لندن
أطلقت منظّمة العفو الدوليّة في لندن، عبر موقعها الالكتروني الخميس 20 حزيران/ يونيو، منصّة بعنوان " + سبعون عاماً من الاختناق"، تروي قصص لاجئين فلسطينيين في لبنان، الأردن، والأراضي الفلسطينية المحتلّة، وذلك بمناسبة اليوم العالمي للاجئين، الذي يصادف العشرين من حزيران/ يونيو.
وتسرد المنصّة حكايا وقضايا وهموم اللاجئين الفلسطينيين الذين يسجّلون العدد الأكبر من اللاجئين في العالم بواقع 5.2 لاجئ، بعضهم يعيش في الأراضي الفلسطينية المحتلّة على بعد 100 كيلومتر عن منازلهم في مدنهم الأصليّة، فيما يعيش آخرون في لبنان وسوريا والأردن.
ونشرت المنظّمة أولى الحكايات، بأسلوب السرد المكتوب الذي يضيء على أبرز أوجه معاناة اللاجئين كلّ حسب مكان وجوده، عبر المنصّة التي قُسّمت إلى ثلاثة فصول، الأوّل فصل الأراضي الفلسطينية المحتلّة، الفصل الثاني للبنان، والثالث للأردن، مرفقة كل حكاية بصور أصحابها، ومعلومات عامة عن المخيّم الذي يحتويها.
وفي إحدى القصص المنشورة، أبرزت المنظمّة معاناة اللاجئة الفلسطينية الحامل "أم أحمد" من سكّان مخيّم عايدة للاجئين في مدينة بيت لحم، التي اضطرّت للإجهاض في إحدى مرّات حملها، بسبب الغاز المسيّل للدموع الذي تطلقه قوات الاحتلال بشكل متكرر على الفلسطينيين.
وجاء في الحكاية: "عانت امرأة حامل عمرها 31 عاماً ولها طفلان، تُعرَف بأم أحمد، من حالتي إسقاط للحمل، وعملية إجهاض خلال السنوات الثماني الأخيرة. وكان قد مضى على حملها أربعة أشهر عندما دخلت عبوة غاز مسيل للدموع منزلها في يناير/كانون الثاني 2015، واختبأت في الحمام لتفادي الغاز المسيل للدموع، ومع ذلك فقد اختنقت بالغاز، وكادت تفقد الوعي. ونُقِلَت بسيارة أجرة إلى مستشفى الحسين في بلدة بيت جالا القريبة، وبناء على نصيحة عدة أطباء قررت التخلص من الحمل، حيث إن حالة الجنين الصحية كانت غير طبيعية"
وبالإضافة لسرد الحكايا، تعمد منظمة العفو الدوليّة عبر المنصّة، إلى توثيق الانتهاكات الحقوقيّة بحق اللاجئين الفلسطينيين، ونقل معاناتهم ومخاوفهم، حيث عبرّت أم أحمد للمنظمة عن مخاوفها في حملها الجديد، بأن تضع طفلاً غير صحيح البدن بسبب الاستنشاق المتكرر للغاز المسيل للدموع.
ومن الأردن، نشرت المنصّة حكايات تبرز معاناة اللاجئين الفلسطينيين من حملة الوثائق، الذين ليس لهم حقّ في العمل ضمن المؤسسات الأردنيّة، بالإضافة لمعاناتهم في الحصول على التعليم، حيث أنّ المقاعد المخصصة للفلسطينيين في الجامعات العامّة الأردنيّة محدودة، بينما تكاليف التعليم في الجامعات الأخرى باهظة جدّاً.
هبة حسن عياش، طالبة الصيدلة البالغة من العمر 20 عاماً، بطلة إحدى الحكايات من مخيم جرش للاجئين الفلسطينيين في الأردن، تنحدر هبة من قرية العمارة بالقرب من بئر السبع، والتي محيت بالكامل و أفرغت من سكانها عقب استيلاء العصابات الصهيونية على المنطقة بعد نكبة 1948، لجأ والداها في البداية إلى غزة، ثم إلى الأردن، بعد نكسة 1967.
تحدثّت هبة عبر المنصّة، عن التمييز بحق اللاجئين الفلسطينيين والتحديات التي تواجه الطلبة اللاجئين الذين لا يحملون الجنسية الأردنية، وتقول " للمواطنين الأردنيين الأولوية عند تخصيص مقاعد الدراسة في الجامعات الحكومية، وينتهي الأمر بالعديد من اللاجئين الفلسطينيين بدراسة تخصصات تفرض عليهم حتى يحصلوا على أية شهادة علمية متاحة".
وبيّنت هبة بعض التحديّات قائلةً " على الطلاب الفلسطينيين إذا ما رغبوا في الدراسة في جامعة خاصة، أن يواجهوا تحدي تدبير المبالغ التي ينبغي دفعها للرسوم الجامعية الباهظة التي تفرضها هذه المؤسسات على جميع الطلاب"
وقد واجهت هبة هذا التحدي، في سنتها الأولى في كلية الصيدلة بجامعة فيلادلفيا، إحدى الجامعات الخاصة في عمّان، وأوضحت قائلة " درست فصلاً واحداً ثم كان علي أن أتوقف لفصل دراسي، لم يستطع والداي تسديد الأقساط الدراسية، ولم أستطع إيجاد عمل لأغطي نفقاتي، وعندما حصلت على معونة مالية، عدت إلى التسجيل. حصلت على المساعدة المالية من أشخاص في المخيم يساعدون الطلاب المحتاجين مالياً"
أما عندما تتخرج، فلن تكون هبة قادرة على العمل كصيدلانية نظراً لأن اللاجئين الفلسطينيين الذين لا يحملون الجنسية الأردنية لا يستطيعون الحصول على وظائف في هذا المجال المهني، المفتوح للأردنيين فقط.
ومن لبنان، سلّطت الكثير من الحكايات الضوء، على الاستلاب الحقوقي الذي يعانيه اللاجئون في مخيّمات لبنان، حيث الحرمان من حق العمل والتملّك وسواها.
وسردت المنصّة قصّة الشاب اللاجئ في مخيّم برج البراجنة جنوب بيروت، محمد عدنان علي، البالغ من العمر 21 سنة، الذي طالما حلم بأن يصبح طبيب أسنان، الّا أنّ استلاب حقّه بالعمل أعاق طموحه.
يقول محمد: "منذ كنت صبيًّا صغيرًا كنت أسمع الناس يقولون إن الفلسطينيين لا حقوق لهم. وقد أدركت صحة ذلك عندما اكتشفت أنه ليس بإمكاني أن أعمل طبيبًا للأسنان".
وحسب محمد، لو أنه أراد أن يعمل في طب الأسنان، لتوجّب عليه إمّا أن يفتح عيادةً في المخيم بدون أدنى فرصة لتسجيلها رسميًّا، وبالتالي العمل على نحو غير قانوني، أو أن يعمل مساعدًا لطبيب أسنان لبناني دون أن تكون له فرصة أن يطور نفسه في مجاله المهني.
وقال: لا أريد أن أبقى في المخيم. أريد أن أرحل. أكره هذا المكان؛ فأنا محاطٌ بالفقر في كل مكان حولي. أريد أن أوجد لنفسي حياةً أفضل، بعيدًا عن كل هذا الشقاء".
كما تضمّنت المنصّة في باكورة انطلاقتها، العديد من القصص والحكايات، للاجئين من مختلف الفئات العمريّة والاجتماعيّة، تسلّط الضوء من خلالها على مختلف أوجه المعاناة، سواء حقوقيّة أو معيشيّة، كما تبرز فيها أوجه التطابق في العديد من تلك الأوجه بين اللاجئين الفلسطينيين على اختلاف انتشارهم المكاني في مناطق الشتات.