يتجدّد الحنين إلى الأرض عند العائلات الفلسطينيّة اللاجئة في قطاع غزّة مع بدء موسم قطف الزيتون من كل عام، إذ تمثل الأرض وهذه الشجرة للفلسطيني الكثير، لا سيما وأنّها رافقته وارتبط بها منذ مئات السنين.
في موسم هذا العام، نظّمت اللجان الشعبيّة في كافة مُخيّمات قطاع غزّة الثمانيّة مبادرةً مشتركة لقطف أو مساعدة المزارعين في قطف ثمار الزيتون، وذلك على وقع الأهازيج والأغاني الشعبيّة التراثية وإقامة الطقوس الخاصّة بالأجداد والجدّات التراثيّة القديمة، حيث يعد هذا الموسم جزءاً من التراث الفلسطيني، وتجتمع فيه جميع أفراد العائلة كباراً وصغاراً من أجل "جدّ الزيتون" وهو المصطلح الشعبي الفلسطيني المتوارث للتعبير عن قطف ثمار الزيتون.
اللاجئة الفلسطينيّة من بئر السبع أم محمد الحويطي لطالما اعتادت التوجه مع عائلتها في هذا الموسم إلى الأراضي للمشاركة في عملية القطف كل عام لما يعنيه لها هذا الموسم من انتماء للأرض الفلسطينية.
تقول أم محمد لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: ننتظر موسم الزيتون كل عام بشوقٍ كبير، لأننا دائماً نشعر بأنّ هذا الموسم هو موسم الخير والبركة، وموسم العطاء ولمّة الأحباب والأصدقاء والجيران الذين يساعدوننا في قطف الزيتون.
موسم الزيتون يُعطينا الطاقة والأمل
وتعبّر أم محمد عن سعادتها بهذا الموسم: الحمد لله يعني أنا بالنسبة إلي أستمتع في هذا الموسم حيث أجهز الطعام للعمّال وأرى بأم عيني خيرات ربنا علينا، وربنا يعطي هذا الخير لكل الناس.
هنالك طقوس معينة في هذا الموسم تخبر عنها أم محمد: في البداية نعد الفطور ونخبز خبز الصاج الشهي، وطبعاً أغلب الموجودين يحبون أكله مع الزيت والزعتر والزيتون، وهذه أكلة مفضلة لدينا كفلسطينيين.
وحول الصعوبات، تقول أم محمد: نحن كلاجئين فلسطينيين نعاني من الحياة ومصاعبها ومشقتها وعدم توفر فرص عمل لأبنائنا، لكنّ موسم الزيتون يُعطينا الطاقة والأمل، ولذلك نؤكّد على ضرورة التمسّك بالأرض أكثر لأنّها أرض مباركة وموسم الزيتون يسد حاجة أي محتاج.
اسمه موسم البركة والخير
أمّا اللاجئ الفلسطيني محمد درويش، وهو لاجئ أيضاً من بئر السبع إلى قطاع غزّة، يوضّح لموقعنا، أنّ قطف الزيتون يوحّد الأسرة، والكل يتبارك ويتعاون في قطف الزيتون لأنّه موسم بركة من الله وسط الخضرة ولمّة الأحباب.
ويُضيف درويش: هذا اسمه موسم البركة، "يعني كلّه بيطلع الصغير مع الكبير حتى يلي عمره 80 سنة و90 سنة وهناك العديد من الجيران ينضمون إلينا رغم كِبر سنّهم، وكل من يضع يده في الزيتون يتبارك فيه".
وعن أوضاع اللاجئين، يُشير درويش إلى أنّ اللاجئ لم يخرج من أرضه بمحض إرادته، من يخرج بخاطره من أرضه المليئة بالخيرات؟ لا أحد، اللاجئ الفلسطيني هُجّر من العدو بالقوّة من أرضه، وعندما يأتي اليوم ويعمّر اللاجئ ويعمل فهو يعمل بعرقه ويأخذ أجرته بعرقه وتعبه ونحن نفتخر ونعتز كلاجئين بكل لاجئ كادح.
يُذكر أنّ وزارة الزراعة في غزّة حدّدت يوم 12 أكتوبر الجاري لبدء موسم قطاع الزيتون، وسط توقعات بأن يكون هذا الموسم أقل إنتاجاً من السنوات الماضية.
وبقدر تمسك الفلسطيني بشجرة الزيتون كرمز للأرض يحارب الاحتلال الصهيوني هذه الشجرة في الأراضي الفلسطينيّة المحتلة ويجرّف آلاف الدونمات المزروعة بالزيتون كونها تعكس وتثبت الوجود التاريخي للفلسطينيين على هذه الأرض، ما يناقض ادعاء الاحتلال بأنها كانت أرضاً بوراً ومهجورة، ولعل هذه الحرب التي يشنها الاحتلال على الشجرة تزيد من تمسك الفلسطيني بها وتجعل من الحفاظ عليها والاحتفاء بموسم قطافها هدفاً وطنياً.