يمر شهر رمضان هذا العام على مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، في ظل ارتفاع معدلات الفقر في صفوفهم، جراء الانهيار المتفاقم للأوضاع الاقتصادية في البلاد عاماً بعد عام، وتعمّق نسب العوز وضعف القدرة الشرائية، في وقت يلفُّ فيه قلوبَ اللاجئين القهر على أهالي قطاع غزة، الذين يواجهون حرب ابادة وتجويع متواصلة دخلت شهرها السادس، ليحمل رمضان هذا العام للاجئين في سوريا، آلاماً مركبّة من الفقر والقهر والعجز.
لاجئون فلسطينيون عبّروا لبوابة اللاجئين الفلسطينيين، عن قهرهم وعجزهم الشديد تجاه أهالي قطاع غزة، والذي غلب على شعورهم بالفقر والعوز.
يقول اللاجئ الفلسطيني أبو أنور ناصر من سكان مخيم جرمانا لموقعنا: "صرنا نشعر بالخجل من الحديث عن أوضاعنا المعيشية والفقر والغلاء بينما أهلنا في غزة يموتون من الجوع والقصف والتشريد وانعدام الدواء بسبب الحصار الإسرائيلي المتوحش".
وسط عزلة عن العالم بسبب عدم توفر الكهرباء لأوقات طويلة يحل رمضان في ظل ظروف اقتصادية متردية
وعن أحوال اللاجئين في المخيم، يشير ناصر إلى أنّ اللاجئين الفلسطينيين اعتادوا كل عام على استقبال رمضان بظروف أسوأ من سابقها، من حيث ارتفاع الأسعار وضعف الأجور، وتردي الواقع الخدمي، وخصوصاً الكهرباء حيث يقضي الأهالي أكثر من 20 ساعة في اليوم في الظلام، ومعظم العائلات لا تتوفر لديها بدائل عن الكهرباء الحكومية، ما يجعل الناس يعيشون بحالة عزلة عمّا يدور حولهم معظم أوقات اليوم.
ويوضح اللاجئ الفلسطيني أنّ العديد من أسعار السلع الأساسية تضاعف سعرها، خصوصاً مع قرار زيادة الرواتب الذي اتخذته "الحكومة السورية" لموظفي القطاع العام بنسبة 50% في شهر شباط/ فبراير الفائت، وهو ما رفع الأسعار بنسبة 100% في الأسواق، في وقت لا تطال زيادة الرواتب القطاعات غير الحكومية أو العمل الحر، حسبما أضاف.
حساء العدس طبق بسيط وأساسي على الموائد الرمضانية للفقراء عادة، ولكن سعر كيلو العدس في سوريا وصل إلى 20 ألف ليرة سورية، بعد أن كان في رمضان الفائت عام 2023 بـ 10 الاف ليرة، ما يجعله صعب المنال للاجئين إن وجدوا عملاً يكون بأجر زهيد لا يرقى إلى مستوى ارتفاع الأسعار.
يخلو مخيم جرمانا حاله حال المخيمات الفلسطينية في سوريا من مظاهر الاحتفال بشهر رمضان
الحال هذه تنسحب على أسعار المواد الغذائية كافة ، حيث يتراوح سعر كيلو الأرز بين 10 الى 15 ألف ليرة، بينما ارتفعت أسعار الخضراوات إلى أرقام قياسية، جراء رفع أسعار المحروقات وغلاء تكاليف المواصلات، ليصبح الكيلو غرام الواحد من البصل بـ 8 الاف ليرة، فيما سجّل سعر كيلو الليمون الحامض 14 ألف ليرة سورية في أسواق جرمانا.
يخلو مخيم جرمانا، حاله في ذلك حال كافة مخيمات ريف العاصمة السورية دمشق، من مظاهر الاحتفالات الرمضانية، باستثناء نشاطات تطوعية لتنظيف وتجميل الشوارع والأزقة، جرت خلال اليومين الفائتين وشملت مخيمات خان الشيح وجرمانا وخان دنون.
خلا مخيم النيرب من مظاهر الزينة الرمضانية التي اعتاد عليها الأهالي حزناً على ما يحل بقطاع غزة
وفي مخيم النيرب بمدينة حلب شمالي سوريا وكذلك مخيم الرمل الفلسطيني في اللاذقية غربي البلاد، غلبت أجواء الحزن والفقر على الأجواء الرمضانية، في وقت ما تزال فيه تداعيات الزلزال الذي ضرب سوريا وتركيا في شباط/ فبراير 2023، ماثلة في المخيمين اللذين تأثرا وتكبدا خسائر بشرية ومادية بشكل كبير.
وخلت شوارع مخيم النيرب من المتسوقين عشيّة اليوم الأول لرمضان، كما غابت مظاهر الزينة التي اعتاد الأهالي وضعها أمام أبواب منازلهم ومحالهم التجارية، حزناً على أهالي قطاع غزة، وسط دعوات لإقامة وقفات تضامنية بعد صلاة التراويح.
ونشرت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي التي تنقل أخبار المخيم، تسجيلات فيديو لرسائل وجهها أهالي المخيم لأشقائهم في قطاع غزة، تعبر عن الوقوف إلى جانبهم في معاناتهم المتواصلة جراء المجازر "الإسرائيلية" المتواصلة منذ أكثر من خمسة أشهر.
وتتجاوز نسبة الفقر في صفوف الفلسطينيين في سوريا عتبة 90 % حسبما أشار المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" "فيليب لازاريني" في تصريحات سابقة، وهو ما يزيد الطلب على الإغاثة، في وقت لا تتعدى فيه مداخيل معظم اللاجئين الفلسطينيين المعيار الدولي للفقر المطلق.