كباقي المخيمات الفلسطينية في لبنان، يواجه مخيم الجليل للاجئين الفلسطينيين في بعبلك حالة من الغليان والفوضى، سببها مشاكل مستجدة بين أصحب البيوت والمحلات من جهة والمستأجرين من جهة ثانية.
وهي مشاكل استدعت تدخل اللجان الشعبية التي لم تجد حلاً حتى اللحظة من خلال اجتماعاتها التي عقدتها خصيصاً لمناقشة الأزمة.
يقول أمين سر اللجنة الشعبية في مخيم الجليل كارم طه: في ظل الأزمة الاقتصادية التي يشهدها لبنان، والارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار، توقفت اللجان الشعبية أمام فوضى التعاطي ما بين المؤجرين والمستأجرين من رفع لقيمة الإيجار أو الطلب من المستأجر إخلاء المنزل أو المحل".
عقود الإيجار يجب أن تنظم من خلال اللجان الشعبية
بحسب اللجان الشعبية إن الحل يمكن في التكافل الاجتماعي ووقوف الشعب الفلسطيني في المخيمات إلى جانب بعضه البعض، فحجم الأزمة الاقتصاديّة كبير وانخفاض القيمة الشرائية لليرة اللبنانية، انعكس على قيمة الإيجارات للمنازل والمحال التجارية.
وبرأي طه فإن عقود الإيجار للمنازل أو المحال التجارية يجب أن تكون منظمة من خلال اللجان الشعبية لحفظ حق الطرفين، وأن أي صيغة ايجار لا تمر عبر اللجان الشعبية يتحمل الطرفان مسؤولية ذلك، وأشار إلى أن اللجان الشعبية وضعت سقفاً لقيمة إيجار المنزل أو المحل التجاري يراعي ظروف المؤجر والمستأجر.
ويقول طه: إن اللجنة الشعبية في مخيم الجليل منعت الطلب من المستأجر إخلاء المنزل أو المحل بسبب قيمة الإيجار.
غير أن هذا المنع لا يبدو فعالاً في ظل طلب كثير من المؤجرين للمستأجرين بإخلاء المنازل في حال عدم القبول برفع قيمة الإيجارات.
رد عليه المالك بأن عليه ترك المنزل والبحث عن آخر يناسب وضعه
حسام الدين جمال موسى واحد من المستأجرين الذين هُددت عائلاتهم بالطرد في حال عدم الالتزام بدفع الإيجار الجديد للمؤجّر.
يقول موسى لـ بوابة اللاجئين الفلسطينيين: إنه كان يدفع 250 ألف ليرة لبنانية ثمّ طولب بدفع 300 ألف ليرة لبنانية، وهذا الشهر ارتفع المبلغ إلى 500 ألف.
بعدما أخبر موسى صاحب المنزل بأنه لا يستطيع دفع هذا المبلغ الذي كان يعادل 333 دولاراً قبل الأزمة الاقتصادية، رد عليه الأخير بأن عليه ترك المنزل والبحث عن آخر يناسب وضعه المادي.
وعليه لجأ حسام إلى اللجنة الشعبية للتحرّك من أجله، لكنّ اللجنة صدّته حسب تعبيره وقالت: إن الأمر لا يتعلّق بها والموضوع مرتبط بينه وبين المؤجّر لعدم وجود عقد إيجار مسجّل في اللجنة، قائلاً : إنه للمرة الأولى يسمع بهذا العقد "كلّ ما كنت أعرفه أنني مستأجر وعليّ دفعات المستحقّات للمؤجّر بدون أيّ أوراق!"
ويعمل حسام في دكانة سمانة ، يتقاضى بالشهر600 ألف ليرة لبنانية، ويحصل من "أونروا" كل شهرين على مليون ومائتي ليرة لبنانية، ومجموع هذا المدخول بحسب حسام لا يعيل أسرته المكوّنة من خمسة أشخاص ولا يغطّي كافّة التكاليف والاحتياجات خصوصاً أنّ لديه طفلة رضيعة تحتاج لحليب وحفّاضات أصبحت باهظة الثمن جدًا، إضافة إلى الارتفاع الجنوني في كلّ السلع الغذائية واشتراك الكهرباء والانترنت وغيرها من أمور الحياة، بحسب ما يقول.
معونة "أونروا" لفلسطيني سوريا أشعلت الأزمة
أمين سرّ اللجنة الشعبية كارم طه يقول إلى أنّ هذه الأزمة اشتعلت عند بعض العائلات بعد ورود أنباءٍ عن إعطاء وكالة "اونروا" للاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا مبلغ 100$ بدل إيجار، لافتًا إلى أنّ استغلال الناس أمرٌ مرفرضٌ تماما واللجنة ستتصدى له كي لا ينتشر أكثر في المخيم.
الهمّ واحدٌ ولو اختلف اسم العائلة.. ففي حديث لـ "بوّابة اللاجئين الفلسطينيين" تقول اللاجئة الفلسطينينة القادمة من سوريا ياسمين الخميس: إنّ زوجها حدّاد بسيط يحصل بالكاد على قوتِ يومهم، وهم 4 أفرادٍ في العائلة لهم احتياجاتهم التي باتت تتقلص مع الغلاء الفاحش، تشير ياسمين إلى أنّها اضطرت أن تستلف من جارتها ثمن باقي أجرة منزلها، بعد مطالبتهم من قبل صاحبة البيت بدفع 400 ألف ليرة لبنانية "وعندما طلبتُ منها تقدير ظروفنا المعيشية والرأفة بنا ردّت بأن المبلغ الذي تتقاضاه بدل أجرة البيت أصبح بلا قيمة".
تضيف الخميس أن معظم البيوت ارتفعت أسعارها ولا يمكنهم إيجاد بديل، مشيرةً إلى أنّ أصحاب البيوت حين سمعوا بأمر زيادة "أونروا" ثمن أجار البيت ليصل الى ١٠٠$ رفعوا الأسعار،"إذا صرنا نقبض بالدولار فهذا لا بعني أنه أصبح بإمكاننا دفع إيجار غالي، فالحياة ليست محصورة بإيجار البيت، كلّ شيء بات غاليًا الأكل والشرب واحتياجات الأولاد من ملابس وغيرها واشتراك الكهرباء والانترنت، كلّها ضغوطات أرهقتنا لكن للأسف أصحاب البيوت يظنون أنّ الغلاء يطالهم وحدهم ونحن لا!
من جهته، يقول المسؤول الإعلامي لصفحة مخيم الجليل سامر عيسى: إنّ الوضع الاقتصادي الكارثي في لبنان انعكس على اللاجئين الفلسطينيين وأثّر بشكل سلبيّ، وارتفاع الدولار أمام الليرة اللبنانية أصبح أثره واضحًا في جميع مستويات المعيشة.
وناشد عيسى القيم الأخلاقية لأصحاب المنازل والمحلات التجارية في المخيم، أن يكونوا يد العون لأهلهم، ليستمرّ التعايش والتضامن بين الجميع.
كما طالب المعنيين من القيادة السياسية في بيروت وسفارة السلطة الفلسطينية بالتحرك العاجل لوضع حد لهذه الحالة، ودعاها للضغط على وكالة "أونروا" لمساعدة جميع ابناء الشعب الفلسطيني دون تمييز.