اختتمت في مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين شمالي لبنان، فعاليات ملتقى شبابي ثقافي ومعرض كتاب حمل عنوان "الرواية الفلسطينية وسرديات الأجيال" في ذكرى مرور ستة وسبعين سنة على النكبة الفلسطينية، وسبع عشرة سنة على نكبة مخيم نهر البارد التي أدت إلى تدميره عام 2007.
استمر المعرض الذي نظمه مركز زاوية رؤية الثقافية على مدار ثلاثة أيام، وشهد اليوم الأول فيه جلسة شبابية حوارية، عن دور الشباب في التأثير الثقافي وحواراً مع الشاعر الفلسطيني مروان الخطيب.
اليوم الثاني شهد ورشة تدريبية وحوارية عن دور الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي في نصرة القضية الفلسطينية والتضامن مع أهالي قطاع غزة، وجلسة استماع إلى فلسطينيين كبار في السن عايشوا احداث النكبة، واختتم بأمسية شعرية شبابية شاركت فيها مواهب شابة من المخيم.
أما اليوم الثالث والأخير فقد شهد جلسة حوارية عن الحركة الطلابية في مدارس وكالة "أونروا" والجامعات من أجل التضامن مع قطاع غزة، ومن ثم ورشة رسم وفن الكتابة عن فلسطين للأطفال، واختتم بأمسية شعرية حمات عنوان "أم البدايات وأم النهايات" لعدد من الشعراء الفلسطينيين واللبنانيين.
ولعل أحد أبرز أهداف تنظيم الملتقى في ذكرى النكبة المتزامن مرورها مع استمرار حرب الإبادة "الإسرائيلية" على قطاع غزة، هو الوصول إلى الجيل الجديد من الأطفال اللاجئين الفلسطينيين، وتكريس الوعي لديهم حول قضيتهم، فلسطين، هذا ما يقوله ويقول مدير البرامج في زاوية رؤية أحمد ديب لبوابة اللاجئين الفلسطينيين، معرباً عن قلق المؤسسات الوطنية والمعنية بالأطفال من "نسيان الطفل الفلسطيني اللاجئ لقضيته جراء ولادته ونشوئه في ظل أزمات اقتصادية واجتماعية وعالمية، ووجود فراغ واسع في حياته اليومية".
يضيف ديب: إن هذه المخاوف تلاشت نوعاً ما بعد حرب الإبادة "الإسرائيلية" على قطاع غزة، حيث أحدثت مشاهد جرائم الإبادة "الإسرائيلية" على قطاع غزة في تفكير الأطفال الفلسطينيين في المخيمات، مشيراً إلى أن مركز "رؤية" مارس درو ملئ الفراغ من خلال الملتقى، حيث عززة الأنشطة فيه من حضور روح حب الوطن وحب فلسطين في نفوس الأطفال.
احتوى المعرض حوالي 15 جناحاً لدور نشر مختلفة، تحتوي عناوين متنوعة لكتب في الأدب والتاريخ والعلوم والسياسة وفلسطين، عرضت في هذا المعرض مع إقبال يمكن اعتباره جيداً نسبياً في ظل تحديات اقتصادية ومعيشية يواجهها اللاجئون الفلسطينيون في المخيمات لا سيما فئة الشباب منهم.
فرح كركي مسؤولة البرنامج الإعلامي في زاوية رؤية الثقافية تؤكد لموقعنا أن نشاطات الملتقى هدفت إلى التنويع في الأجيال المستهدفة، ليشارك فيها لاجئون فلسطينيون أطفال وصولاً إلى كبار السن ممن عايشوا النكبة الفلسطينية، بهدف إحداث تواصل بين الأجيال المختلفة وترسيخ قيم الثقافة الفلسطينية.
تقول كركي: إن الملتقى شمل ندوات شبابية حوارية عن دور الشباب في التأثير الثقافي، بالإضافة الى جلسة تراثية مع الأجداد الفلسطينيين تضمنت ايضاً غير الاستماع إلى قصصهم حول أحداث النكبة، دبكات ورقصات تراثية فلسطينية.
وأشارت إلى أن فقرة "عبروا عن فلسطينكم" جعلها المنسقون فقرة مفتوحة للأطفال اللاجئين كي يرسموا ويكتبوا كل ما بداخلهم عن فلسطين التي لم يرونها لا هم وآباؤهم ولكنهم يعرفونها ويشعرون بالانتماء إليها.
وشهد الملتقى أيضاً ندوة حول دور الإعلام في نقل القضية الفلسطينية وجرائم الإبادة "الإسرائيلية" على قطاع غزة، وتقول كركي في هذا الصدد: إن الندوة ناقشت ضرورة تحول الضحايا إلى إعلاميين لنقل ما يرتمب ضدهم وضد أهلهم، وهذا ما نشهده اليوم في قطاع غزة، الذي ساهم الشباب الفلسطينيون فيه وهم تحت الاستهداف والقصف في نقل كل ما يجري من مجازر إلى العالم، وفي نفس الوقت استطاعوا توثيق حب الحياة والرغبة في البقاء والتمسك بالأرض والثبات، مشيرة إلى أن هذا اثر بشكل كبير على الشباب اللاجئين في مخيمات الشتات حيث أن "رغم الدماء والمجازر والألم عادت لهم الرغبة والشغف في الدفاع عن أشقائهم ووطنهم ولو حتى بكلمة عبر وسائل التواصل الاجتماعي".
نور الحسن شابة فلسطينة في العشرينات من عمرها من المكتب الطلابي لمنظمة الشبيبة الفلسطينية، تشرف على جناح المنظمة في معرض الكتاب، تقول لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: لقد عرضنا في زاويتنا أهم الكتب لأشهر الكتاب الفلسطينيين المناضلين كأحمد سعدات وغسان كنفاني وغيرهم، وذلك "لنرسخ لأبناء المخيم أن فلسطين ما زالت حاضرة فينا مهما بعدتنا المسافات، مشيرة إلى إقبال كبير شهده المعرض من الشباب "الذين يبحثون عن كتب ترسخ فيهم حب المقاومة وفلسطين، تعلمهم أكثر عن أرضهم".
وسام عامر خلف طفلة لاجئة شاركت في ورشة الرسم، ورسمت خريطة فلسطين وعين تدمع معبرة عن "حزنها على غزة وأطفالها وتضامنها معهم" تقول لموقعنا: رسمت هذه اللوجة لأقول لأهل غزة أنا حزينة لما يجري معكم وأتمنى من الله أن ينصركم"
كما شاركت الطفلة غزل حسنات، وتعود أصولها إلى غزة تشارك في هذا النشاط لتقول للأطفال هناك في القطاع المحاصر: إننا معكم بكل ما نملك نعبر عن حزننا وتضامننا بالرسم، سننتصر بإذن الله ونعود إلى ديارنا.
وتقول ليال ربيع وهي إحدى زوار المعرض: إن هذا هو المعرض الثاني الذي تزروه لزاوية رؤيا الثقافية معبرة عن استفادتها من هذه التجربة في انتقاء كتب تعتبرها قيمة وممتعة وتحثها على الاطلاع حول زوايا مختلفة من القضية الفلسطينية، مشيرة إلى "أهمية الثقافة كسلاح بيد اللاجئ الفلسطيني".
ويعتبر معرض الكتاب هو الثاني من نوعه الذي ينظمه مركز"رؤية" في مخيم نهر البارد، حيث نظم المركز المعرض الأول تحت عنوان "الإنسان كلمة" في أيلول/ سبتمبر 2023 قبل شن حرب الإبادة "الإسرائيلية" على قطاع غزة.