أطلقت مؤسسة الدراسات الفلسطينية في العاصمة اللبنانية بيروت، والمتحف الفلسطيني في جامعة بيرزيت بالضفّة الغربية المحتلّة، اليوم الخميس 2حزيران/ يونيو، الموسوعة التفاعلية للقضية الفلسطينية، في عرض تزامني بين مقري المؤسسة والمتحف، بحضور عدد من الشخصيات الفلسطينية وممثلي الفصائل، والإعلاميين.
وشارك في إطلاق الموسوعة من بيروت كلّ من رئيس مجلس أمناء مؤسسة الدراسات الفلسطينية الدكتور طارق متري ورئيس تحرير الموسوعة وأمين سر مؤسسة الدراسات الفلسطينية الدكتور كميل منصور، ومن بيرزيت كلّ من مدير عام المتحف الفلسطيني الدكتورة عادلة العايدي والمدير العام لمؤسّسة الدراسات الفلسطينيّة خالد الفراج. ورئيس مجلس إدارة المتحف الفلسطيني عمر القطان عبر تقنية "زوم".
وشهد برنامج إطلاق الموسوعة، عرضاً تعريفياً بها، وشرحاً تفاعلياً لمحتواها الأوّل من نوعه فلسطينياً على الفضاء الالكتروني، ويتيح قاعدة بيانات ووثائق من حوالي 800 ألف كلمة باللغتين العربية والانجليزيّة، إضافة إلى وثائق تاريخيّة، شارك في إعدادها قرابة 100 باحث ومحرر ومترجم، في جهد امتدّ لنحو 8 أعوام من التحضير والإعداد، وتعرض تاريخ فلسطين الحديث منذ نهاية الحقبة العثمانية حتّى المرحلة الراهنة
مشروع مخاطبة مزدوجة لمواجهة رواية "إسرائيل"
وأشار رئيس مجلس أمناء مؤسسة الدراسات طارق متري إلى أهميّة المشروع، باعتباره أداة علمية رصينة، معززة بالوثائق والسرد الزمني، لا يكتفي فقط بالأحداث التي تخص فلسطين، بل بالأمكنة والأشخاص، ويوفّر حججاً قويّة متينة السند، لأي باحث يعمل في مجال القضيّة الفلسطينية لمواجهة رواية الاحتلال، لأنّ الصراع حول الرواية الفلسطينية مازال قائماً ويزداد حدّة. حسبما أضاف.
وقال متري: إنّ فرادة المشروع تكمن بكونه أداة مخاطبة مزدوجة، لأنّه لا يخاطب الباحثين والمتخصصين في العالم العربي والعالم فحسب، بل يخاطب جميع المعنيين بالقضية الفلسطينية، ولكونه أداةً معرفيّة يستخدمها كل المهتمّين، سواء كانوا مناضلين أم جامعيين أم إعلاميين أم أشخاصاً معنيين بطريقة أو بأخرى بالمزيد من المعرفة عن قضية فلسطين.
وعليه، فإنّ المشروع يواجه الرواية التاريخية المؤدلجة للكيان الإسرائيلي، بالرواية العقلانية الرصينة التي تعتمد على المصادر الفلسطينية، ولعل هذا مكمن قوتها في مواجهة رواية الصهاينة المؤدلجة. وفق الدكتور متري.
أحداث وتطورات وسِيَر ومدن وقرى
جدول أحداث كلّي، وجدول موضوعات، إضاءات، أعلام، أمكنة ووثائق، تبويبات تتفرّد الموسوعة في محتواها، ضمن إطار تفاعلي الكتروني سهل ومبسّط، تضع المتصّفح في رحلة بحث عن فلسطين، والمراحل الأساسية للقضيّة الفلسطينية، ابتداءً من الحكم العثماني 1516- 1917، وعهدي الانتداب البريطاني المبكّر والمتأخّر إلى حرب فلسطين والنكبة، وما جرى وتفاعل بينها وفي خضمّها، وما تلاها من تطورات وأحداث سياسية ودبلوماسية وحروب ومقاومة لمقاومة الاحتلال الاستعماري الصهيوني.
وتضم الموسوعة محتوىً غنيّاً يتعلّق بسير أعلام وشخصيات فلسطينية مؤثّرة، تعتمد، كما يبدو جليّاً للقارئ، لغة تضع المتصفّح في أجواء الاطّلاع السردي السهل والغني، المعزز بالوثائق، بأسلوب كتابي يتساوق مع نمط القراءة الالكترونيّة، لتحقق وظيفة أداة المخاطبة المزدوجة سواء للباحث، أم للمتصفّح العاديّ، وفق ما أشار الدكتور متري، ومسرد زمني كرونولوجي، يبدأ من العام 1500 حتّى العام 2018.
ويحاول القائمون على المشروع تطوير محتواه، وإغناءه بعرضه بلغات متعددة للاحقاً ولا سيما الإسبانية والفرنسية، الّا أنّ عائق التمويل، دائماً ما يقف حجر عثرة أمام تطوير المشروعات الوطنية الفلسطينية، حسبما أشار رئيس تحرير الموسوعة الدكتور كميل منصور في إجابته على تساؤلات الحاضرين.
مساحة قيد التطوير لمخيّمات اللاجئين الفلسطينيين
وتضم الموسوعة التفاعلية، مساحة لمخيمات اللاجئين الفلسطينيين، تقتصر حتّى الآن على موضوعات تعريفيّة بوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" والمضمون السياسي لنشاطها ووضعها القانوني وسواه، إلى جانب نبذات مكثّفة عن أوضاع اللاجئين في قطاع غزّة والضفّة الغربية، والأردن وسوريا ولبنان، ومساحات أُفردت لبعض المخيّمات.
وفي سؤال لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" حول المحتوى الخاص بمخيمات اللاجئين الفلسطينيين، باعتبارها من أهم مسائل القضيّة الفلسطينية وإحدى روافد الهوية الفلسطينية الحديثة، وخصوصاً في ظل ما تتعرّض له من محاولات محو وتذويب لهويتها وإنهاء حالتها، أجاب رئيس تحرير الموسوعة الأستاذ كميل منصور: إنّ العمل جارٍ على ربط المخيّمات واللاجئين فيها بالقرى التي هجّروا منها، وقد يستغرق من سنتين إلى 3 سنوات، وسيبدأ بعمل روتيني لمعالجة موضوع المخيّمات.
وأضاف منصور، أنّ المشروع يحتوي على نموذج منشور في المنصة لخمسة مخيمات، عن ربط اللاجئين فيها بقراهم الأصليّة، 3 في الضفة الغربية واثنان في لبنان، ومحاولة تضمين في كل نص عن المخيّم، من أين جاء لاجئوه، على أن يجري استكمال ذلك في المستقبل.
وأكد منصور، أنّ المشروع قد بدأ إلّا أنّ عدد المخيّمات الذي يقارب ستّين مخيماً وتجمعاً، يحتاج إلى عمل وجهد ووقت، و"نحاول إنتاج تصور بالغرافيك ديزاين كيف نربط بين السكان والقرية" حسبما أضاف. مشيراً إلى أنّه في أحد المخيمات في الضفة الغربية ذكر الكاتب 70 قرية وهو عدد كبير، وهناك مشروع جديد قيد العمل سيغطي كل مخيم بنص وربط سكانه بالقرى والعكس.
وسيسعى المشروع، إلى ربط المخيّمات بالقرى الفلسطينية، وفق المعمول به في المنصّة، التي تعرض 400 قرية فلسطينية بنظام " جي أي أس" وتوفّر معلومات تفصيلية عن كل قرية تضمن تفاصيل حول السكان وملكية الأراضي، ووضع القرية قبل النكبة وبعدها ووضعها الحالي.
وتزامن إطلاق الموسوعة، مع الذكرى 74 للنكبة الفلسطينية، والخامسة والستين لنكسة السادس من حزيران/ يونيو، وهي نتاج جهد تراكمي امتدّ عبر سنوات من العمل المتأنّي، وذلك "لإيلاء أقصى الحرص على أن يكون وصف القضية الفلسطينية ملتزماً وموضوعياً في آن، وعلى أن يُقدَمَ الفلسطينيون كما هم، أناس فاعلون ومبادرون، وليسوا مجّرد ضحايا، أناس يبنون، بهذا القدر من النجاح أو الفشل، مؤسساتهم السياسية والاجتماعية والثقافية داخل فلسطين وخارجها" بحسب رئيس تحرير الموسوعة الدكتور كميل منصور.
|