فلسطين المحتلة - بوابة اللاجئين الفلسطينيين
بعد اللقاء الذي جمع الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب ورئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو، والذي كان من المنتظر أن يُحدّد رؤية ترامب بشأن إنهاء الصراع "الفلسطيني-الإسرائيلي"، فتح الرئيس الأمريكي الخيارات أمام الجانبين وترك لهما حرية الاختيار ولم يلتزم كمن سبقه من الرؤساء الأمريكيين بحل الدولتين، وعلى العكس ممّا شاع خلال فترة حملته الانتخابية حول تشجيعه للاستيطان، دعا نتنياهو إلى كبح الاستيطان، إلا أنه لم يُخفِ تحيّزه للجانب "الإسرائيلي" والحديث عن "العلاقات المنيعة" مع الكيان الصهيوني واعتبارها الشريك والحليف، بالإضافة إلى اعتباره تدابير الأمم المتحدة حيال الكيان "ظالمة وأحاديّة الجانب."
رئيس الوزراء الصهيوني نتنياهو استغل لقاءه الأول بالإدارة الأمريكية الجديدة، لفرض إملاءاته من المطالبة بالاعتراف بـ "إسرائيل دولة يهودية" كشرط للمضيّ في عملية السلام، إلى فرض رؤية الجانب "الإسرائيلي" بشأن الاستيطان، ومحاولة كسب اعتراف بالوجود "الإسرائيلي" في هضبة الجولان المحتلة.
أكّد الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب، مساء الأربعاء 15 شباط، على أن حلّ الدولتين ليس السبيل الوحيد لإنهاء الصراع "الإسرائيلي-الفلسطيني"، لافتاً إلى أنه منفتح على خيارات بديلة إذا ما كانت تؤدي إلى السلام.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي مشترك جمع الرئيس الأمريكي ورئيس وزراء الكيان الصهيوني نتنياهو، قائلاً "أنظر إلى حل الدولتين وحل الدولة الواحدة، إذا كانت إسرائيل والفلسطينيون سعداء فسأكون سعيداً بالحل الذي يفضّلونه، الحلان يناسبانني."
وكان مسؤول في البيت الأبيض أعلن مساء الثلاثاء أن واشنطن لن تُصرّ بعد الآن على حل الدولتين ولن تُملي بعد الآن شروط أي اتفاق سلام محتمل بين "الإسرائيليين" والفلسطينيين.
خلال استقبال ترامب لنتنياهو في البيت الأبيض، شدّد الرئيس الأمريكي على العلاقات المنيعة للولايات المتحدة مع الكيان، قائلاً "إدارتنا ملتزمة بالعمل مع إسرائيل وحلفائنا المشتركين في المنطقة من أجل مزيد من الأمن والاستقرار، وهذا يشمل اتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين."
وتابع الرئيس الأمريكي "الولايات المتحدة تؤيد السلام واتفاقاً حقيقياً للسلام"، معتبراً أن "على الطرفين تقديم تنازلات من أجل التوصّل إلى ذلك."
داعياً الكيان إلى ضبط النفس حيال استمرار الاستيطان في الأراضي الفلسطينية، دعا ترامب كذلك الفلسطينيين إلى التخلّص من "الكراهية تجاه الإسرائيليين."
حول نقل السفارة الأمريكية من "تل أبيب" إلى القدس المحتلة، قال ترامب خلال المؤتمر الصحفي أنه يريد المزيد من الوقت لدراسة القضية.
وكانت صحيفة "الحياة اللندنيّة" قالت أن العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، أقنع الرئيس الأمريكي ترامب بالعدول عن نقل السفارة الأمريكية بسبب أمن المنطقة وانهيار السلام، وأشارت إلى احتمال استضافة ترامب "قمّة عربيّة" في واشنطن للبحث في هذه الملفات وتحريك الغطاء الإقليمي لاستئناف عمليّة السلام.
كما ندّد الرئيس الأمريكي بتدابير الأمم المتحدة تجاه الكيان الصهيوني، واصفاً إياها بـ "الظالمة وأحاديّة الجانب"، وقال "هذا سبب إضافي لرفضنا التدابير الظالمة وأحادية الجانب تجاه إسرائيل في الأمم المتحدة، التي عاملت إسرائيل برأيي بطريقة ظالمة جداً."
من جهته، رفض نتنياهو مواصلة الالتزام بتأييد مبدأ حل الدولتين، ووصف اللقاء مع ترامب بأنه "يوم جيد لإسرائيل، واللقاء كان دافئاً"، وأن ترامب يوفّر فرصة غير مسبوقة لدفع عملية السلام، قائلاً "ليس هناك دعماً أفضل للشعب اليهودي والدولة اليهودية من الرئيس دونالد ترامب."
بشأن الاستيطان اعتبر نتنياهو أن "مسألة المستوطنات ليست في صلب النزاع مع الفلسطينيين"، الذين طالبهم بـ "الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية."
