المرتبط عملها بتجمعات اللاجئين "، بعد أن أدركت "تأثير قضية اللاجئين على العديد من دول المنطقة، وخاصة الدول التي استضافت اللاجئين الفلسطينيين لأكثر من خمسين عاماً، و يجب أن يتناول أي حل، مطالب حكومات هذه الدول المضيفة."
مسؤولية تاريخية وقانونية للمجتمع الدولي نحو اللاجئين الفلسطينيين
أما المبادئ الإرشادية التي استندت عليها البعثة فتركزت حول مبدئين أساسيين: " الأول المسؤولية التاريخية و القانونية للمجتمع الدولي نحو اللاجئين الفلسطينيين، والثاني في حق اللاجئين في الاختيار".
و التزمت البعثة "بوجهة النظر التي تفسر قرار الأمم المتحدة 194 باعتباره الأساس القانوني الذي يستند عليه حق العودة للاجئين الفلسطينيين، بعد أن أدركت أن هذا القرار يتألف من أربعة مكونات: العودة ،إعادة الإسكان ،التأهيل الاقتصادي و الاجتماعي، والتعويض"، و بعد أن اقتنعت البعثة " بأن هذه الحقوق لا تتعارض ، بل بالأحرى، تتوافق مع القانون الدولي المعمول به ."
بينما اختارت البعثة أن يكون أحد مبادئ عملها " الموافقة والشمولية، إذ يشكل اللاجئون الفلسطينيون ثلثي الشعب الفلسطيني، لذا رأت البعثة أن مشاركة وموافقة اللاجئين الفلسطينيين ضرورية لإنجاح أي صيغة سلمية، ويجب التوصل إلى حلول تستند إلى القانون الدولي والموافقة الشعبية والتي تعتبر من العلامات المميزة للقانون الدولي الحالي التي تؤيدها بريطانيا باستمرار في مواقفها السياسية الخارجية بدون استثناء".
رغم الملاحظات التي يمكن أن نسجلها على أداء البعثة بالنسبة للشهادات الموجودة، حيث ورود بعض الأسماء التي نسب أصحابها على انهم باحثون، و أسماء أخرى لمسؤولي منتديات أو تجمعات أو حتى مجموعات، ونحن نعرفهم جيداً، ومن ناحية أخرى هناك محاولة تغييب لدور منظمة التحرير الفلسطينية بطريقة أو بأخرى، رغم الاتصالات المسبقة من قبل البعثة بالمنظمة، ورغم وجود شهادات صادرة عن أعضاء سابقين في الهيئة التنفيذية للمنظمة، أو أعضاء سابقين لهم علاقة بملفات اللاجئين في المنظمة، طبعاً مع الاحترام و التقدير لكافة الأسماء و الاشخاص، ورغم الأخطاء الكثيرة الواردة بالترجمة التي عبرت عن جهل المترجم بالأسماء باللغة العربية، رغم كل شيء ربما تكون البعثة البرلمانية البريطانية لتقصي الحقائق حول اللاجئين الفلسطينيين هذه ، وهي هيئة مستقلة كما ورد خلال التقرير، قد بدأت بدايةً أقل ما يمكن أن نقول أنها تكفر عن الذنب الذي اقترفه آباؤهم وأجدادهم ، حيث نستطيع أن نعتبر هذا التقرير مبادرة غير عربية، صادرة بلغة غير عربية أيضاً( التقرير صدر اساساً باللغة الانكليزية )، لتوصيل رسالة إلى المجتمع الدولي حول الحق الفلسطيني بعودة اللاجئين إلى أرضهم ووطنهم، ومن المهم جداً أيضاً الاستفادة من هذا الموقف البرلماني البريطاني المتقدم والذي يشكل ظاهرة صحية في مجتمع أعمته غيوم الصهيونية عن الحق العربي، حتى أصدر قادته وعد بلفور المشؤوم ، و شرد شعباً تمتد جذوره لآلاف السنين في فلسطين، و لربما يكون هذا التقرير كلمة حق من جزء من نواب الشعب البريطاني الذي ينحدر من امبراطورية استعمارية لم تكن تغيب عنها الشمس يوماً .
