نفّذ عدد من اللاجئين الفلسطينيين المهجّرين من سوريا إلى مناطق شمال لبنان، اعتصاماً صباح اليوم الأربعاء 31 آذار/ مارس، تحت عنوان "الصرخة"، أمام سفارة السلطة الفلسطينية في العاصمة اللبنانية بيروت، لعرض مطالبهم العاجلة والملّحة أمام المسؤولين الفلسطينيين.

لاجئون قدموا من مناطق إقامتهم في مخيّمات البداوي ونهر البارد شمال لبنان، وفي جعبتهم " كيل طافح" بحسب تعبيراتهم، حيث أشار الناشط وأحد منظمي الاعتصام محمد أبو ناصر لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" أنّ من وفدوا إلى الاعتصام جاؤوا على حسابهم الخاص، في حين تكثّف صرختهم مطالب عموم اللاجئين الفلسطينيين المهجّرين من سوريا في منطقة شمال لبنان وعموم المناطق اللبنانية، وعلى رأسها حلّ مشكلة الداخلين خلسة إلى الأراضي اللبنانية، والدعم المعيشي والاستشفائي، وهي مطالب حملها اللاجئون إلى اعتصامهم الذي استمر لأكثر من ساعتين.

مطالب مُركّبة بين قانونية ومعيشيّة واستشفائيّة

مطالبٌ مركبّة بين قانونيّة ومعيشيّة واستشفائيّة، جلبوها معهم  إلى الاعتصام كلّ حسب مطلبه، لعرضها أمام المسؤولين في السفارة ومنظمة التحرير الفلسطينية على اعتبار أنّ الأخيرة هي ممثلهم الشرعي والوحيد، الّا أنّ الأولويات بدت صعبة الترتيب، وفي الكثير من الأحيان اختلطت في حالة واحدة.

فاللاجئة الفلسطينية المهجّرة من سوريا ايمان عجمي، حملت هذا التركيب الضاغط على حياتها وحياة ابنها، وتقول لـ " بوابة اللاجئين الفلسطينيين" إنّ ابنها خرج من سوريا طفلاً والآن بلغ من العمر 18 عاماً ويعيش دون بطاقة هويّة، أمّا جواز سفره الذي خرج به من سوريا منتهي الصلاحية وغير قادر على تجديده بسبب التعقيدات والتكاليف الباهضة.

7-1.png

مشكلة قانونية، تعتري حياة الكثير من اللاجئين المهجّرين، الذين يُطلب منهم اصدار بطاقات هويّة او جواز جديد، لزوم تجديد اقاماتهم في لبنان، وهي بالتحديد مشكلة ابن اللاجئة إيمان، حيث يتطلّب تجديد جواز سفره من السفارة السورية في لبنان مبلغ 350 دولاراً، بينما تشرح وضعها المعيشي وتقول: " أنا كنت أعمل من الصباح حتّى المساء بأجر لا يتجاوز 10 الاف ليرة لبنانية، وهو مبلغ لا يكفي الآن ثمناً لقطعة بسكويت في ظل الغلاء الفاحش".

لم تقف المشاكل القانونية عند هذا الحد، فكثر واجهتهم أثناء تسجيل أبنائهم في المدارس، طلبات من قبل وكالة "أونروا" لا يقدرون على تلبيتها، كإصدار إخراجات قيد جديدة من سوريا، وهذا الأمر غير ممكن في حالة التهجير، إضافة إلى تكاليفها العاليّة إن وجدوا سبيلاً لذلك، أمّا من دخلوا خلسة إلى البلاد قبل سنوات، فلا سبيل لهم للحصول على الإقامة في لبنان، وبالتالي لا حريّة لهم بالتنقّل ولا حق لهم بدخول مستشفىً ولا حتّى على حسابهم الخاص، ودائمة عرضة للتوقيف.

غادة الشامي، لاجئة أخرى تعاني من هذه المشكلة، وتقول لـ" بوابة اللاجئين الفلسطينيين" إنّها قدمت إلى الاعتصام لتحكي وجعها. فأبنائها منذ عشر سنوات بلا إقامة، وغير قادرة على تجديدها ولا دفع أيّة تكاليف في سبيل ذلك، بينما تعيش في منزل يأكله الرطوبة لرخص أجرته، وأبناؤها مصابون بمرض التلاسيميا، ولا تقوى على تكملة تكاليف علاجهم، بينما لا تقدّم لها وكالة " اونروا" لها سوى ثمن دواء واحد " فوليك أسيد".

7-2.jpg

مماطلة "أونروا" في الاستجابة للطلبات الاستشفائيّة

أمّا الحاجّة حياة سعديّة، فقد قدمت إلى الاعتصام لعرض مشكلتها الصحيّة، ومعاناتها مع مماطلة وكالة " أونروا" في حلّها، علّها تجد من يسمع صرختها من مسؤولي السفارة ومنظمة التحرير ويعمل على حلّها لها، وقالت سعديّة لـ " بوابة اللاجين الفلسطينيين" إنّها تعاني من ضعف في السمع، وقامت بالتسجيل لدى " أونروا" منذ أكثر من 8 أشهر من أجل الحصول على سمّاعة لأذنيها، ولكن لم تتلقَّ سوى المماطلة " كل يوم بقولولي اليوم وبكرة ومنتصل فيكي وما حدا لحدا" حسبما أشارت، و مؤكّدةً بذات الوقت انعدام قدرتها على شرائها على حسابها الخاص، فضلاً عن بقيّة العلاجات من الأمراض المزمنة التي تُعانيها.

