لم تلبث وسائل الإعلام الأمريكية أن أعلنت خبر تفوق المرشح الديمقراطي "جو بايدن" على نظيره الجمهوري "دونالد ترامب" حتى عاد رهان السلطة الفلسطينية على الإدارة الأمريكية الجديدة، التي أعلن مرشحها "بايدن" ضمن حملته الانتخابية، أنه سيوقف بعض خطوات اتخذها "ترامب" بخصوص قطعه للعلاقات مع السلطة سواء بإغلاق مكتب منظمة التحرير بواشنطن، أو وقف المساهمات المالية الأمريكية للسلطة.

لم تنفذ أي من التصريحات الانتخابية بعد، لكن السلطة سرعان ما أحجمت عن موقف سابق اتخذته بوقف العلاقات مع الاحتلال، وأعلنت إعادة هذه العلاقات، ما اعتبرته الفصائل الفلسطينية واللجان الشعبية في لبنان انقلاباً على كل مساعي الشراكة الوطنية وتحالفاً مع الاحتلال بدلاً من التحالف الوطني، وخروجاً على مقررات الإجماع الوطني ومخرجات اجتماع الأمناء العامين للفصائل في بيروت، واجتماع اسطنبول الشهر الفائت، وتعطيلاً لجهود تحقيق المصالحة الداخلية، وتصفيةً للقضية الفلسطينية.

انقلاب على اجتماع الأمناء العامين للفصائل في بيروت

عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين علي فيصل، رأى أن عودة العلاقات بين السلطة الفلسطينية وكيان الاحتلال هو خروج وانقلاب على قرارات المجلسين الوطني والمركزي لمنظمة التحرير، وعلى اجتماع القيادة الفلسطينية الذي عُقد في التاسع عشر من أيار/ مايو  الماضي، وعلى نتائج ومخرجات اجتماع الأمناء العامين لفصائل المقاومة في رام الله وبيروت التي أكدت على ضرورة التحلل من كل الاتفاقات والالتزامات مع الاحتلال "الإسرائيلي" وفي مقدمتها اتفاق اوسلو والتنسيق الأمني واتفاق باريس الاقتصادي.

ودعا فيصل عبر بوابة اللاجئين الفلسطينيين السلطة الفلسطينية وقيادة منظمة التتحرير الفلسطينية  إلى العودة عن هذا القرار والالتزام بقرارات الإجماع الوطني الفلسطيني، "لانها تفتح الطريق أمام طي صفحة الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية لمواجهة تداعيات صفقة القرن التي ما زالت ماثلة في ميدان السياسة الاميركية والإسرائيلية وأيضاً سياسة الضم التوسيعية والتهويدية".

المطلوب وقف السياسات المتفردة بالقرار الفلسطيني

كما طالب بوقف كل السياسات التي تتفرد بالقرار، والعودة الى طاولة الحوار الوطني الفلسطيني الشامل للاتفاق على استراتيجية فلسطينية موحدة على أساس المقاومة، ثم سحب الاعتراف من "دولة إسرائي"ل، والتحلل من كل الاتفاقايات عملياً مع الاحتلال ومقاطعتها اقتصاديا وتنمية الاقتصاد الوطني، إضافة إلى محاكمتها قانونياً وعزلها دبلوماسياً كدولة جرائم حرب، والتمسك بحق عودة اللاجئين الى ديارهم.

وشدد فيصل على أنّ المصلحة الوطنية الفلسطينية يجب أن تكون فوق المصالح الفئوية الضيقة، لأنها المخرج الوحيد في ظل السياسة الأمريكية الداعمة للاحتلال الصهيوني وفي ظل سياسيات التطبيع العربية الإسرائيلية.

اللاجئون مستهدفون من خلال السياسة الأمريكية

أمّا بالنسبة لتأثير استئناف العلاقات مع الاحتلال على اللاجئين الفلسطينيين، فأكّد فيصل أن اللاجئين مستهدفون من خلال صفقة القرن ومن خلال السياسة الأميركية وسياسة الاحتلال التي تعتبر حق العودة خط أحمر وغير مسموح به.

في السياق، أكّد عضو مكتب العلاقات العربية والإسلامية في حركة حماس علي بركة، أنّ حماس ترفض قرار السلطة الفلسطينية بعودة العلاقات مع العدو الصهيوني، وتعتبر أن ذلك يشكل طعنة للجهود الوطنية الفلسطينية لتحقيق المصالحة وفق استراتيجية وطنية لمواجهة الاحتلال الصهيوني والاستيطان وصفقة القرن والتطبيع مع العدو الغاصب.

وأشار بركة لـبوابة اللاجئين الفلسطينيين إلى أن هذا القرار يشجع بعض الدول العربية على مواصلة سياسة التطبيع مع الكيان الصهيوني، موضحًا أن الرئيس ابو مازن يراهن بقراره على الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن، الذي كان نائبا للرئيس الاميركي الأسبق باراك اوباما لثماني سنوات ولم تقدم هذه الإدارة الأميركية شيئا للشعب الفلسطيني.

قرار السلطة يضر بمصالح الشعب الفلسطيني خاصة اللاجئين

 لذلك طالب بركة السلطة الفلسطينية بالتراجع عن هذا القرار والعودة الى مربع الوحدة الوطنية الفلسطينية، واستئناف اجتماعات الفصائل الفلسطينية من أجل الوصول الى استراتيجة واحدة وطنية لمواجهة الاحتلال والاستيطان والتطبيع، وإعادة ترتيب البيت الفلسطيني من خلال إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية ومجلس وطني فلسطيني.

وتابع، أنّ هذا القرار يضر بمصالح الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج وخصوصاً قضية اللاجيئن، لانه بحسب بركة فإنّ اعادة التنسيق هو عودة الى اتفاق اوسلو الذي تخلّى عن قضية اللاجئين، وهمّش دورهم في الخارج.

القرار يتساوق مع ضغوط لجر السلطة نحو خطوات تبرر التطبيع العربي مع الاحتلال

من جهته، قال أمين سر العلاقات في حركة الجهاد الاسلامي في لبنان هيثم أبو الغزلان: "إنّ قرار إعادة التنسيق والعمل باتفاقيات الاحتلال الإسرائيلي هو قرار خارج عن الإجماع الوطني الفلسطيني وهو يمثل طعنة لمقررات الاجماع التي حصلت"، كما انه يأتي تساوقا مع ضغوط وحراكات عربية من أجل جر السلطة الفلسطينية الى مربع التطبيع والتبرير لهذا التطبيع.

ودعا أبو الغزلان، الكل الفلسطيني إلى شراكة وطنية حقيقية على قاعدة المقاومة ضد الاحتلال الصهيوني، تراعي القضايا الحياتية والقضايا الرئيسية والمركزية كقضية اللاجئين الفلسطينين التي تعمل الإدارة الأمريكية والاحتلال الصهيوني على إنهائها بشكل كامل.

عودة التنسيق الأمني خيّب آمال اللاجئين الفلسطييين، وحسب أمين سر اللجنة الشعبية في مخيم شاتيلا خالد أبو النور، فإنّ  اجتماع الأمناء العامين الذي عقد في بيروت ورام الله أعطى أملًا للفلسطينيين  أنّ صفحة الانقسام الفلسطيني ستطوى، وستبدأ مرحلة سياسية جديدة يتم الاتفاق فيها على انتخابات رئاسية بالداخل، وانتخابات مجلس وطني يتمثل فيه اللاجئ الفلسطيني بالأقطار.

وأكّد أبو النور لـ بوابة اللاجئين الفلسطينيين، أن الاحتلال لا يُردع اذا لم يكن هناك موقف فلسطيني، وعبّر عن أسفه لرهان السلطة على الانتخابات الأميركية ، موضحًا أنّ السياسة الأميركية واحدة داعمة لاسرائيل وضد الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات.

سياسات السلطة لا تمثل اللاجئين الفلسطينيين

كذلك رأت لجان العمل في المخيمات، أنّ عودة التنسيق الأمني وعودة العلاقات مع الاحتلال هو سيء ومخزي، وأشار أبو عمر الأشقر عضو لجان العمل لـ بوابة اللاجئين الفلسطينيين إلى أنّ "هناك تياراً داخل فتح وداخل السلطة الفلسطينية يأبى أن يكون هناك مصالحة ويأبى أن يكون هناك عودة للوئام بين الفصائل الفلسطينية، ويفضل العلاقات مع الاحتلال الصهيوني على العلاقات مع الفصائل الفلسطينية" حسب قوله.

وأوضح الأشقر أنّ هذا القرار يضر بمصالح الشعب الفلسطيني في كلّ مكان، خصوصاً اللاجئين الفلسطينيين في الشتات، الذين لا يشاركون في الانتخابات أو في أي قرار تتخذه السلطة الفلسطينية، التي بحسب الأشقر لا تمثل الشعب الفلسطيني في الشتات.

من حق اللاجئين الفلسطينيين المشاركة بانتخابات المجلس الوطني

"التنسيق الأمني جبلنا العار"، بهذه العبارة علّق اللاجئ الفلسطيني في مخيم شاتيلا محمد حسنين على قرار السلطة، وقال حسنين: "إن عودة التنسيق مع الاحتلال ضرب بعرض الحائط المصالحة الفلسطينية، وهذا يؤثر بشكل كبير على اللاجئ الفلسطيني، وأكّد حسنين أنّ قوّة الشعب الفلسطيني في وحدته وهي التي تسترد الأرض من الاحتلال".

موقف مماثل للاجئ الفلسطيني في مخيم برج البراجنة أبو ناصر الطبراني، الذي قال" إنّ الشعب الفلسطيني كلّه ضد التطبيع وإعادة العلاقات مع الكيان الصهيوني"، وأضاف الطبراني " أنّ من حقّ اللاجئين الفلسطينيين المشاركة في الانتخابات الفلسطينية"، متّهما السلطة بتهميش اللاجئين.

وكان رئيس السلطة محمود عباس، أعلن في 19 مايو/ أيار الماضي، وقف كافة أشكال التنسيق مع إسرائيل، رداً على اعتزامها بدء تنفيذ خطة الضم لأراض واسعة من الضفة الغربية والأغوار، لكن المعطيات على الأرض تثبت أن ما يسمى التنسيق الأمني ظل مستمراً، على حساب أمان الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وحريته.

 

شاهد الفيديو

 

خاص/بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد