فلسطين المحتلة
ينعقد اجتماعُ هامٌ للجنة الاستشاريّة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، الاثنين 17 حزيران/يونيو، في البحر الميّت، لبحث الأزمة الماليّة الخانقة التي تُعاني منها الوكالة في ظل العجز المالي منذ العام الماضي الذي نتج عن وقف الولايات المتحدة لمساهماتها الماليّة في ميزانيّة الوكالة.
ويُشارك في الاجتماع (25) دولة مانحة ومُضيفة للاجئين الفلسطينيين وثلاثة أعضاء مُراقبين، لمناقشة التحديات التي تُواجه "الأونروا" في عملها، فيما سيتحدّث المُفوّض العام للوكالة بيير كرينبول خلال جلسة افتتاح أعمال اللجنة عن آخر مُستجدات أوضاع "الأونروا" واللاجئين الفلسطينيين في أقاليم عمليّات الوكالة.
في ذات السياق، يُعقد الأحد اجتماعاً تنسيقيّاً في دائرة الشؤون الفلسطينيّة، للدول المُضيفة للاجئين الفلسطينيين، بمشاركة وفود من فلسطين والأردن وسوريا ولبنان ومصر، بالإضافة إلى وفد من جامعة الدول العربية، وذلك لتنسيق الموقف العربي من أجل الخروج بموقف مُوحّد حول الأزمة الماليّة للوكالة وتبعاتها على وضع اللاجئين الفلسطينيين، قبل يوم من اجتماع اللجنة الاستشاريّة.
وكانت "الأونروا" قد أعلنت أنّها بدأت العام 2019 بعجز مباشر بقيمة (360) مليون دولار، وتُواجه أزمة سيولة نقديّة، لأنّ الإدارة الأمريكيّة قلّصت مساهماتها الماليّة العام الماضي لتكون (60) مليون دولار، إلا أنها قررت في عام 2019 لن تُعطي الوكالة سنتاً واحداً، حسب تصريحات الوكالة.
ولفت المتحدث باسم وكالة الغوث سامي مشعشع في وقتٍ سابق إلى أنّ هذه الأزمة تنعكس على قدرة "الأونروا" للإيفاء بالتزاماتها للخدمات الطارئة، تحديداً في قطاع غزة، ما اضطرها إلى تقليص عدد العاملين لديها الذي يعملون تحت بند التوظيف الطارئ وعدم تجديد الوظائف لـ (113) شخصاً من أصل ألف موظف يعملون على نظام الطوارئ، بينما يعمل (13) ألف موظف لدى الوكالة على نظام العقود الثابتة في غزة. وفي تصريحٍ أخير لمشعشع أشار إلى أنّ غياب الدعم المالي وتقليص ميزانية برامج الطوارئ تؤثر على عمل (154) موظف ضمن برنامج الطوارئ.
ويُقدّر العجز المالي في "الأونروا" للعام الحالي بـ (211) مليون دولار، يشمل الخدمات العادية وخدمات الطوارئ في مناطق عمليّات الوكالة، حسب تصريحات سابقة لمشعشع، الذي أشار إلى أنّ الوكالة استطاعت تحصيل (11) بالمائة فقط من هذه الميزانيّة، وقيمتها (288) مليون دولار، لافتاً إلى أنّ المسألة الأخطر هي أنّ أعداد اللاجئين دون خط الفقر في ازدياد، علماً بأنّ الوكالة منذ سنوات من عجز مالي أثّر على نوعيّة وكميّة الخدمات المُقدّمة.
وبالنظر للأزمة الماليّة في ظل الأوضاع الحاليّة في المنطقة، ستبدو الأزمة سياسيّة بالدرجة الأولى، إذ رافق القرار الأمريكي بشأن "الأونروا" تحركات وقرارات أخرى لدى الولايات المتحدة وكذلك الاحتلال الذي اعتبرها خطوات مُساندة وداعمة لسياساتها تجاه الفلسطينيين وخاصةً ما يتعلّق بالثوابت الوطنيّة لديهم، ابتداءً من القدس المُحتلّة وصولاً إلى اللاجئين وحق العودة.
وخلال أكثر من عام منذ الإعلان الأمريكي عن القدس عاصمة للكيان الصهيوني، سعت الإدارة الأمريكيّة ومعها الاحتلال لشيطنة "الأونروا"، كمنظمة أمميّة شاهدة على جريمة النكبة ما يُثبت حق اللاجئ الفلسطيني بالعودة وفقاً للقرارات الأممية الصادرة، بالإضافة إلى السعي لتحديد صفة اللجوء للجيل الأول الذي عايش النكبة ولا زال على قيد الحياة.
وهو ما لم تنفيه الوكالة، حيث قال مشعشع أنّ القرار الأمريكي بوقف دعم "الأونروا" لم يكن مالياً فقط، بل واكبه خطر وجودي على الوكالة، حيث كادت أن تنهار بالكامل سياسياً، وكان هناك هجمة مُركّزة من جانب الاحتلال، والذي نادى بضرورة إغلاق الوكالة ككل في الشرق الأوسط وتجفيف موارد الوكالة، وحين فشلت هذه المحاولة، تم تحويل الأنظار إلى وجود الوكالة في القدس، لأنّ ملفي اللاجئين والقدس يتقاطعان مع خدمات الوكالة في المدينة.
ورافق ذلك استهداف الاحتلال المُباشر لـ "الأونروا" ومؤسساتها في أماكن سيطرة الاحتلال وبالأخص مدينة القدس المحتلة، حيث وضعت بلديّة الاحتلال خطة لإنهاء عمل المنظمة الدولية في مُخيّمات القدس، وسط عمليات هدم واستهداف للأبنية السكنيّة والتجارية في مُخيّمات المدينة.
وتأتي كل الإجراءات السابقة والحصار المالي على "الأونروا" في ظل محاولات أمريكية مع دول أخرى مُشاركة ضمن خطة تمرير ما يُعرف بـ "صفقة القرن" والتي تُعبّر عن الرؤية الأمريكيّة لما تُسميه واشنطن بـ "خطة السلام"، والتي تُدلّل كافّة عناوينها التي عُرفت حتى اللحظة على انحيازها المُطلق للاحتلال على حساب الفلسطينيين وقضيّتهم وملفاتهم الأساسيّة.