تشهد منطقة السوق القديم في مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين شمال لبنان إشكالات عدة من قبل من يسميهم الأهالي "مدمني المخدرات والزعران"، الذين يخلقون حالة رعب وخوف لدى الأهالي بعد افتعالهم مشاكل متتالية وترويع الناس أثناء تجولهم في السوق.
الأمر الذي دفع تجار السوق القديم في المخيم لإطلاق صرخة تمثلت في بيان ناشدوا به القوى الأمنية اللبنانية والفصائل الفلسطينية واللجنة الشعبية بالتدخل السريع لإنهاء حالة الفلتان الأمني الذي يشهده السوق، وإعادة الحياة الطبيعية له وهو الذي يعتبر شرياناً تجارياً حيوياً لتجار المخيم، معربين عن تخوفهم من كساد بضائعهم وتضرر مصالحهم من جراء هذه الافتعالات المشينة.
العمل جار على كافة الأصعدة
ويرى عضو اللجنة الشعبية في مخيم نهر البارد فؤاد موسى، أن نسبة كبيرة من أهالي المخيم عاطلة عن العمل وتعيش ظروفاً معيشية صعبة لذا من الممكن أن تقع بعض الناس في هذه الأزمات وتلجأ للمخدرات، وهذه الآفة حين تتطور تجعل المتعاطي قادراً على فعل أي شيء ممكن، مثل أن يتعامل بالسلاح ويُحدث خللاً أمنياً لأنه ليس بعقله.
ويضيف موسى: "نحن نتواصل مع الأجهزة الأمنية والجيش والمخابرات اللبنانية ونشدد على أخذ موقف جدّي تجاه هذا الموضوع، وكان لهم في الفترة الماضية إنجازات حيث أوقفوا شخصاً وأقاموا دوريات في السوق".
ويشير إلى "أن العمل قائم داخل المخيم على المسار التوجيهي والتثقيفي والإعلامي بالنسبة لآفة المخدرات، بالإضافة للعمل مع المرجعيات الفلسطينية والشيوخ والعلماء للضغط على الأجهزة الأمنية والمسؤولين للقيام بواجباتهم الأمنية، معرباً عن "مله بتقليص هذه الظاهرة من خلال تكاتف المخيم وأهله وعلمائه واللجنة الشعبية.
الأضرار الاقتصادية كبيرة
في حديث لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، يقول اللاجئ الفلسطيني زياد شتيوي، وهو صاحب محل ألبسة مستعملة "بالة" في السوق القديم بالمخيم: أن المشكلة هي الفلتان في السوق نتيجة تعاطي المخدرات والإدمان المنتشر بين فئة معينة من الشباب، وهي تخلق حالة من الفوضى والمشاكل وفقدان الأمن نتيجة تصرفاتهم، وبسبب هذه المشاكل تتعطل التجارة وتكسد البضائع والناس تصبح خائفة أن تدخل السوق وتنقطع أرزاق التجار، ويعطي مثالاً بأن أي زبون لم يدخل لمحله منذ فترة بسبب الإشكالات التي سببت أضراراً كبيرة، بحسب وصفه.
شتيوي لا يحمّل الفصائل واللجان الشعبية مسؤولية كبيرة لأنهم من دون صلاحية ودورهم توجيهي ليس أكثر فهم لا يتمتعون بسلطة أمنية، بحسب قوله.
ويضيف بأن القوة الأمنية الفلسطينية قامت بدور مهم وتحاول قدر استطاعتها ضبط الفلتان الذي يحصل من خلال توقيف عدد من المتعاطين وتشكيل دوريات أمنية، لكن القوة الأمنية اللبنانية هي المخولة الأولى والأخيرة بعملية ضبط الأمن في المخيم بعد أن أصبح تحت سلطة الدولة إثر أحداث عام 2007.
ويطالب شتيوي بوضع حد لهذه الفوضى ومحاسبة مسببيها من خلال الدور التوجيهي للأهل والمؤسسا المعنية التي تقوم بحملات توعية عن المخدرات ومخاطرها،مشيراً إلى أن هذه التحركات الفردية والجماعية تلقى تجاوباً من الشباب المدمن فقد أثرت على بعضهم وأقلعوا عن الإدمان وتعافوا وتأقلموا مع المجتمع من جديد.
لا يوجد ردع
"حالة الفلتان الأمني هذه تشكل استياءً في المخيم كله وليس فقط في السوق فحسب، فهو للتسوق للأهالي والنساء والأطفال، وبعد هذه الآفة لم يعد لهم خاطر بدخول السوق"، بهذه الكلمات يصف مسؤول الحراك الفلسطيني في مخيم نهر البارد، محمد أبو قاسم، بعض الأضرار التي لحقت بالتجار من جراء الإشكالات المتتالية.
بحسب أبو قاسم فإن هذه الأزمة موجودة لكنها كبرت لأنه لا يوجد ردع والردع المعتمد حالياً هو احتجاز المتعاطي أو المرّوج يومين أو ثلاثة وإطلاق سراحه بعدها.
يضيف لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: إنه في حال لم تتخذ القوة الأمنية دورها، فنهم كشباب بالمخيم لديهم القدرة على أخذ دور ما بالطريقة التي يرونها مناسبة لكن لا غطاء لهم بحسب ما سمعوا من الأجهزة الأمنية، ولا يريدون أن يصبحوا متهمين لدى الدولة اللبنانية في حال اصطدموا مع أحد.
ويشير أبو قاسم أيضاً إلى أن الأجهزة الأمنية تحجز الشخص يوماً أو يومين وتخلي سبيله، ولا يوجد في القضاء اللبناني قانون يجرم الشخص مدة طويلة بسبب المخدرات، لذا فإن المروجين والتجار تمادوا بسبب التراخي في الموضوع.
يؤكد أبو قاسم على ضرورة التكاتف من أجل السيطرة على الوضع القائم، مشيراً إلى أن الأزمة سوف تتفاقم في حال لم تتم السيطرة على الموضوع، وسيسطر المروجون والمتعاطون على المخيم، بحسب تقديره.
ويشير إلى لقاء موسع عقد في المخيم ضم الحراك الفلسطيني وأعضاء المخيم القديم والجديد وتم تشكيل كتلة أقوى من التي سبقت لتتفاعل جمعيها من أجل التصدي لهذه الآفة.
وتجدر الإشارة إلى أن جرائم قتل وإشكالات أمنية عدة حدثت في الأشهر الأخيرة في مخيم نهر البارد، أبرزها مقتل الشاب فتحي أبو حجل على يد شقيقه معاوية الذي يعاني من اضطرابات نفسية فضلاً عن تعاطيه للمخدرات، وهو كان قد شارك قبل أيام من الحادثة في الاشكال الذي وقع في المخيم وألقي القبض عليه وأوقف 24 ساعة لدى الجيش اللبناني.
إضافة إلى ذلك، حادثة العثور على اللاجئة الفلسطينية وداد حسون الملقبة بأم وائل الدوخي جثة هامدة على شاطئ البحر خلف عيادة تابعة لوكالة "أونروا" في المخيم نهر البارد.
هذه الحوادث الأمنية والجرائم تستدعي تدخلاً عاجلاً من الأجهزة الأمنية اللبنانية والفصائل الفلسطينية واللجان الشعبية لضبط الأوضاع في مخيم نهر البارد، قبل أن تتطور لظروف قد لا تحمد عقباها، تزيد من حدتها الظروف الاقتصادية والسياسية والمعيشية اللبنانية.