من قلب العاصمة الألمانية برلين ترسل "مؤسسة أبناء المخيمات" عشرات الأدوية أسبوعياً إلى المرضى  الفلسطينيين في مخيمات لبنان، إيماناً منها أن تأمين الدواء بات أهم من كسرة الطعام. في مبادرة شهد مخيمات لبنان عدّة مثيلات لها، بعد أن شهد قطاع الصحة ، شرخاً عميقاً من جراء رفع الدعم عن الأدوية بعد تدهور العملة الوطنية إلى أدنى مستوياتها أمام سعر صرف الدولار الأمريكي.  

انعكس هذا الواقع بإضعاف، على قدرة المستشفيات تقديم خدماتها اللازمة، خاصة في ظل جائحة كورونا التي تجتاح لبنان منذ قرابة العامين، إضافة لفقدان معظم الأدوية من الصيدليات، لا سيما المخصصة للأمراض المزمنة كالقلب والسرطان والكبد، ناهيك عن غلاء أسعارها إن وجدت في السوق السوداء.   

أمام هذا المنعطف الخطير، والذي يتأثر به اللاجئون الفلسطينيون بشكل كبير مع تقاعس وكالة "أونروا" عن القيام بخدماتها الأساسية لا سيما الصحية منها، باشرت مؤسسة "أبناء المخيمات" بحملة تطوعية من الاغتراب إلى مخيمات اللجوء في لبنان، لتوفير الأدوية المطلوبة للمرضى بأسرع وقت ممكن.   

لا استثناء في الدواء

في حديث لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، يقول مدير المؤسسة  في لبنان، بسام المقدح: "نتيجة الأوضاع الاقتصادية المزرية وفقدان بعض الأدوية في أسواق لبنان ورفع الدعم عن قسم كبير منها، درسنا مسألة تأمين الدواء من أوروبا، وتحديداً من ألمانيا".

يضيف المقدح: "تواصلنا مع الكثير من الأطباء في ألمانيا، كون مركز الهيئة الإدارية للمؤسسة يقع في برلين، وقسم من أعضاء المؤسسة هم أطباء، لذا طلبنا منهم تأمين الدواء الذي يحتاجه المرضى الفلسطينيين في لبنان".

"تتم آلية إرسال الأدوية عبر إرسال حقيبة أو اثنين أسبوعياً مليئة بالأدوية المطلوبة، يتم توزيعها على المرضى الفلسطينيين في مختلف مخيمات لبنان، كون المبادرة تشمل جميع المخيمات دون استثناء"، بحسب المقدح.

ويتابع: "اتفقنا مع صيدليات في المخيمات وسلمناهم كشوفات بكل الأدوية التي تصل لنا، كأدوية القلب والسكري والضغط والأعصاب وغيرها. هم يرسلون ورقة باسم الدواء المطلوب ونحن نسلمه للمريض مجاناً".

"حملة الدواء هذه لم تتعد الشهر على انطلاقتها، لكن استفاد منها عشرات اللاجئين الفلسطينيين، كونها متوفرة في جميع المخيمات، لكن الطلب المكثف على الأدوية يكثر في مدينة صيدا، نظراً لأن مركز المؤسسة يقع في مخيم عين الحلوة".

4-1.jpg

 

مبادرات تشكل طوق نجاة للمرضى

مراراً وتكراراً بحث اللاجئ الفلسطيني ابن مخيم عين الحلوة محمد عقر، عن دواء مسيل للتجلطات لزوجته الحامل، إلا أنه كان شبه مفقوداً في صيدليات لبنان.

في حديث لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، يقول عقر: "استطعنا الحصول على الدواء تقريباً لشهر أو شهرين، ووعدتنا المؤسسة في حال وجود أدوية أخرى سوف يدعموننا".

اللافت في الأمر أن الأدوية توزع مجاناً على المرضى المحتاجين نظراً لغلاء أسعار الأدوية في لبنان بعد رفع الدعم عنها، إضافة لعدم قدرة غالبية اللاجئين الفلسطينيين على دفع ثمن فواتير الدواء، وهي قد تصل إلى أضعاف قيمة راتب اللاجئ الذي يتقاضى الحد الأدنى للأجور.

يؤكد عقر أن "دواء المسيل للتجلطات في حال عدم استخدامه، قد يؤدي إلى جلطات، مما يؤدي إلى خطورة على حياة الجنين والأم،  فكان من الضرورة تأمين هذا الدواء ليكتمل الحمل بشكل طبيعي".

"هذه المبادرات تأتي على شكل طوق نجاة للناس في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية في لبنان، والتي تشتد يوماً بعد يوم بالتالي يجب أن تكون هذه المبادرات متواجدة بشكل أكبر في المستقبل، كي تلبي احتياجات أكبر عدد من المرضى وسط توقعات باشتداد الأوضاع صعوبة في البلاد"، بحسب عقر.

الدواء أهم من الطعام

تشتكي اللاجئة الفلسطينية أم ياسر ماج من سكّان تجمع الشبريحا في مدينة صور، من فقدان الأدوية المناسبة لحالة ابنها ياسر الصحية، فهو يعاني من ربو حاد منذ أن كان طفلاً. ياسر يبلغ من العمر اليوم ثمانية عشر عاماً، ولا يزال يستخدم بخاخات عدة لكنها مقطوعة من جميع الصيدليات في لبنان".

تقول أم ياسر لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين": "حين حصلت على البخاخات من مؤسسة أبناء المخيمات استفاد ابني منها كثيراً. أتمنى أن أحصل على المزيد منها لأن ابني يستخدمها بشكل كبير خاصة في فصل الخريف حيث يتأزم وضعه، وأحياناً أنقله إلى المستشفى".

"التنفس أهم شيء للإنسان، وابني تأتيه الحالة دون عوارض، فجأة ينقطع النفس وهو بحاجة للبخاخات كثيراً"، بحسب أم ياسر.

مبادرات متواصلة

حملة الأدوية هذه، واحدة من عشرات الحملات التي تقوم بها "مؤسسة أبناء المخيمات" بشكل متواصل منذ تأسيسها في شهر كانون الأول/ ديسمبر 2019، إذ لا تمر أعياد ومناسبات دينية أو ظروف صحية أو أزمات اجتماعية من دون أن يكون لمؤسسة بصمة خاصة من خلال مبادرات تلائم الظروف الراهنة.

ومثال على ذلك، مشروع "صندوق المرضى" على إعطاء المرضى الفلسطينيين جزءاً من المتبقي عليهم في جميع المستشفيات في لبنان، من خلال تحويلات صحية متفق عليها الإدارات، ذلك بسبب عدم تغطية وكالة الأونروا ومنظمة التحرير للقيمة الكلية لفواتير المستشفيات.

فيما يعمل مشروع "مساعدة مرضى السرطان" على تقديم تحويلات صحية بالمبلغ المتبقي على المرضى في المستشفيات، كما أن هناك اتفاق مع الصيدليات التي تتعاقد مع وكالة الأونروا يتجلى بتحويل 50% كحسم  للمرضى، فيما تغطي مؤسسة أبناء المخيمات الجزء المتبقي من الفاتورة. 

خاص/بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد