ترتفع بعض الأصوات العنصرية ضد الفلسطينيين في لبنان بشكل مستفز، تُحمِّل اللاجئين الفلسطينيين والفصائل الفلسطينية مسؤولية ما وصل إليه هذا البلد الشقيق من انهيارات .
في البداية، لا يمكن تجاهل ما ارتكبته الفصائل الفلسطينية خلال سنوات الحرب اللبنانية (1975-1982) من حماقات وعدم قدرة على التنظيم وحالة الفوضى المسلحة، إلا أن ذلك لم يكن سبباً لحرب أهلية وفساد ونهب أنهك الجسد اللبناني، وأدى إلى انهياره، كما أن التجاوزات الفلسطينية لم تكن سبباً لحرب أهلية ارتبطت بمشاريع إقليمية ودولية، بل على العكس كان الفلسطيني خلال الحرب اللبنانيه عامل تهدئة ومصالحة، وساهم في انتعاش الاقتصاد اللبناني وتقديم الدعم المالي العربي .
أولاً، إن الصراعات اللبنانية-اللبنانية كانت وتفجرت منذ وجد لبنان قبل الحرب الأهلية، وقبل الوجود الفلسطيني في لبنان، وقبل انطلاقه الثوره الفلسطينية، واستمرت بشكل أكثر دموية بعد انسحاب الثورة من لبنان عام 1982.
ثانياً، إن الحرب اللبنانيه عام 1975 جاءت في سياق مشروع أمريكي-إسرائيلي لتصفية الثورة الفلسطينية، مقدمةً لتصفية القضية ككل، وتصفية الحركة الوطنية من أجل المحافظة على النظام الفئوي في لبنان.
ثالثاً، إن الفلسطيني ومنذ اندلاع الحرب عام 1975 كان مدافعاً عن نفسه وعن قضيته ومخيمه وحياته، ولم يكن مهاجماً في أي موقع، حتى الهجوم على بلدة الدامور، كان رداً على ممارسات المليشيات في الطريق العام وقتل وارتكاب المجازر بحق المارة، ورداً على المجازر التي ارتكبت في تل الزعتر والنبعه والمسلخ وضبية.
ولكن لماذا ترتفع بعض الأصوات العنصرية ضد الفلسطينيين في لبنان؟
يبدو أن بعض الأشقاء اللبنانيين في كل الأطراف السياسية، يتقنون فن تصدير أزمتهم لعدم قدرتهم أو لعدم رغبتهم في محاسبة بعضهم، ولأن الفلسطيني أصبح شماعة يعلقون عليها أزمتهم الداخلية.
اليوم يتعرض لبنان لحالة من الانهيار العام، وإذا كان بعض اللبنانيين يعلمون أن الأزمه اللبنانية، لها عوامل داخلية مرتبطة بحالة النهب والفساد، ولها عوامل خارجية ذات صلة بارتباطات الأفرقاء اللبنانيين، قد لا يعلمون أن الفلسطيني اليوم هو أضعف العوامل، ولا يخرج عن الإرادة الرسمية اللبنانية.
أيضاً، من الواضح أن بعض الأشقاء من السياسيين والمحللين في لبنان يصل أحياناً إلى مرحلة الإفلاس الفكري والسياسي والوطني، ولا يعود باستطاعته التحليل والمعالجة، لذلك فهو يتخبط بأفكاره واتهاماته، يميناً وشمالاً ، حتى أن بعضاً منهم يبحث عن "عدو" أو "خصم" يوجه له سهامه ليهرب من مسؤوليته، ويلقيها على غيره، فلا يجد إلا الفلسطيني بوضعه الحالي ليرمي عليه السهام.
ما العمل؟
أولاً، لابد من تحرك رسمي وفصائلي وشعبي فلسطيني باتجاه السلطات والأحزاب والتيارات والقوى اللبنانية، من أجل وضع حد لهذه الهجمات العنصرية التي ترتفع بين الحين والاخر .
ذلك لأن هذه الجهات الفلسطينية، وفي مقدمتها منظمة التحرير ومن ثم الفصائل، هي الممثل للشعب الفلسطيني وتنظم مع الدولة والأحزاب والتيارات اللبنانية علاقات، وتلتقي معها باجتماعات وما أكثر صورهم، وهي المسؤولة عن معالجة أزمات الشعب الفلسطيني، وعليها اتخاذ المواقف الصريحة والواضحة ولإصدار البيانات وتنظيم الندوات .
ثانياً، هناك مسؤولية تقع على وسائل الإعلام والإعلاميين الفلسطينيين والقيام بدورهم وتحمل مسؤولياتهم من أجل الرد على الأصوات العنصرية والكشف عن أسباب إطلاقها وأهدافها وخلفياتها.
ثالثاً، لابد من تحرك شعبي فلسطيني منظم وواعي للرد على الأصوات العنصرية، وذلك من خلال المظاهرات والاعتصامات والمسيرات
لكن المسؤوليه والدفاع عن مصالح الشعب الفلسطيني في لبنان هي مسؤوليه الجهات الرسميه والتنظيمات والقيادات الفلسطينية.
التحرك المطلوب لا بد أن يأتي للرد على هجمة توصف بالعنصرية بكل المعايير القانونية والحقوقية، وحتى لا تستشري أكثر فتصل مفاعيلها إلى التأثير على العلاقات الأخوية الفلسطينية- اللبنانية، وحرصاً على عدم انفجار الأوضاع بشكل لا يريده أحد، ولن يفيد أي طرف.