أعرب سكان "حي النهر" المجاور للمقبرة القديمة داخل مخيم نهر البارد شمال لبنان، عن رفضهم لقرار إخلاء منازلهم الذي تبلغوا به من مخابرات الجيش اللبناني بحجة أنّها مقامة على أراضٍ "مشاع"، مؤكدين تمسّكهم بحقهم في البقاء داخل منازلهم إلى حين تأمين بدائل سكنية تحفظ كرامتهم.

وقال الأهالي إنّهم فوجئوا بإنذارات شفهية من عناصر المخابرات اللبنانية تطالبهم بإخلاء منازلهم، ما أثار حالة من الغضب والقلق في صفوف عشرات العائلات التي رمّمت منازلها على نفقتها الخاصة بعد أكثر من 15 عاماً من النزوح والمعاناة منذ حرب المخيم عام 2007، والتي انتهت بتدميره.

اللاجئ الفلسطيني سامر النحفاوي، أحد سكان الحيّ المهددة منازلهم بالإزالة، أوضح لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين" قصتهم مع الحي ومنازله، وقال إنّ "البيوت الآن تُعدّ مشاعاً كما يقال، لكنها في الأصل مبنية منذ أكثر من خمسين عاماً، منذ أيام أجدادنا الذين بنوها وزوّجوا أبناءهم فيها، وتوارثناها جيلاً بعد جيل حتى اليوم".

ولفت إلى أنّ عائلته اضطرت لمغادرة المخيم خلال الحرب قبل نحو 18 عاماً، وعادت لاحقاً لتجد منازلها مصنّفة ضمن الأملاك المشاع، دون أن تعاد إليها أي حقوق.

وأشار إلى المعونة التي وصفها بـ"غير الكافية"، وقال: "أقمنا في البراكسات نحو 12 عاماً، ثم خرجنا منها على أساس أن "أونروا" ستمنحنا عقد إيجار، لكنها أعطتنا فقط 300 دولار كمساعدة مؤقتة وضحكت علينا".

وتابع النحفاوي أنّ العائلات باتت مضطرة لاستئجار بيوت ودفع الإيجارات من جيوبها، من دون أي اعتراف من "أونروا" بعقود الإيجار أو تعويض عن الأضرار والخسائر.

وشرح قائلاً: "أنا شخصياً تزوجت قبل الحرب بنحو ثمانية أشهر فقط، وفقدت كل ما أملك — أثاثي، ذهبي، وكل ما تعبت في شرائه. لم أستطع تعويض أي شيء. وعندما عدنا إلى بيوتنا وجدنا أن الإيجارات تتراوح بين 150 و200 دولار، بينما لا يتجاوز دخلي الشهري 100 إلى 150 دولاراً".

وأضاف: "بقينا في هذه البيوت، ورممناها على نفقتنا. ثم جاءت المخابرات قبل عامين تقريباً، وعادت مجدداً وقالت إنها تهيّئ هذه المنازل للإزالة، فتساءلنا على أي أساس سيتم الهدم، واجتمعنا مع ممثلة لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني نادين ماروق في مقر اللجنة الشعبية، وسألتنا إن كان الدرك هو من أبلغنا. لكننا أكدنا لها أن من جاءنا هي المخابرات، لا الدرك".

وتابع: "سألتنا ماروق إن كانت منازلنا آيلة للسقوط، فأجبنا بالنفي، وقلنا إنّ بيوتنا صلبة، وتتحمل حتى خمس طبقات إضافية فوقها. قالت إنها تتابع الموضوع مع الدرك والجهات المعنية، لكننا اكتشفنا أن الدرك نفسه لا يعلم بالأمر، ولم تصدر أي برقية رسمية بهذا الشأن. الأصل أن يكون التبليغ عبر ورقة رسمية من الدرك، لا أن يأتي أحدهم شفهياً ويقول: أخرج من البيت وسأجرفه لك. هذا ليس قانونيًا".

وختم النحفاوي حديثه بالتأكيد على أن الأهالي لن يخرجوا من منازلهم ما لم تُؤمَّن لهم بدائل سكنية تضمن كرامتهم، قائلاً: "بيوتنا لن نتركها اليوم ولا غداً. إن أعطيتنا بديلاً نخرج، لكن ما دام لا يوجد بديل فلن نغادر".

من جهته، أوضح أبو محمد كنعان، عضو اللجنة الشعبية في مخيم نهر البارد، أن اللجنة تتابع القضية عن قرب، مشيراً إلى أن "اجتماعاً عقد مع الأهالي والمهندسة ماروق في مقر اللجنة الشعبية، وتم الاتفاق على متابعة الملف بكل تفاصيله، وهناك أجواء إيجابية حتى الآن، ونسعى لحل الإشكال بما يحفظ حقوق الأهالي واستقرارهم".

ويؤكد سكان الحيّ أن أي محاولة لإزالة منازلهم دون بدائل عادلة تمثل ظلماً جديداً بحقّهم بعد سنوات من النزوح، مطالبين الجهات اللبنانية والفلسطينية ووكالة "أونروا" بالتحرك الفوري لحمايتهم من خطر التشريد وضمان حقهم في السكن الكريم داخل المخيم.

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد