أعرب المدير العام للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات الدكتور عزمي بشارة عن وجود "قناعة أميركية" بضرورة إنهاء حرب غزة، تجلّت في كلام الرئيس الأميركي جو بايدن الذي قال إنّ "الوقت قد حان لإنهاء الحرب"، وذلك في معرض عرضه للمبادرة "الإسرائيلية" لوقف إطلاق النار.
وأكد بشارة في حديث إلى "التلفزيون العربي"، في سياق التغطية المفتوحة لحرب الإبادة على قطاع غزة، أنّ بايدن "أضفى لمساته" على المبادرة "الإسرائيلية "بما في ذلك طريقة الانتقال من مرحلة إلى أخرى، ملمّحًا إلى أنّه بذلك "يكبّل" رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشكل أو بآخر.
وكان الرئيس الأمريكي بدء مرحلة جديدة خلال الإدلاء بخطابه الصحفي لإعلان المقترح "الإسرائيلي" لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وقد بدت الرؤية الأميركية واضحة في معطيات نصوص المقترح الذي يتكون من 3 مراحل متتالية تهدف لوقف إطلاق نار مستدام وإطلاق سراح المحتجزين "الإسرائيليين".
وتتضمن المقترح وفقاً لما طرح الرئيس الأمريكي بايدن، والذي نُقِل عبر الوسيط القطري إلى حركة "حماس"، 3 مراحل الأولى ستستمر 6 أسابيع، وتتضمن "وقف إطلاق النار الكامل مع انسحاب القوات "الإسرائيلية" من جميع المناطق المأهولة بالسكان في غزة وإطلاق سراح عدد من المحتجزين بما في ذلك النساء وكبار السن والجرحى مقابل إطلاق سراح مئات الفلسطينيين من سجون إسرائيل".
إضافات أميركية على المقترح "الإسرائيلي"
وحول ذلك قال الدكتور عزمي بشارة: "قد يبدو من الغرابة بعض الشيء أن يتلو الرئيس الأميركي مقترح الاحتلال لوقف إطلاق النار"، وأشار إلى أن بايدن "أضفى لمساته" على المبادرة "الإسرائيلية" بما في ذلك طريقة الانتقال من مرحلة إلى أخرى، ملمّحًا إلى أنّه بذلك "يكبّل" رئيس الوزراء"الإسرائيلي" بنيامين نتنياهو بشكل أو بآخر.
ولفت بشارة في حديثه، إلى أن الطرف "الإسرائيلي" لا يتكلم بهذه الطريقة وهو في كل مرة لا يتعهد بما ينص عليه اتفاقات وقف إطلاق النار لذا فهو لا يحظى بموثوقية من حركة حماس خاصة ان المبادرات "الإسرائيلية" لم تتضمن حتى الآن نصاً حول وقف إطلاق النار مرتبط بالانسحاب وإعادة الإعمار، فيما أفضت تفسيرات بايدن خلال تلاوته للخطاب عن هذه البنود، والتي أكد أنها بهذه اللهجة والمفردات ستلقى رداً إيجابياً من المقاومة.
وبمزيد من التفصيل يرجح بشارة وجود إضافات أميركية على بنود مراحل المقترح "الإسرائيلي" متمثلة بالمطلب الذي طرحه بايدن بالمرحلة الثانية، والذي يفيد بإطلاق سراح الأسرى المتبقيين وانسحاب قوات الاحتلال، وبالمقابل إطلاق حماس سراح المحتجزين جميعهم بما فيهم الجنود، وبالتالي يتم الانتقال إلى وقف إطلاق النار المؤقت ووقف دائم للأعمال "العدائية" باعتبارها تفسيرات أميركية تضغط على "إسرائيل".
تعاطي إيجابي للمقاومة مع المقترح "الإسرائيلي"
ويرجع بشارة التعاطي الإيجابي لحركة حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية مع مقترح بايدن لوجود مصطلحات تتعلق بالوقف الشامل والدائم لإطلاق النار وهو الأمر الذي يريدونه بالفعل، بالمقابل سيكون من الصعب على الحكومة "الإسرائيلية" التنصل من تفسيرات بادين للمقترح.
ولفت بشارة إلى أنّ "الإسرائيليين" لا يبقون أساسًا في أيّ منطقة مأهولة يدخلون إليها أكثر من المدة "اللازمة" برأيهم لإنجاز العملية العسكرية، وهم موجودون الآن فقط في غلاف داخلي لقطاع غزة، وفي نتساريم ورفح.
مشدداً على أنّ مطلب المقاومة الفلسطينية هو أن تنسحب "إسرائيل" من قطاع غزة، وليس فقط من المناطق المأهولة، معربًا عن اعتقاده في الوقت ذاته بأنّ الانسحاب من نتساريم يمكن أن يكون في المرحلة الأخيرة من الاتفاق، إذا ما تمّ التوصل إليه فعليًا.
وفي ظل محاولات أميركا فرض تصوراتها حول المقترح لانهاء الحرب، أكد بشارة أنّ المأزق "الإسرائيلي" الحقيقي يكمن في عدم وجود تصوّر لديهم حتى الآن لليوم التالي للحرب في غزة، ولا سيما بغياب أيّ قوة منظّمة تستطيع أن تستلم إدارة القطاع في حال انتهت الحرب.
ولاحظ الدكتور عزمي بشارة، أنّ بعض الكلام الذي قاله بايدن يترك مخارج لإسرائيل ويدفع للتشكيك، ولذلك فإنّ هذا الأمر يجب أن يُرفَض ويُفاوَض عليه، مشدّدًا على أنّ الصمود والنضال موجود وقائم، ويجب المحافظة عليه.
