يستعد اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، لاستقبال العام الدراسي 2020/2021، في ظل ظروف إقتصاديّة ومعيشيّة مُعدمة، وارتفاع كبير في أسعار المواد القرطاسيّة، وصعوبات إضافيّة أثقلت الظروف العامّة، من ناحية انحدار واقع الكهرباء في البلاد، والانهيار الخدماتي العام، فضلاً عن المخاوف الكبيرة من الحالة الوبائيّة، وهي هواجس عبّر عنها عدد من اللاجئين الفلسطينيين في سوريا لـ" بوابة اللاجئين الفلسطينيين" تصل بهد إلى حدّ العزوف عن التفكير في مواصلة تعليم أبنائهم.

ولم تجزم وزارة التربيّة في حكومة النظام السوري بعد، ما اذا كانت البلاد ستشهد عاماً دراسيّاً طبيعياً، وربطت ذلك بالوضع الصحّي في البلاد التي تعيش انتشاراً كبيراً لجائحة " كورونا" ، الّا أنّها حددت بدأهُ بالأوّل من أيلول/ سبتمبر القادم في جميع المدارس العامّة والخاصّة، بغض النظر عم طبيعة سيره، سواء عبر الدوام المدرسي أم عبر التعليم عن بعد.

وبغض النظر عن الاستراتيجيات التعليمية وطبيعتها، يترقّب اللاجئون الفلسطينيون في سوريا عاماً دراسيّاً صعباً، وتقول اللاجئة المهجّرة من مخيّم اليرموك وتسكن منطقة قدسيّا " أم حسن شهابي" لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين" إنّ لديها 3 أبناء يستعدون للعام الدراسي، في ظل مخاوف كبيرة من الحالة الوبائيّة، ما اذا تقرر أن يكون الدوام في المدارس، أمّا في حال جرى اعتماد التعليم المنزلي، فالصعوبات ستكون كبيرة نظراً لشحّ التغذية الكهربائيّة والانترنت وغلاء المواد، وضعف الأدوات.

وتشير إلى تجربة الحجر في أواخر العام الدراسي الفائت، من حيث الصعوبات التي عانوها خلال ممارسة أسلوب التعليم عن بعد، على أنّها ستكون مُضاعفة خلال هذا العام، فالتغذيّة الكهربائيّة في منطقة قدسيا حيث تسكن مئات العائلات الفلسطينية المهجّرة من مخيّم اليرموك قد انخفضت بشكل ملحوظ خلال الأشهر الأخيرة، وهو ما سينعكس على شبكة الانترنت وتواصل التلاميذ مع المعلّمين، دون بروز آفاق لحل هذه الأزمات.

أمّا الأزمة المعيشيّة التي بلغت أوجها مؤخرّاً في سوريا، تتكثّف تبعاتها بشكل كبير على اللاجئين الفلسطينيين في المخيّمات مع حلول العام الدراسي، نظراً للتكاليف الكبيرة التي تترتّب على الأهالي من ناحية تأمين مواد القرطاسيّة.

تكاليف تدفع للعزوف عن مواصلة التعليم

ففي مخيّم درعا للاجئين الفلسطينيين جنوب سوريا، يترقّب الأهالي قدوم العام الدراسي، وسط ظروف ماديّة ومعنوية أضفت على ترقّبهم حالة من الخوف والخشية من عدم تمكّنهم تأمين مستلزمات الدراسة لأبنائهم، وبعضهم يفكّر بالعزوف عن التفكير بمواصلة تعليم أبنائهم، وهي حالة وصفها مراسل " بوابة اللاجئين الفلسطينيين" في درعا بالمأساويّة في وقعها على ربّ أسرة يقف عاجزاً أمام أبنائه.

"أم محمد" لاجئة من سكّان مخيّم درعا، تقول:" زوجي لو عمل ليلاً نهاراً لن يقدر على تأمين مستلزمات المدارس لكل أطفالي، فأنا لدي ٣ أطفال في المرحلة الابتدائية والكل بحاجة الى القرطاسية والتجهيزات المدرسية وهذا بحاجة الى مصاريف جديدة كبيرة".

يعمل زوج" أم محمد" بأجر يومي، بالكاد يقدر على توفير لقمة العيش اليومية، حسبما روت لمراسل" بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، وهو ما قد يدفعهم للتفكير بالعزوف عن فكرة تعليم أبنائهم، في ظل غياب أي دعم إضافي يعين الأسر على تكاليف التعليم.

تكاليف هائلة يعرضها "أبو أحمد"، وهو ربّ أسرة من سكّان المخيّم الذي يعد الأكثر فقراً في سوريا، لديه خمسة أبناء في سنّ التعليم من المرحلة الابتدائيّة حتّى الجامعة يشرح لمراسل "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" صعوبة تأمين متطلبّات أبنائه التعليمية ويقول :" لا يمكن لأي رب عائلة تأمين متطلبات أطفاله في المرحلة الابتدائيّة، من المواد القرطاسيّة كالأقلام والدفاتر والحقائب وسواها نظراً لارتفاع أسعارها بشكل بات يُعجز عن شرائها".

ويوضح "أبو أحمد" أنّ الحقائب المدرسيّة الموجودة في الأسواق، يتراوح سعرها بين 15 الف ليرة سوريّة و 25 الف ليرة للمرحلة الإعداديّة، أمّا حقائب أطفال المرحلة الابتدائيّة فأرخص نوع منها يبلغ 3500 ليرة، عدا عن ارتفاع أسعار الأدوات التعليمية الأساسية الأخرى كالدفاتر والاقلام، لافتاً إلى أنّ تكاليف شراء حقائب فقط لـ3 أبناء في المرحلة الإعدادية قد تصل إلى 75 الف ليرة سوريّة، وهو مبلغ غير متوفّر لدى معظم العائلات، في ظل ضعف الأجور وواقع البطالة الذي يلف نسبة كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين، عدا عن بقيّة التجهيزات الأخرى التي قد تبلغ تكاليفها عتبة 100 الف ليرة سوريّة.

أمّا طلبة المرحلة الثانوية، فتفوق تكاليف شراء نسخة واحدة من كتب المُقرر التعليمي 10 الاف ليرة سوريّة، عدا عن تكاليف التجهيزات القرطاسيّة وسواها، باستثناء مصاريف المواصلات، حيث يرتاد العديد من طلبة درعا مدارس ثانوية تابعة للدولة في مناطق بعيدة، وكذلك الحال بالنسبة لطلبة الجامعة، الملزمين بشراء كافة المقررات والمُحاضرات والكتب، عدا عن المصروف اليومي، وهي عوامل جميعها تؤدي إلى عزوف طلبة الثانوية والجامعات عن استكمال التعليم، في ظل الأوضاع الاقتصادية المُنهارة وخصوصاً في مخيّم درعا حسبما يؤكد اللاجئ " أبو أحمد" لـ" بوابة اللاجئين الفلسطينيين".

لو تُساعدنا "أونروا"

تمنّ يُغلّفه اليأس، فوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين " أونروا" قد دخلت حالة من السُبات التام، ولم تعد ترصد وتتبّع المآلات المتواصلة في انحدارها لأوضاع اللاجئين في ظل الأزمة العامة في سوريا، وانعكاساتها على أبرز الملفات التي تتصدى لها، وهو الملف التعليمي، حتّى لدى أكثر الحالات استثنائيّة.

"أم خليل" وهي إمرأة أرملة لديها 3 أطفال أيتام لا تجد سوى أن تقول:" الله يعينني في قضاء حوائجي واتمنى من الله أن يقضي لي حاجات أطفالي في العام الجديد،، فأنا كامرأة ارملة لايسعني العمل وترك أطفالي وحدهم".

