قال مفوّض وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" فيليب لازاريني، يوم أمس الأربعاء 1 تموز/ يوليو، إنّ "الأزمات في الشرق الأوسط لا تزال بلا حل، ويبدو أن أزمات جديدة تتكشف على الدوام مع دخولنا في فترة من انعدام اليقين المتجدد".
وأكَّد المفوّض خلال اجتماع اللجنة الاستشارية الافتراضي، على أنّ "التهديد بالضم يخيّم فوق الضفة الغربية والقدس الشرقية، وفي الوقت الذي تستمر فيه التوترات السياسية بالتصاعد، فإن ما سيحدث لاحقاً غير مؤكد إلا أنه من المرجح أن يؤثر على لاجئي فلسطين علاوة على الحكومات في المنطقة".
وشدّد لازاريني على أنّ جائحة كوفيد-19 تعمل على إشعال جائحة من الفقر المدقع، في ظل أنّ اليأس وانعدام الأمل يتزايدان في أوساط لاجئي فلسطين، وهم يتوجهون إلينا للمزيد من المساعدة وبعضهم يجربون حظهم من خلال اعتماد طرق لهجرة خطرة ومميتة".
وأوضح لازاريني أنّه "وفي خضم بيئة غير مستقرة ومفعمة بالشك، فإننا بحاجة أكثر من أي وقتٍ مضى إلى وكالة أونروا وتكون مستقرة، لأنّ التحدي الأكبر لنا هو استقرارنا المالي ونحن نعمل بطاقتنا الكاملة وبموارد غير كافية"، مُشيراً إلى أنّ "نموذج تمويل وكالة أونروا الحالي ليس مستداماً وهذا يؤثّر على قدرة الوكالة على الإبقاء على الجودة التي تلبي التزامات ومهام ولاية أونروا، وعلى مدار السنوات الخمس الماضية – باستثناء عام 2018 – لم تتلق موازنة أونروا الموارد الكافية لتلبية احتياجات لاجئي فلسطين".
وأردف بالقول: "إنّ هذا يحدث على الرغم من أن أونروا قد قامت بجهود كبيرة من أجل السيطرة على النفقات عن طريق تطبيق الكفاءة واتخاذ تدابير تقشفية في بعض الأحيان، وهذه التدابير أدت إلى تحقيق وفورات بلغت قيمتها 500 مليون دولار منذ عام 2015، ومع ذلك، حافظت الوكالة على تشغيل جميع الخدمات الأساسية، إلا أنه وحتى الوفورات هذه تأتي بثمن، وفي المرة القادمة التي تقومون فيها بزيارة عملياتنا وتشاهدون بأنفسكم غرفة صفية مكتظة أو غرفة فيها سبورة مكسورة، أو تزورون غرفة إسناد المعلمين التي لا توجد فيها ماكينة تصوير، أو تستقلون سيارة تابعة للأونروا عمرها عشر سنوات، فإنه سيكون بمقدوركم تقييم تداعيات الوفورات التي قمنا بتحقيقها".
ولفت لازاريني إلى أنّه "في الوقت الذي لا نزال فيه ملتزمين بالكفاءة، فإنه بمقدوري أن أؤكد لكم أنه لم يعد هناك الكثير لتقليصه دون التأثير بشكلٍ عميق على نطاق ونوعية الخدمات، ويكاد يكون من المستحيل تشغيل منظمة بحجم أونروا، يعمل فيها ما يقارب من 30,000 موظف وموظفة، عندما يكون التدفق النقدي فيها منخفضاً بدرجة حرجة في الربع الثاني وعندما يكون حجم وتوقيت التبرعات غير واضحين، وعاماً بعد آخر، وشهراً بعد شهر، فإن أونروا على حافة انهيار مالي، وهذا لا يمكن أن يستمر".
وشدّد على أنّه "وبالرغم من فداحة الوضع المالي، فقد اخترت عدم مواصلة "دق ناقوس الخطر علناً" إن هدف هذا هو عدم إضافة القلق إلى حالة انعدام اليقين التي يشعر بها اللاجئون كل يوم".
كما رأى لازاريني أنّ "مستوى التمثيل وبيانات الدعم القوية خلال المؤتمر الاستثنائي للتعهدات الذي عقد الأسبوع الماضي، قد عكست مرة أخرى الدعم الصلب للمجتمع الدولي لمهام ولاية أونروا، وعلى أية حال، فإن هذا الدعم السياسي الذي لا يتزعزع لا يزال يتعيّن أن تتم ترجمته إلى التزامات مالية تطابقه، لأنّ الفجوة التمويلية في الموازنة البرامجية لأونروا، والتي هي العمود الفقري للوكالة، لا تزال خطيرة بشكل كبير وتبلغ 335 مليون دولار، إننا نعيش في ظلام ولا أعلم إن كنا سنتمكن من تشغيل عمليات أونروا حتى نهاية العام".
وتابع بالقول: "لقد كان عام 2019 عاماً صعباً على أونروا، ودفعت الوكالة ثمناً باهظاً، لقد تضرّرت سمعتها؛ وتمت الإطاحة بقيادتها العليا؛ ووصل التمويل فيها إلى أدنى مستوياته محققاً رقماً قياسياً منذ عام 2012، وعلى الرغم من هذا، إلا أن الوكالة، واعتماداً على قوة والتزام موظفيها، أبقت كافة الخدمات عاملة، واليوم، فقد قطعنا شوطاً طويلاً نحو طرح بعض المبادرات الإدارية لتعزيز الشفافية والمساءلة والرقابة والحوكمة، وسوف أتابع هذه المبادرات بعزم عن طريق البناء على أولويات الإدارة التي حددها الأمين العام لمؤسسات الأمم المتحدة والاستهداء بعمل وكالات الأمم المتحدة الأخرى في هذا المضمار".
وأوضح أنّه سيقوم "بإعلام أعضاء اللجنة الاستشارية وإشراكهم بشكل وثيق بالتقدم الذي يتم إحرازه، وإن دعمكم المتواصل وخبرتكم ستكون ضرورية، وسنقوم بمناقشة التقدّم الذي تم إحرازه بمزيد من التفصيل في وقتٍ لاحق، وبعد بضعة سنوات صعبة، فإنني أعتقد أن الوقت قد حان لنقلب الصفحة ونركز على التحديات التي تواجهها أونروا".
وأردف لازاريني: "بناءاً على مؤتمر التعهدات الذي استضافته السويد والأردن، فإننا بحاجة لأن نحول الميثاق إلى حقيقة واقعة وأن نحظى بأونروا قابلة للتنبؤ من أجل لاجئي فلسطين والبلدان المستضيفة والمنطقة، ولن ندخر جهداً في سبيل جمع التمويل المطلوب، وإنني أتطلع قدما لإشراك أعضاء اللجنة الاستشارية في هذا المسعى الجماعي لحشد الموارد".
وقال إنّ "الفشل في الحصول على تمويل كاف وفي وقته المناسب سيعني أن الموارد قد لا تتماشى مع مهام الولاية السياسية القوية الممنوحة لأونروا، فنحن بحاجة لأن نحصّن الوكالة من الهجمات السياسية المتزايدة، وجميعنا يعلم من هم الذين يحاولون التشكيك بمهام الولاية ويعرضون حلولاً بديلة تتجاهل حقوق لاجئي فلسطين وقرارات الأمم المتحدة".
وأفاد بأنّ "الاستثمار في أونروا يساهم في التنمية البشرية وفي استقرار المنطقة، وبمقدوركم أن تكونوا فخورين باستثماركم الذي عملت على تخريج أكثر من مليوني لاجئ من فلسطين في مدارس أونروا، وعملت على تأمين تغطية شاملة للمطاعيم ومنع تفشي جائحة كوفيد-19 في مُخيّمات اللاجئين المكتظة وفي المجتمعات المستضيفة المحيطة بها".
وختم لازاريني كلمته بالقول: "إنّ جائحة كوفيد-19 سيكون لها أثر اجتماعي اقتصادي شديد وطويل الأجل على الأشد عرضة للمخاطر، فدعونا لا نعمل على خذلان لاجئي فلسطين، وتحديداً اللاجئين الشباب، نساءاً ورجالاً على حد سواء، وعلينا أن نتعلّم من هذه الأزمة ونعمل على "إعادة البناء بشكلٍ أفضل" ومواصلة استعمال الابتكار والحلول الرقمية من أجل خدمة مجتمعنا بشكلٍ أفضل".
وينتهي اليوم اللقاء الافتراضي الذي تعقده اللجنة الاستشارية لوكالة أونروا ليومين، إذ يشارك في اللقاء 28 دولة أعضاء اللجنة بالإضافة إلى ثلاثة أعضاء مراقبين (جامعة الدول العربية، الإتحاد الأوروبي ودولة فلسطين) وممثلين عن الدول المانحة.