وشدّد بشارة على أنّ الحل الوحيد فلسطينيًا هو التوافق على حكومة وفاق وطني مع المقاومة الفلسطينية، داعيًا إلى أن يكون هنالك نوع من التمايز بين حركة فتح وبين السلطة الفلسطينية. واعتبر أنه "لا يجوز أن تنقاد حركة فتح إلى مجموعة من 5 أو 6 أشخاص خلف الرئاسة الفلسطينية، وأن تفقد دورها التاريخي في مرحلة يتعرض فيها الشعب الفلسطيني للإبادة".
وقال: "هذا إذا حصل هو الذي يضمن لاحقًا قيادة سياسية مرجعية للشعب الفلسطيني وحكومة وفاق وطني"، معتبرًا أنّ هذا الأمر قد لا يكون حلاً مثاليًا، لكنه المَخرَج الوحيد في الوقت الراهن.
فرصة لأميركا لتحقيق التطبيع "الإسرائيلي" السعودي قبل الانتخابات
واعتبر بشارة ان هذه فرصة ثمينة للإدارة الأميركية من أجل إنجاز تطبيع "إسرائيلي" سعودي قبل الانتخابات الأميركية لاستثمارها في الاستحقاق الانتخابي، وما يترتب عليهها من توقف المظاهرات في الدول الغربية ومقاطعة العرب والمسلمين للانتخابات وتجنب تصويت الديمقراطيين والليبراليين.
ولفت بشارة إلى أنّ بايدن يتحدّث عن "فرصة لإسرائيل وللفلسطينيين لوقف الحرب"، مشدداً على أنّها في الحقيقة "فرصة للإدارة الأميركية" التي تريد التخلّص من "الصداع" الناجم عن الحرب وتأثيراته على الانتخابات الأميركية.
وأكد في هذا السياق إلى أنّ المبادرة الإسرائيلية لم تأتِ من فراغ وإنما بضغط أميركي دفع "إسرائيل" لتقبل ما كانت قد رفضته في 6 مايو، متحدّثًا عن مجموعة عوامل أسهمت كذلك في هذا الأمر، من بينها عزلة الاحتلال والمحاكمات الدولية، إضافة إلى الضغط الداخلي "الإسرائيلي" أيضًا.
تصفية حسابات "إسرائيلية" في الضفة الغربية
وحول تصعيد الاحتلال المتواصل في حربه على الضفة الغربية قال الدكتور بشارة: إن الاحتلال يقصف المخيمات في الضفة، ويقتحم طيرانه أجواء المخيمات، وهي ليست في حالة حرب، رغم وجود اتفاق سلام بين السلطة و"إسرائيل" التي تتمنى فتح جبهة حرب في الضفة كما في غزة، واصفاً ما تقوم به بأنه "تصفية حسابات" مع مخيمات بعينها كجنين وطوباس وطولكرم.
ومضيفاً إلى أن قوات الاحتلال تعمل بالفعل على توسيع للاستيطان، لا سيما أنها قد عادت إلى 5 مستوطنات قد خرجوا منها وفق اتفاق فك الارتباط والانسحاب من قطاع غزة إلى جانب عودة سياسة التعذيب والاعتقالات بشدة أكبر من ذي قبل.
صورة "إسرائيل" تتغير في العالم
وفسر بشارة تعاطي "إسرائيل" مع الحراك العالمي ضدها من التحركات الشعبية والتظاهرات الواسعة ضده بعقلية المنعزل والعودة إلى سردية معاداة السامية وتراكمات سياسية وثقافية عميقة تسمح لقيادات "إسرائيلية" في اليمين بتعبئة المجتمع "الإسرائيلي" وإعادة عقلية ان "العالم يعزلنا" متوقعا ان تعم المظاهرات المجتمع "الإسرائيلي" ما سيعزز مطالب إطلاق سراح الرهائن، حتى لو كان ثمنه وقف الحرب.
لافتاً إلى أن قضية فلسطين باتت مركبة مرتبطة بقضيتين قضية اليهود في الغرب والعرب في الشرق حيث فقدت الدول العربية هيبتها واحترامها في المنطقة فيما يتعلق بقضية وطنية وقومية من الدرجة الأولى هي قضية فلسطين. أما على مستوى القضية اليهودية، فلفت إلى أن الغرب يُسقِطها على العرب والمسلمين عمومًا ليتنصّل من ماضيه.
وقال: إنّ "إسرائيل" لم تكن بحاجة في الماضي أن يقوم أحد في الغرب بقمع الإعلام والطلاب، وكان خطابها مهيمنًا، وهو ما تغيّر اليوم حيث اهتزّت السردية "الإسرائيلية" بشكل كبير في الغرب، مشدّدًا على أنّ "الإسرائيليين" سيدركون في مرحلة ما أنهم يصبحون عبئًا على دول أخرى إذا استمرّت هذه السياسة.
فيما دعا بشارة إلى انتظار موقف الحكومة "الإسرائيلية" وكيفية تعاملها مع الموضوع، مرجّحًا أن تحاول الأخيرة "تهدئة روع" اليمين "الإسرائيلي" الذي قد لا يعجبه هذا الحديث، الذي قد يعني "فشلاً لإسرائيل" خصوصًا بعد عملية رفح التي لم يتحقق شيء من أهدافها، معتبراً عن الحديث عن اتفاق لوقف إطلاق النار ما زال مبكراً.
شاهدوا المقابلة الكاملة مع الدكتور عزمي بشارة