وتعتمد "أم خليل" على إعانات "أصحاب النخوة والشهامة من أبناء المخيّم" حسبما قالت لمراسل " بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، الذين رغم قلّة حيلتهم لم يتركوها وحيدة، وتتوسّم مساعدتها لتقدر على مواصلة تعليم أبنائها.   

تقصير الوكالة في دعم اللاجئين تعليمياً، أوضحه سكّان المخيّم ولم يكبّروا طموحاتهم به، بل قصروه على "حقيبة تعليميّة" لا ترجوان " أم محمد وأم خليل" سواها، أي أن تقوم الوكالة بتوزيع حققيبة لكل تلميذ، تحتوي المستلزمات والتجهيزات اللازمة، الأمر الذي يخفف الكثير عبء مصاريف القرطاسيّة والتجهيزات.

ماذا عن الحالة الوبائيّة ؟

ويخشى الأهالي على أبنائهم من الدوام المدرسي، في وقت علت فيه المُطالبات في كل سوريا بتأجيل موسم المدارس لهذا العام، نظراً لانتشار الوباء بشكل كبير، إضافة إلى صعوبة اتمام العمليّة التعليمية في المنازل، ولأبناء المخيّمات من هذه الصعوبات نصيباً كبيراً.

يقول " أبو أحمد" لـ" بوابة اللاجئين الفلسطينيين" إنّ التعليم عبر وسائل النواصل الاجتماعي، ضرباً من ضروب المستحيل في مخيّم درعا، نظراً لعدم توفّر الكهرباء وشبكات الانترنت والضعف كبير في الشبكات الخليوية، فبالتالي لن يتمكن أغلب الأهالي من المتابعة والدراسة عن بعد من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.

وفي حال تقرر حكوميّاً، أن تسير العمليّة التعليمية بشكل طبيعي في المدارس، فكيف ستتعامل وكالة " أونروا" مع الإجراءات الوقائيّة؟ يتساءل " أبو أحمد" ويضيف :" بهذه الحالة يتوجّب على الوكالة تأمين احتياجات الوقاية، من كمامات و مواد تعقيم وورشات عمل تكرس كل جهودها لتوعية الأطفال، ونشرات صحية في المدارس من أجل سلامة التلاميذ  والمعلمين والأهل والمجتمع المحلي".

فيما تُعبّر " أم خليل" عن مخاوفها على أطفالها في حال تقرر الدوام المدرسي، وتقول :"حتّى في حال اتبعت المدارس إجراءات وقائية، فالاطفال جميعهم لن يقدروا على وقاية انفسهم بشكل كامل، فيؤدي ذلك لانتشار كبير وسريع للأمراض" وتضيف :" كيف سيقتنع الأطفال بارتداء الكمامة وبالتباعد، وعدم اللعب وتناول الطعام من بعضهم  فأنا كأم اخاف على ابنائي قبل ذهابهم الى المدرسة ولدي التفكير بعدم إرسال اطفالي الى المدارس".

وكانت وزارة التربيّة قد ناقشت الاثنين 17 آب/ أغسطس، مذكرة تضمّنت "استراتيجيات العودة إلى المدارس" ولم يخرج النقاش بقرارات حول طبيعة سير العام الدراسي، إنّما تمحور حول "وضع خطة تنفيذية لاستراتيجيات العودة إلى المدرسة سواء أكان ذلك بالعودة الكاملة، أم بتقسيم الأبناء التلاميذ والطلاب إلى أفواج، وتخفيف الدوام لهم للحد من الكثافة الصفية، والمحافظة على إعطائهم المواد الأساسية بشكل مباشر، والمواد الإنسانية والاجتماعية، والفنية من خلال أوراق عمل وأنشطة يتم تنفيذها بين المدرسة والمنزل" وفق ما نقلت الوزارة.

 

خاص/ بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد