شهد محيط المقر الرئيسي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين"أونروا" بالعاصمة اللبنانية بيروت اليوم الاثنين 24 كانون الثاني\ يناير، أكبر حشد لفلسطينيي سوريا وبمشاركة فلسطينيين من مخيّمات لبنان، منذ نصب "الخيمة 194" الاحتجاجية التي دخلت أسبوعها الثالث، في إطار تحرّك احتجاجي بدأه الفلسطينيون المهجّرون من سوريا إلى لبنان، احتجاجاً على قطع معونة بدل الإيواء، وللمطالبة بخطّة طوارئ إغاثيّة شاملة.
وتجمّع مئات اللاجئين، بمشاركة ممثلين عن الفصائل، أمام الباب الغربي لمقر الوكالة، في خطوة تصعيدية من قبل المنظمين، بعد إغلاق الباب الرئيسي بالخيمة الاحتجاجية لليوم الـ 16 على التوالي، قبل أن يسيروا باتجاه الخيمة، مطلقين هتافات نددت بتقصير الوكالة، ولوّحوا بنصب خيمة ثانية وإغلاق الباب الرئيس الثاني، في حال عدم استجابة الوكالة لمطالبهم.
وطالب المعتصمون، إدارة "أونروا" في لبنان، توضيح أسباب تقصيرها بحق اللاجئين، ولا سيما تأخّرها في إطلاق النداء الطارئ الخاص بفلسطينيي لبنان وفلسطينيي سوريا المهجّرين إلى لبنان، واعتماد خطّة طوارئ عاجلة، إضافة إلى التراجع الفوري عن قطع بدل الإيواء.
خطط الطوارئ يجب أن تعد قبل استفحال الأزمات، وتحضيراً لاستقبالها، وليس تأجيلها إلى حين انتظار صرخات اللاجئين
وخلال كلمة له، انتقد مسؤول العمل الإجتماعي في "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" بلبنان فؤاد ضاهر، أداء إدارة الوكالة، ووجه عدّة تساؤلات حول تأخرها في إطلاق النداء الطارئ الذي أعلنت عنه يوم 19 من كانون الثاني\ يناير الجاري، "علماً أنّ خطط الطوارئ يجب أن تعد قبل استفحال الأزمات، وتحضيراً لاستقبالها، وليس تأجيلها إلى حين انتظار سماع أصوات الاستغاثة، وتوجّه اللاجئين للاعتصام في البرد وتحت المطر." حسبما أشار.
رأيٌ، أجمع عليه الكثير من المُشاركين، ورأى بعضهم أنّ الأوضاع المعيشيّة والاجتماعيّة للاجئين، والمتسارعة في ترديها، لا تنتظر مجيء التبرعات، وفق الآليات العاديّة المعمول بها لدى الوكالة، وتتطلّب تحركات سريعة وأكثر فاعليّة.
وهو ما ذهب إليه اللاجئ المهجّر من سوريا "أبو محمد" الذي وجّه اللوم للوكالة وطالبها بتحمّل مسؤولياتها، وتساءل عبر "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" قائلاً: "إنّ الازمة الاقتصاديّة قد بدأت في لبنان منذ العام 2019، فلماذا لم تضع الوكالة خططها قبل سنتين، وهل يجب على اللاجئين تحمّل نتائج ضعف أداء الوكالة، وحلولها لأزمتها الماليّة بقطع المعونات وتقليص الخدمات؟."
من جهتها، بررت الناطقة باسم وكالة "أونروا" هدى السمرا، سبب تأخّر الوكالة في إطلاق النداء الطارئ. وقالت في معرض ردّها على الانتقادات خلال الاعتصام، إنّ :" الأونروا انشأت لاغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينين وتقديم المساعدة لهم ولا تتنصّل من مسؤولياتها، الّا أنّ المشكلة هي مشكلة تمويل."
وأوضحت، أنّ سبب التأخّر في إطلاق النداء الطارئ إلى 19 من الشهر الجاري، هو لانّ الوكالة تحدد احتياجاتها الماليّة ككل، في مطلع العام، كما جاء على لسان المفوّض العام فيليب لازاريني " ليس لأننا منتظرين الصرخة" وفق قولها. مشيرةً إلى أنّ الوكالة "تعمل على خطّة طوارئ منذ بدء الأزمة الاقتصادية في لبنان."
وقدّم المعتصمون مذكرة مطلبيّة، جاء في أبرز نقاطها، " المسارعة تنفيذ خطّة طوارئ إغاثية وصحيّة وتروبية عاجلة وشاملة ومستمرة شاملة، ضم عائلات جديدة ضمن برنامج الأمان الاجتماعي، ورف قيمة المساعدات المالية والاسراع في تنفيذ مشاريع تحسين المخيمات."
مصارحة اللاجئين بالأرقام الماليّة الموجودة في صندوق الطوارئ، وتكريس مبدأ الشفافية والتشاركية
ولفتت المذكرة، إلى ضرورة تخليص أداء الوكالة من المعاملات الروتينية الإدارية بما يخص التحويلات الصحيّة، وتسهيل إجراءات التحويلات الصحيّة الطارئة، وخصوصاً العمليات الجراحية الساخنة والباردة، وتوفير خطّة طوارئ خاصة باصحاب الأمراض المستعصية، وتوفير فرص عمل للاجئين الفلسطينيين ومنهم المهجّرين من سوريا، وسد الشواغر الوظيفية في قطاع التعليم، وتلبية كافة متطلبات العملية التعلمية.
كما طالبت المذكّرة، بالشفافية الماليّة لوكالة "أونروا" ومصارحة اللاجئين بالأرقام الماليّة الموجودة في صندوق الطوارئ، وتكريس مبدأ الشفافية والتشاركية في العمل، وإعادة الاعتبار لهذا الصندوق، والافصاح عن التعهدات الماليّة الخاصة، وبذل كل الجهود لتوفير الأموال المطلوبة لدعم الصندوق.
حالات خاصّة تهمّشها "أونروا"
وشكّل تحرك اليوم، كما كافة التحركات السابقة سواء لفلسطينيي سوريا أم الفلسطينيين من أبناء مخيمات لبنان، فرصة لطرح مشكلات شديدة الخصوصية، وتتطلّب معالجات جديّة وخاصة من قبل الوكالة، كالحالة التي جاءت من اجلها اللاجئة المهجّرة من مخيم اليرموك في سوريا "أم يزن"، للفت أنظار الوكالة الأممية لحالة ابنها.
وقالت "أم يزن" لـ " بوابة اللاجئين الفلسطينيين" إنّ ابنها مريض، ويعاني من ضمور دماغي واضطرابات سلوكيّة مزمنة، ويحتاج إلى علاج من نوع خاص، ومدارس متخصصة بحالة ابنها، وهي مدارس ذات تكاليف مرتفعة.
إقرار موازنة خاصّة لذوي الاحتياجات الخاصّة، ولا سيما الأطفال، وتوفير لهم فرص للعلاج والتعليم
وأضافت "أم يزن" أنها توجّهت لوكالة "أونروا" لطلب مساعدة، نظراً لكون ابنها خارج صفوف المدارس، ولم تقبل مدارس الوكالة تسجيله، ليجيبها المعنيون بأنّ " الوكالة لا تتكفّل باللاجئين القادمين من سوريا، وعليك وضعه بمدرسة خاصّة."
وطالبت اللاجئة، التي جلبت ابنها معها لساحة الاعتصام، وكالة "أونروا" بإقرار موازنة خاصّة لذوي الاحتياجات الخاصّة، ولا سيما الأطفال، وتوفير لهم فرص للعلاج والتعليم، والتكفّل بتكاليف علاجهم، علماً أنّ ابنها يزن، يحتاج لأدوية أعصاب بشكل مستمر، لا تغطي الوكالة تكاليفها، مع الارتفاع الكبير في اسعار الدواء في لبنان، وخروجه عن إطار القدرة الشرائيّة.
"هبة" لاجئة أخرى مهجّرة من سوريا، وتقيم في مخيّم عين الحلوة في صيدا، قدمت للاعتصام مع ابنها، لعرض مشكلتها المرتبطة بمسألة التغطية الصحيّة، ودعم موازنة دواء للحالات الخاصّة.
وقالت "هبة" لـ " بوابة اللاجئين الفلسطينيين" إنّ ابنها تعرّض لكسر في قدمه، وأضطرّت لعلاجه على حسابها في مستشفى خاص، بعد أن أهملت عيادة "أونروا" علاجه، وأخبرها بأنّ قدم ابنها سليمة !.
وتتحمل اللاجئة المهجّرة من سوريا، تكاليف شراء الأدوية، سواء أدوية الالتهاب أم المسكّنات والمكملات الغذائيّة وسواها، في وقت قطعت الوكالة معونة بدل الإيواء، وتركت اللاجئين، في حالة سعي مستمر لتأمين فواتير إيجارات المنازل والتدفئة والكهرباء وسواها، حسبما أشارت.
يذكر أن وكالة "أونروا" كانت قد حددت في ندائها الطارئ،يوم 19 من يناير الجاري، متطلبات التمويل الطارئ لكل من سوريا ولبنان، بنحو 365 مليون دولار أمريكي. مشيرةً إلى بلوغ نسب الفقر في صفوف فلسطينيي لبنان 73%، وفي صفوف الفلسطينيين المهجّرين من سوريا البالغ عددهم 29 ألف لاجئ، بلغت نسبة الفقر 87.3%..