وقال في نهاية لقائه بالرئيس الأمريكي، أنه تم الاتفاق على تشكيل فرق لرفع مستوى العلاقات الثنائية لمتابعة موضوع البناء في المستوطنات، وأنه طلب من ترامب الاعتراف بالوجود "الإسرائيلي" في هضبة الجولان السوريّة المحتلة، فضلاً عن البناء في المستوطنات، قائلاً "سنبني آلاف الشقق الاستيطانية التي أعلنّا عنها في الفترة الأخيرة، على أن يتم التنسيق مع أمريكا بشأن البناء مستقبلاً."
الرئاسة الفلسطينية، عقب قمّة ترامب ونتنياهو، أكّد على تمسّكها بحل الدولتين والقانون الدولي والشرعيّة الدوليّة، وبما يضمن إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطين المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية، لتعيش بأمن وسلام إلى جانب "دولة إسرائيل" على حدود الرابع من حزيران عام 1967، واستعدادها للتعامل بإيجابية مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لصناعة السلام.
وشددت الرئاسة على أن تكرار رئيس وزراء الاحتلال للغة الإملاءات حول استمرار السيطرة "الإسرائيلية" على الحدود الشرقية من أراضي دولة فلسطين المحتلة، وكذلك المطالبة بالاعتراف بـ "إسرائيل" كدولة يهودية، يعتبر استمراراً لمحاولة فرض الوقائع على الأرض وتدمير خيار الدولتين واستبداله بمبدأ الدولة بنظامين (الابارتهايد).
وطالبت الرئاسة رئيس وزراء الاحتلال بالاستجابة لطلب الرئيس الأمريكي دونلد ترامب والمجتمع الدولي بوقف النشاطات الاستيطانية كافة وبما يشمل القدس الشرقية المحتلة، مؤكدةً في ذات الوقت استعدادها لاستئناف عملية سلام ذات مصداقية بعيداً عن الإملاءات وفرض الحقائق على الأرض، وحل قضايا الوضع النهائي كافة دون استثناءات، استناداً لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية لعام 2002.
وأوضحت الرئاسة أن إصرار حكومة الاحتلال على تدمير خيار الدولتين من خلال استمرار الاستيطان وفرض الوقائع على الأرض، سيؤدي إلى المزيد من التطرف وعدم الاستقرار، مشددةً على وجوب هزيمة التطرف والإرهاب بكافة أشكاله، وذلك حتى تتمكن شعوب المنطقة من العيش بأمن وسلام واستقرار.
فيما كان أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، صرّح الأربعاء أن البديل الوحيد لحل الدولتين يتمثّل في إقامة دولة واحدة تضمن حقوقاً متساوية للجميع، وجاءت تصريحاته تعقيباً على تسريبات المسؤول الأمريكي في البيت الأبيض حول دعم الإدارة الأمريكية لأي تفاق يتوصّل إليه الطرفان بغض النظر عن ماهيّة الاتفاق، وأنها لن تسعى بعد اليوم إلى إملاء شروط أي اتفاق لحل النزاع.
يُشار إلى أن مجلس الأمن يبحث الخميس عملية التسوية، في وقت أكّد دبلوماسيّون في نيويورك تمسّكهم بحل الدولتين ومبادئ السلام، كما أكّد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من القاهرة أنه ما من بديل للسلام في الشرق الأوسط سوى حل الدولتين.
وأكد السفير الفلسطيني في الأمم المتحدة رياض منصور إن الحديث عن توصل الطرفين إلى السلام لن يؤدي إلى أي سلام من دون تحديد أسس له، مشدداً على أن الإجماع الدولي متمسك بحل الدولتين.
وقالت مفوّضة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوربي، فيديريكا موغيريني، إن "الاتحاد الاوروبي يدعم حل الدولتين دولة فلسطين ودولة اسرائيل"، وسيُبقي سفارته في "تل ابيب" ولن ينقلها إلى القدس.
وقالت موغيريني في حديث لها الأربعاء، لصحيفة "لاريبوبليكا" الإيطالية "ليس هناك شك في أننا سنواصل وضع الثقة في اللجنة الرباعية للتفاوض بشأن الأزمة في الشرق الأوسط، وما زلنا مقتنعين بأن الحل هو التعايش بين دولتين: دولة فلسطين ودولة إسرائيل."
يذكر أنّ منظمّة التحرير الفلسطينية، كانت قد اعترفت بـ" دولة إسرائيل" ضمناً في العام 1988، من خلال تبنّيها رسمياً حل الدولتين والعيش جنباً إلى جنب مع "إسرائيل" في سلام شامل يضمن عودة اللاجئين واستقلال الفلسطينيين على الأراضي المحتلة عام 1967 وتحديد القدس الشرقية عاصمةً للفلسطينيين، وتُرجِم ذلك الاعتراف رسمياً عام 1993، في تسوية "أوسلو" المبرمة بين الاحتلال ومنظمة التحرير الفلسطينية، والتي حدّدت مسار الحل عبر المفاوضات، ولا زالت تُعتبر الاتفاقية مرفوضة ومحط خلاف بين الفلسطينيين والسلطة الفلسطينية، وتدعو الفصائل الوطنيّة بشكلٍ دائم إلى التخلّص منها.