حلب - بوابة اللاجئين
يقع مخيم النيرب في منطقة حلب، وقد أقيم بين عام 1948 و1950، تبلغ مساحته (148) ألف م2، وبلغ عدد السكان فيه نحو (19) ألف لاجئ مسجل في وكالة الأونروا، والإحصائيات الأخيرة غير الرسمية تشير إلى وجود (35) ألف لاجئ فلسطيني، إضافة إلى وجود (5) آلاف نازح من البلدات المجاورة جراء الأعمال العسكرية التي تشهدها مدينة حلب، وينحدر أبناء مخيم النيرب من مناطق الجليل الأعلى الفلسطيني من مدن صفد وعكا وحيفا وطبريا، ومن قرى الطيرة ولوبية وترشيحا والحبش وحطين وكويكات النهر والصفصاف والشجرة وعين غزال.
يعد مخيم النيرب من المخيمات التي تأثرت بشكل مباشر بالنزاع العسكري الدائر في سورية، ما أثر سلبيًا في حياة سكانه، ويأتي ذلك نتيجة عدة عوامل، منها متاخمة المخيم لـ"مطار النيرب العسكري ومطار حلب الدولي واللواء 80 المكلف حماية أمن مطار حلب الدولي"، وتعتبر هذه المواقع هامة بالنسبة لقوات النظام السوري في مدينة حلب ومحيطها، وهي في الوقت ذاته محط أنظار قوات المعارضة المسلحة، في محاولة منها السيطرة على اللواء ومحاصرة مطار النيرب العسكري. وكان لا بد للطرفين من المرور بالمخيم أو استخدامه ليكون خط إمداد له في عملياته العسكرية، نظرًا لتوسطه المواقع سالفة الذكر.
بسبب هذا الصراع دخل المخيم أتون الحرب في سورية، وأصبح منطقة دائمة التعرض للقصف والاشتباكات بين القوات المتحاربة، ورغم المصالحة التي حصلت برعاية محافظ قوات النظام في حلب وأمين فرع "حزب البعث" فيها، إلّا أن الأمور لم تستقر إلا في الشهر السادس من العام 2012، ولكن الاضطرابات الأمنية عادت للمخيم بتاريخ 11/7/2012 بعد حادثة خطف وقتل (17) مجند يخدمون في جيش التحرير الفلسطيني، إذ تم اختطافهم من قبل جهة مجهولة لمدة أسابيع، وذلك أثناء عودتهم من خدمتهم العسكرية في حافلة على طريق مصياف في محافظة حماه، وانقطعت أخبارهم، إلى أن تم العثور على جثثهم مرمية في الطريق، وشيع أهالي مخيم النيرب ضحاياهم وسط اتهامات متبادلة بين كافة الأطراف حول معرفة الجاني.
استمرت التوترات الأمنية في المخيم إلى أن تعرض لحصار مع بداية العام 2013 من قبل قوات المعارضة المسلحة "لواء التوحيد" و"فتح الشام" جبهة النصرة سابقا، في محاولة من الأخيرة السيطرة على المخيم من أجل تسهيل عملية محاصرة مطار النيرب العسكري، وقطع طريق الإمدادات بين قوات النظام المتواجدة حينها في المطار، والقوات الأخرى المساندة خارج المطار، سيما وأن قائد "لواء التوحيد" في حلب آنذاك "عبد القادر صالح" كان قد وجه إنذاراً لكل من يحمل السلاح بوجه اللواء، وخص بالذكر الموالين لقوات النظام في مخيم النيرب، بيد أن قوات النظام وقوات موالية لها قامت بسكر الطوق الذي فرضته قوات المعارضة بعد ثلاثة أشهر، وكان أول من شارك في تلك المعارك "لواء القدس" وهو تشكيل عسكري يحوي عناصر من سورية ومن أبناء مخيمي النيرب وحندارات، أٌعلن عن تشكيل اللواء رسميا في 6/10/2013 تحت قيادة المهندس "محمد أحمد محمد السعيد" فلسطيني من مواليد مخيم النيرب في محافظة حلب، وكان يعمل مهندساً قبل اندلاع الأحداث السورية 2011، وعرف عنه ارتباطه مع المخابرات الجوية لتسهيل فساده في بناء العقارات مع السماسرة، وتقاسم الأرباح في المباني العشوائية (غير النظامية) مع المخابرات الجوية.
الأوضاع المعيشية في المخيم
ساهمت الأوضاع الأمنية المشتعلة في محيط المخيم إلى تدني المستوى المعيشي لأبنائه من حيث توقف الأشغال وارتفاع في أسعار المواد بدرجة عالية أو انقطاعها في بعض الأحيان، بسبب قطع الطريق، وهذا ما يحدث مرارًا، حيث في العام 2014 أثار قطع طريق حلب الأساسي (طريق خناصر) والرابط بمدينة حماة ودمشق، الذي يمد مدينة حلب ومخيم النيرب بالبضائع والمواد المختلفة، موجة غضب بين الأهالي لتوقف دخول البضائع حينها، وقرب نفاذها من المخيم.
وحتى طريق "الراموسة" وهو أحد أكثر الطرق خطورة بالنسبة لأبناء مخيم النيرب، حيث تم تسجيل حالات قنص للمدنيين من سكان المخيم والمناطق المجاورة، قُطِع بسبب الاشتباكات العنيفة التي تندلع بين قوات المعارضة المسلحة من جهة، وقوات النظام ولواء القدس الموالي له من جهة أخرى، وتعطلت حركة مدنيين والموظفين والعاملين وطلاب الجامعات والمعاهد في مدينة حلب خوفاً من رصاص القناصة والاشتباكات العنيفة.
هذه الأسباب أدت إلى ارتفاع نسبة البطالة في مخيم النيرب ورفعت وتيرة الهجرة بين أبناء المخيم إلى خارج أوروبا عبر الحدود السورية التركية، كما ساهمت في زج شباب المخيم في القتال إلى جانب لواء القدس، عبر إغراء الشباب بالمال والعمل والحماية، وأفادت عدة مصادر بأن "لواء القدس" ما يزال حتى لحظة إعداد هذا التقرير يسعى لتجنيد العديد من أبناء مخيم النيرب وإشراكهم في القتال إلى جانب قوات النظام في معارك حلب الأخيرة.
في الآونة الأخيرة ونتيجة اندلاع المعارك العنيفة بين قوات النظام وحلفائه من جهة، وقوات المعارضة التي تهدف للسيطرة على مدينة حلب، يعيش المخيم حالة من التوتر والترقب بعد استهداف المخيم ومحيطه بالقذائف والصواريخ، وقد وجهت نداءات من مساجد المخيم في فترات مختلفة خلال شهر نيسان من العام الحالي دعت الأهالي للإلتزام بمنازلهم خوفاً من أن يطالهم القصف.