7-3.png

ملخّص عن المطالب

بين قانوني ومعيشي، تُقضم سنوات حياة أولئك اللاجئين، الذين لخّص رئيس "رابطة اللاجئين الفلسطينيين المهجّرين من سوريا" طالب حسن، مطالبهم بورقة جرى تقديمها إلى مندوبي السفارة الذين نزلوا إلى الناس وخاضوا معهم نقاشاً حول مطالبهم ووعدوا بتقديمها إلى المسؤولين والعمل على حلّها.

وعرض حسن لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" أبرز تلك المطالب، وأوّلها :" حل مشاكل المهجّرين العالقة أوراقهم لدى الأمن العام اللبناني والحاصلين على مُغادرة" وأوضح في حديثه أنّ العديد من اللاجئين ذهبوا إلى الأمن العام للحصول على إقامات وجرى ختم جوازات سفرهم بختم المغادرة، ما يعني انعدام أملهم في الحصول على إقامة، واعتبر ذلك مطلباً مُلحّاً تمنّى على السفارة التدخّل من أجل معالجته.

فيما تربّعت مسألة "الشيكات الطبيّة" وتأجيل التحويلات من قبل وكالة "أونروا" إلى المستشفيات، ضمن المطالب الأكثر الحاحاً. وأوضح حسن، أنّ العديد من اللاجئين الفلسطينيين اجروا عمليات في المشتفيات ودفعوا تكاليفها بشقّ الأنفس، فيما لم يجرِ صرف المبالغ لهم، مشيراً إلى أنّ السفارة كانت قد وعدت بحل هذه المشكلة سابقاً.

 ولم تغب عن الورقة مطالب شمل فلسطينيي سوريا في لبنان بالمعونات الإغاثيّة، فيما أشار حسن إلى أنّ استثناء فلسطينيي سوريا من أيّة معونات تأتي للاجئين امر غير مقبول، كما حدث بشأن المعونة الماليّة للمُصابين بفايروس " كورونا".

عتب على منظمة التحرير و السفارة الفلسطينية.. ومندوبون عنها يعدون

فيما يؤكّد اللاجئون الفلسطينيون الذين أتو إلى الاعتصام، أنّ لا عداء من قبلهم تجاه السفارة والمنظمة وفصائلها، ولا مشكلة لديهم مع الدولة المضيفة، إنّمّا عتب كبير من تقصير المسؤولين الفلسطينيين بحقّهم، عبّروا عنها بصرخاتهم وشعاراتهم التي رفعوها.

وبهذا الصدد، قال اللاجئ وأحد المُشاركين بالاعتصام يوسف عطا الله :"إنّ أوضاع اللاجئين المهجّرين من سوريا مزرية والسفارة الفلسطينية لا تقوم بواجباتها تجاههم".

7-4.png

وحمّل عطا الله مسؤوليّة تدهور أوضاع اللاجئين الفلسطينيين عموماً، والمهجّرين من سوريا خصوصاً إلى السفارة ومنظمة التحرير، التي وفق قوله " لم تتدخل لحل المشاكل التي يعاني منها اللاجئين الذين لا يُسمح لهم لاالعمل ولا التملّك" مضيفاً :" نطلب من السفارة التدخل لحل معاناتها والّا فالتصدر لنا كتاباً رسميّاً تقول فيه أنّها غير مسؤولة عن فلسطينيي سوريا".

كما شهد الاعتصام، نقاشاً بين مندوبين عن السفارة، الذين نزلوا بدورهم إلى المعتصمين وقاموا بتسجيل مطالبهم، ووعدوا بإيصالها إلى المسؤولين المعنيين والعمل على حلّها.

7-5.png

ويعاني 55% من فلسطينيي سوريا في لبنان، من مشاكل قانونية في الحصول على إقامات وفق الأرقام الصادرة عن وكالة " أونروا" في تقرير النداء الطارئ للعام 2020، دون صدور تحديث منها لهذه الأرقام للعام الجاري، فيما لم تتوقف المطالب منذ أعوام للنظر في مشكلتهم وحلّها، وسط مطالب متواصلة بالتدخّل لحل هذه الإشكاليّة المعلقّة منذ سنوات.

كما يعاني نحو 87% من اللاجئين الفلسطينيين المهجّرين من سوريا إلى لبنان من أصل 27 ألفاً و700 من الفقر المطلق، فيما تتواصل حاجتهم إلى المساعدات الماليّة النقديّة الطارئة، حسبما أرودت وكالة "أونروا" في تقرير النداء الطارئ للعام 2021 الجاري.

خاص/بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد