مخيم درعا – خاص
شهد سعر صرف الدولار الأمريكي خلال الأسبوع الفائت، أعلى معدّل له أمام الليرة السورية، مسجّلاً سعر 685 ليرة في السوق السوداء، بينما استفاق السوريون، اليوم الخميس، 12 أيلول/ سبتمبر على ارتفاع ملحوظ في قيمة الليرة مقابل الدولار، مسجّلاً الأخير سعر 595 وفق المصادر الرسميّة.
ونتيجة لذلك، شهدت أسعار العديد من السلع الغذائيّة والاستهلاكيّة ارتفاعاً ملحوظاً، إلّا أنّ "التحسّن" الطفيف في سعر صرف الليرة، منذ أمس الأربعاء، حتّى صباح اليوم الخميس، مقارنة بما كان عليه يومي الأحد والاثنين، لم يسجل بعده انخفاضاً في الأسعار، في حين تشهد الأسواق حالة من الترقّب بسبب ما يصفه مراقبون اقتصاديون بـ "التذبذب" في سعر الصرف، من غير المتوقع في ظلّه أن تعود الأمور إلى ما كانت عليه قبل الانهيار.
انعكاسات معيشيّة حادّة، ألقت بظلالها على حياة السكّان بشكل عام، إلّا أنّ اللاجئين الفلسطينيين كان لهم النصيب الأوفر منها، لا سيما في محافظة درعا، حيث مازال معظمهم نازحين عن منازلهم المدمرة في المخيّم، ويدفعون إيجارات منازل في الأحياء المجاورة، ويعمل أغلبهم بأجر يومي بات لا يكفي -بسبب الارتفاع الأخير- لشراء سلّة الطعام اليوميّة، في حين تعتمد مئات الأسر على المعونة الشحيحة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، التي لم تعد تغطي أبسط الاحتياجات في ظل الأزمات التي تشهدها البلاد وفق ما أكّد مراسل " بوابة اللاجئين الفلسطينيين".
مساعدات "أونروا" لا تلبي احتياجات اللاجئين
وفي داخل المخيّم حيث تسكن نحو 700 عائلة، أفاد مراسلنا أنّ سعر كل سلعة أعلى بمعدّل 50 إلى 100 ليرة سوريّة عن المناطق المحيطة به، وذلك لكون الأسواق والمحال التجارية بعيدة عن أحياء المخيم، ما يستدعي احتساب ثمن نقل السلع، لتشهد اليوم، ارتفاعات جنونيّة قد حلّت تأثّراً بسعر صرف الدولار، فضلاً عن انقطاع بعض المواد.
الحاجة "أم رياض" أرملة ولديها أطفال ومن الشريحة الأكثر ضعفاً وفق تصنيف وكالة "أونروا" لمنكوبي مخيّم درعا، تقول لـ" بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، إنّ إعانة الوكالة الماليّة التي تشكل المورد المالي الوحيد لها، لم تعد تكفي ثمن الطعام، فكيف لبقيّة المصاريف.
أم رياض التي تسكن داخل مخيّم درعا، تنتقد تقاعس "أونروا" عن تقديم مساعدات إنسانيّة في مثل هكذا ظروف، في حين تبقى المساعدة الماليّة على حالها ولا يجري رفعها لتوازي ارتفاع الأسعار، وتضيف "ازدياد الأسعار جعلني غير قادرة على إعانة أطفالي، الذين يحتاجون إلى جانب مصاريف أكلهم وشربهم، مصاريف أخرى تتعلق بالمدارس من ملابس وقرطاسيّة وسواها التي تتجاوز 15 ألف ليرة للطفل الواحد في الموسم الدراسي"، وفق ما أكّدت.
ونقل مراسلنا عن اللاجئ الفلسطيني، أبو عبد الله الأسعد، أنّ المبلغ الذي كان يوفّر من خلاله حاجيات منزله اليومية من المواد الغذائيّة، لم يعد يكفي لتلبية نصفها، موضحاً أنّه يعمل بأجر يومي يتراوح بين 2500 إلى 3 آلاف ليرة، وهو بالكاد يكفي لمعيشة أسرته اليومية، "أمّا اليوم فدلو اللبن، على سبيل المثال، ارتفع ثمنه من 350 ليرة إلى 450، في حين الأجر اليومي ثابت"، حسبما قال.
أمّا "أبو قاسم" من سكّان المخيّم، فصبّ لومه على ما اعتبره جشع التجّار وأصحاب المحال التي رفعت أسعار السلع الغذائيّة بمجرّد سماعها بارتفاع الدولار مقابل الليرة، علماً أنّ البضائع مخزّنة لديها مسبقاً ولم تشترها بالسعر الجديد.
وفي هذا الصدد، يقول "أبو محمود" صاحب إحدى البقاليات الصغيرة داخل المخيّم :" نحن كبقاليات صغيرة نشتري بضاعتنا من المحال والتجار في مدينة درعا، التي تبيعنا كل يوم بسعر جديد".
وحمّل "أبو محمود" جزءاً من مسؤولية ارتفاع الأسعار للتجار والمحتكرين، الذين يبيعون بضاعتهم المخزّنة في المستودعات بالسعر الجديد، ويواجهون المشتري بعبارة " ان أحببت فاشترِ وإن لم تحب فاذهب".
النزوح الداخلي ضاعف فقر اللاجئين الفلسطينيين
الجدير بالذكر، أنّ انعكاسات هذا الواقع تقسو على كافّة اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، سواء في مخيّماتهم أم في أماكن نزوحهم داخل البلاد، حيث سجّلت وكالة " أونروا" قرابة 60% من اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، يعيشون نزوحاً داخليّاً ما يعني أنهم يسكنون منازل مُستأجرة، في حين ما تقدمه الوكالة من اعانات ماليّة كل 3 أشهر بالكاد تكفي قيمة الإيجارات.
وصنّفت وكالة " أونورا" في تقرير النداء الطارئ الصادر عنها لعام 2019، نحو 126 الف لاجئ فلسطيني في سوريا على أنّهم ضعفاء للغاية، في حين يحتاج 95% من مجموع اللاجئين إلى مساعدات إنسانية مستمرة.