المجالس البرلمانية المشتركة للشرق الأوسط ، والمكونة من مجلس حزب العمال للشرق الاوسط و مجلس حزب المحافظين للشرق الاوسط و مجلس حزب الديمقراطيين الأحرار للشرق الاوسط ، شكلت بعثة تقصي حقائق اللاجئين الفلسطينيين " كهيئة مستقلة " في تموز من العام 2000 ، حيث قامت سكرتارية البعثة بالاتصال بالسلطة الفلسطينية و الحكومة الإسرائيلية عبر بعثاتهما الدبلوماسية في لندن للاطلاع على المشروع.
و بعد ان قامت بزيارة مدتها عشرة أيام من أجل " جمع الحقائق من فلسطين و الأردن و سوريا و لبنان " استعانت خلالها البعثة " بنصائح كل من وزارة الخارجية البريطانية ومنظمة التحرير الفلسطينية والأكاديميين والخبراء المختصين باللاجئين الفلسطينيين حول المنظمات و الشخصيات التي تتوجه إليها، وبعد أن أجرت " نقاشات طويلة مع كل من الحكومات السورية و اللبنانية و الأردنية و السلطة الوطنية الفلسطينية بهدف طلب معاونتهم لعمل البعثة و استشارتهم عن الشخصيات و المنظمات التي يمكن أن تستعين بهم البعثة في كل مراحل عملها،قامت بجمع "شهادات اللاجئين " التي كانت عبارة عن نوعين من الشهادات " شهادات شفهية من اللاجئين و تشكل الجزء الرئيسي من هذا التقرير، بالإضافة الى عدد قليل من الشهادات المكتوبة ... و ملخص اجتماعات جمعت من الإجتماعات التي عقدتها البعثة مع مسؤولي المؤسسات و المنظمات والخبراء والقيادات السياسية، و جمعت الشهادات، بحسب التقرير، باللغتين العربية والانكليزية، حيث " تم تسجيل أسماء كل اللاجئين الذين أدلوا بشهاداتهم مع ذكر اسم المدينة أو القرية المنحدرين منها بالإضافة الى اسم المحافظة أثناء فترة الانتداب البريطاني.
قامت اللجنة بترجمة الطبعة الانكليزية الثانية الصادرة في لندن، آذار/ مارس 2001، لتقريرها الذي أعدته تحت عنوان " حق العودة "، بعد أن سجلت ملاحظاتها وتوصياتها، الناتجة عن مجموعة من الأسئلة وجهت لفئة من اللاجئين، وأخذت شهاداتهم، وشهادات بعض المؤسسات والمنظمات غير الحكومية العاملة في الوسط الفلسطيني، إضافة إلى شهادات مثقفين و باحثين فلسطينيين، و قليل منهم ضمن أطر منظمة التحرير الفلسطينية، حيث اجتمعت البعثة أيضاً مع عدد من المسؤولين الحكوميين و مسؤولي المنظمات و المؤسسات المعنية باللاجئين الفلسطينيين.
التقرير يتساءل حول تمثيل اللاجئين الفلسطينيين
و رغم أن الإفتتاحية، وهي بقلم البروفسور ريتشارد فالك من جامعة برينسيتون، تظهر اهتمام كاتبها بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين وبواقع القضية الفلسطينية و المأساة اليومية الحالية للاجئين الفلسطينيين، وتبدي صدمة البروفيسور فالك من الأوضاع المأساوية التي يعيشها اللاجئون الفلسطينيون، و تباكيه على وجود الفراغ المؤسسي القائم منذ عقود، إلا أنه يتساءل عن مسألة تمثيل اللاجئين وذلك من خلال إعادة التفكير حول أهمية قضية اللاجئين لأي "عملية سلمية حقيقية"، و في الدرجة الأولى توجد مسألة تمثيل اللاجئين: هل يمكن لمنظمة التحرير الفلسطينية تمثيل مصالح اللاجئين الفلسطينيين في الشتات ؟ مدعياً مخاوف حول اهتمام منظمة التحرير الفلسطين بحقوق اللاجئين المقيمين داخل الاراضي الفلسطينية الخاضعة لإدارة السلطة الفلسطينية، و ينسب تلك المخاوف إلى الاعتقاد بأن السلطة الفلسطينية تركز بشكل رئيسي على إقامة "الدولة الفلسطينية"، وتبدي استعداداً للتنازل عن أغلب، إن لم يكن كل، حقوق اللاجئين الفلسطينيين المستندة إلى القانون الدولي و المبادئ الاخلاقية .
و يكمل الروفيسور فالك " اهتمامه " بالتمثيل الفلسطيني حيث يضع المسؤولية على عاتق المجتمع الدولي، وبشكل " يتعلق بإنشاء آلية لتمثيل اللاجئين الفلسطينيين بصفة عامة، و المقيمين في الأردن وسوريا و لبنان بصفة خاصة".
و يعزو البروفيسور فالك أهمية التقرير البرلماني إلى " احتوائه على عدد كبير من شهادات اللاجئين الفلسطينيين التي عبرت عن صلابة تمسك اللاجئين الفلسطينيين بتنفيذ حق العودة كجزء لا يتجزأ من عملية السلام و المصالحة الاسرائيلية الفلسطينية " معرباً عن موقفه بفرضية قادة الجانبين ( الفلسطيني و الاسرائيلي ) حول إمكانية " التفاوض على حل يتجاهل المطالب الأساسية للمجتمع الأوسع للاجئين الفلسطينيين"، بأن ذلك خطأ، وأحد الأسباب الرئيسية التي أدت إلى فشل إطار اوسلو منذ البداية، من المحتمل أن يؤدي هذا الفشل إلى تحلي الطرفين بالواقعية كشرط مسبق لـ"سلام حقيقي"، والتوصل إلى آليات تقود إلى "الأرض الموعودة " .
برلماني بريطاني: حان الوقت ليعود اللاجئون الفلسطينيون إلى ديارهم
اما عضو البرلمان البريطاني عن مقاطعة داندي، اسكتلندا، إيرني روس، رئيس بعثة التقصي الذي كتب مقدمة التقرير، أدرك بأن اللقاء مع أطفال مخيم المية و مية هو جوهر بعثة تقصي الحقائق و السبب الرئيسي لوجود البعثة في هذا المكان، حيث كان أطفال المخيم، و هم الجيل الثالث من اللاجئين ويعيشون في مخيمات مضى على إقامتها أكثر من خمسين عاماً ، يتحدثون عن محنتهم بصراحة وبدون مواربة، كانوا معتزين بشخصيتهم بالرغم من الفقر والحرمان وقسوة حياتهم في مخيمات اللاجئين.
ويضيف روس: "عكست الطريقة التي تحدثوا بها عن أحلامهم في المستقبل وعن أحزانهم، إداركهم أن صفة اللاجئ التي يحملونها سوف تحرمهم للأبد من الفرص التي تتوفر للأطفال الآخرين الذين يعيشون كمواطنين داخل بلادهم."
و بعد أن يأمل البرلماني البريطاني للأطفال بأن " يكبروا و يتمتعوا بكافة الحقوق و الفرص المتوفرة للأطفال في كل مكان، يطالب بالعمل لكي " يكون هذا الجيل هو آخر جيل من اللاجئين الفلسطينيين" لأنه " لقد حان الوقت لأن يعودوا الى ديارهم ".
إقرار برلماني بريطاني بالمسؤولية عن إحداث قضية اللاجئين الفلسطينيين
بعد عرض للإطار التاريخي لأزمة اللاجئين و النتائج الرئيسية المستخلصة من شهادات اللاجئين والتي أوجزها التقرير بالنقاط الرئيسية التالية: "جوهر الصراع ـ خطر الاستبعاد، عدم التمثيل، الأرض والناس، الدور البريطاني والمسؤولية الإسرائيلية و الدولية"، أورد التقرير ملاحظات عامة و تحليلاً يتضمن " آراء سياسية حالية للاجئين الفلسطينيين والانتفاضة والتمثيل وموضوع اللاجئين في سياق عملية اوسلو لـ"السلام".
جاءت التوصيات من البعثة، وتحدثت عن الدور" الذي لعبته بريطانيا في تسببها في أزمة اللاجئين الفلسطينيين"، حيث شعرت البعثة "بضرورة أن تقوم الحكومة البريطانية بالإعلان عن بعض الالتزامات لإيجاد حل عادل لمأساة اللاجئين الفلسطينيين"، بعد أن فوجئت " بأن كل اللاجئين قد عبروا عن هذا المطلب ."
و حمّل التقرير المجتمع الدولي المسؤولية، " حيث ساهم في خلق هذه المشكلة بإعلان التقسيم عام 1947، لافتاً النظر إلى أن أمام بريطانيا "الفرصة المتاحة لتقديم المساعدة في المشاريع الصغيرة و الملحة و العلمية"، ومن هذه المشاريع تمويل مشروع الملفات العائلية في بريطانيا المخصص " لحفظ الوثائق الأصلية لأملاك اللاجئين التي انتزعت منهم في عام 1948، و هي مهددة بالتلف بسبب وسائل الحفظ غير المناسبة
و وجدت البعثة " أن الأونروا تمر بمرحلة خطيرة تؤثر على استمرارها، ومن البديهي أن يتوفر حل عملي قبيل الشروع في تقليص دورها ."
و يضيف التقرير أنه " يمكن أن يكون للمنظمة دور في القيام بوظائف الخدمات الحكومية عن طريق إعارة موظف بريطاني كبير حتى يأتي الوقت الذي يتم فيه الوصول إلى حل، و في كل الاحوال يمكن لبريطانيا أن تقدم البادرة الايجابية إلى اللاجئين الفلسطينيين الذين تم تجاهلهم لفترة طويلة، و كذلك إلى الأونروا التي تقدم الخدمات الأساسية لهم، و ذلك عبر دعمها لهذه المهمة الصغيرة و الفائقة الأهمية."
التقرير يعكس مخاوف اللاجئين الفلسطينيين من استثنائهم في أي عملية سياسية
أما التوصية الثانية، والتي جاءت تحت عنوان " آليات المطالب الجماعية و المطالب الفردية للاجئين الفلسطينيين"، فهي تشكل محاولة لمعالجة عدد غير قليل من المشاكل التي يعاني منها اللاجئون الفلسطينيون حاليا نتيجة لعدم توافر الآليات التي تسمح لهم بالتعبير و توصيل أصواتهم، بحسب ما جاء في التقرير .
و تعكس التوصية " مشاعر القلق التي عبر عنها اللاجئون الفلسطينيون في شهاداتهم من استبعادهم من العملية السلمية الرسمية "، و التي أسفرت حسب التقرير" عن فصلهم على المستوى التنظيمي، و عملياًعن قيادة منظمة التحرير الفلسطينية " و ذلك بسبب "خلق السلطة الوطنية الفلسطينية، ونقل قيادة منظمة التحرير الفلسطينية إلى الضفة الغربية و قطاع غزة ."
توصيات للاتحاد الأوروبي والمفوضية الأوروبية للاجئين
و اقترحت البعثة أخيراً، على الاتحاد الأوروبي والمفوضية الأوروبية للاجئين البدء في دراسة كيفية خلق آليتين متمايزتين للاستجابة لمطالب اللاجئين والمنفيين الفلسطينيين، لمعالجة نوعين من المطالب المتعلقة بهم.
أحد هذين المطلبين جماعي، وهو خلق آلية لتمكين و تعزيز الإجراءات الديموقراطية لصناعة القرار عبر تضمين آراء اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات، وآخر فردي ويكمن في الحاجة إلى التعامل مع القضية الشائكة الخاصة بالملكية والاختيار الفردي بين العودة و التعويض على أساس الحقوق الفردية.
"اتفاقية أوسلو ..خطر يهدد قضية اللاجئين الفلسطينيين"
أما تشكيل و إجراءات عمل بعثة تقصي الحقائق فجاءت بعد أن اجتمعت اللجنة البرلمانية المشتركة لتقصي الحقائق الخاصة باللاجئين الفلسطينيين، استجابة إلى القلق المتزايد بين أعضاء مجلس النواب البريطاني حول التجاهل الخطير لمسألة اللاجئين في ظل اتفاقيات اوسلو .
يقول التقرير: "حيث شعر المجتمعون أن موضوع اللاجئين لم يحظ بالاهتمام الكافي بالرغم من حجم و تعقيد المشكلة، وأهميتها الجوهرية في العملية السلمية، وفي أذهان الفلسطينيين في كل مكان ."
و تركزت أهداف البعثة حول إعداد ورقة عمل حُددت فيها الأهداف العامة و الإطار القانوني للمشروع وصيغت ورقة العمل " وفق مبدأ اختيار اللاجئين في اطار قرار الأمم المتحدة 194، وعلى أساس أنه يوفر أفضل إطار يمكن العمل بموجبه" ، وحدد الغرض من جمع شهادات اللاجئين من أجل مساعدة اللجنة " في خلق آلية تمكننا من توصيل آراء و مطالب اللاجئين الفلسطينيين المتعلقة بحق العودة بشكل مباشر و أصيل".
و كان أحد المهام لزيارة اللجنة إلى المنطقة و"التعرف إلى آراء المسؤولين والحكومات والمنظمات المرتبط عملها بتجمعات اللاجئين "، بعد أن أدركت "تأثير قضية اللاجئين على العديد من دول المنطقة، وخاصة الدول التي استضافت اللاجئين الفلسطينيين لأكثر من خمسين عاماً، و يجب أن يتناول أي حل، مطالب حكومات هذه الدول المضيفة."
مسؤولية تاريخية وقانونية للمجتمع الدولي نحو اللاجئين الفلسطينيين
أما المبادئ الإرشادية التي استندت عليها البعثة فتركزت حول مبدئين أساسيين: " الأول المسؤولية التاريخية و القانونية للمجتمع الدولي نحو اللاجئين الفلسطينيين، والثاني في حق اللاجئين في الاختيار".
و التزمت البعثة "بوجهة النظر التي تفسر قرار الأمم المتحدة 194 باعتباره الأساس القانوني الذي يستند عليه حق العودة للاجئين الفلسطينيين، بعد أن أدركت أن هذا القرار يتألف من أربعة مكونات: العودة ،إعادة الإسكان ،التأهيل الاقتصادي و الاجتماعي، والتعويض"، و بعد أن اقتنعت البعثة " بأن هذه الحقوق لا تتعارض ، بل بالأحرى، تتوافق مع القانون الدولي المعمول به ."
بينما اختارت البعثة أن يكون أحد مبادئ عملها " الموافقة والشمولية، إذ يشكل اللاجئون الفلسطينيون ثلثي الشعب الفلسطيني، لذا رأت البعثة أن مشاركة وموافقة اللاجئين الفلسطينيين ضرورية لإنجاح أي صيغة سلمية، ويجب التوصل إلى حلول تستند إلى القانون الدولي والموافقة الشعبية والتي تعتبر من العلامات المميزة للقانون الدولي الحالي التي تؤيدها بريطانيا باستمرار في مواقفها السياسية الخارجية بدون استثناء".
رغم الملاحظات التي يمكن أن نسجلها على أداء البعثة بالنسبة للشهادات الموجودة، حيث ورود بعض الأسماء التي نسب أصحابها على انهم باحثون، و أسماء أخرى لمسؤولي منتديات أو تجمعات أو حتى مجموعات، ونحن نعرفهم جيداً، ومن ناحية أخرى هناك محاولة تغييب لدور منظمة التحرير الفلسطينية بطريقة أو بأخرى، رغم الاتصالات المسبقة من قبل البعثة بالمنظمة، ورغم وجود شهادات صادرة عن أعضاء سابقين في الهيئة التنفيذية للمنظمة، أو أعضاء سابقين لهم علاقة بملفات اللاجئين في المنظمة، طبعاً مع الاحترام و التقدير لكافة الأسماء و الاشخاص، ورغم الأخطاء الكثيرة الواردة بالترجمة التي عبرت عن جهل المترجم بالأسماء باللغة العربية، رغم كل شيء ربما تكون البعثة البرلمانية البريطانية لتقصي الحقائق حول اللاجئين الفلسطينيين هذه ، وهي هيئة مستقلة كما ورد خلال التقرير، قد بدأت بدايةً أقل ما يمكن أن نقول أنها تكفر عن الذنب الذي اقترفه آباؤهم وأجدادهم ، حيث نستطيع أن نعتبر هذا التقرير مبادرة غير عربية، صادرة بلغة غير عربية أيضاً( التقرير صدر اساساً باللغة الانكليزية )، لتوصيل رسالة إلى المجتمع الدولي حول الحق الفلسطيني بعودة اللاجئين إلى أرضهم ووطنهم، ومن المهم جداً أيضاً الاستفادة من هذا الموقف البرلماني البريطاني المتقدم والذي يشكل ظاهرة صحية في مجتمع أعمته غيوم الصهيونية عن الحق العربي، حتى أصدر قادته وعد بلفور المشؤوم ، و شرد شعباً تمتد جذوره لآلاف السنين في فلسطين، و لربما يكون هذا التقرير كلمة حق من جزء من نواب الشعب البريطاني الذي ينحدر من امبراطورية استعمارية لم تكن تغيب عنها الشمس يوماً .
*رئيس الهيئة التنفيذية للاتحاد العام للاعلاميين العرب
عضو رابطة مثقفي مصر والشعوب العربية – مسؤول ملف اللاجئين بالشتات بالرابطة
موقع دنيا الوطن