انسحب جيش الاحتلال "الإسرائيلي" من مدينتي جنين وطولكرم ومخيميهما بعد عملية عسكرية هي الأعنف منذ عقدين تعمد خلالها مسح كل مقومات الحياة للفلسطينيين في عقاب جماعي كان هدفه نزع فتيل كتائب المقاومة وإقصائها من المخيمات الفلسطينية.

ارتقى جراء العملية العسكرية "الإسرائيلية" الواسعة على ثلاث مدن رئيسية ومخيماتها في شمالي الضفة الغربية وهي (طولكرم وطوباس وجنين) 39 شهيداً فلسطينياً بينهم 8 أطفال، وتسبب هذا العدوان بإصابات حرجة بين الفلسطينيين، وخلف مئات المنازل المدمرة والأحياء والشوارع المجرّفة كما قطع سبل عيش آلاف الفلسطينيين في المدن ومخيمات جنين والفارعة ونورشمس وطولكرم.

كما بلغت حصيلة الاعتقالات في صفوف الفلسطينيين خلال 10 أيام من عدوان الاحتلال 110 فلسطينيين، وبذلك يرتفع عدد الفلسطينيين منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، من الضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة، إلى أكثر من 10 آلاف و400.

ورغم انسحاب الاحتلال من مخيمي طولكرم وجنين، إلا أنه أعلن عن استمرار عمليته العسكرية التي أطلق عليها اسم "المخيمات الصيفية" حتى تحقيق ما وصفه بـ "أهدافها"المتمثلة بالقضاء على المقاومة الفلسطينية.

دمار غير مسبوق شوه وجه مدينة جنين ومخيمها

وشهدت مدينة جنين دماراً لا يصدق في أحيائها ومخيمها، وفق تقديرات أجهزة الدفاع المدني الفلسطيني، حيث دمر جيش الاحتلال 25 كيلو متراً من شوارع وأحياء المدينة والمخيم.

عشرات فرق الطوارئ التابعة للدفاع المدني، ولوزارة الأشغال العامة والبلدية وشركات الكهرباء والاتصالات، شرعت بعمل مسح ميداني شامل لآثار اعتداء الاحتلال على أحياء مدينة ومخيم جنين، وفي تهيئة مؤقتة للشوارع والطرقات وإعادة الخدمات الحيوية.

وكشفت الصور ومقاطع الفيديو التي تداولها وناشطون عن مشاهد مروعة لحجم الدمار والخراب الذي حل بأبرز شوارع مخيم جنين منها: شارع مهيوب والمنازل المجاورة، ودوار السينما وعدد من المتاجر في المدينة جراء التجريف المتواصل الذي نفذته جرافات الاحتلال طيلة أيام العدوان.

وخلف عدوان الاحتلال على مدينة جنين وحدها 21 شهيداً بينهم أطفال ومسنون وعشرات الإصابات بجروح خطيرة وسط مخاوف تعتري الفلسطينيين من إعادة اقتحام آليات الاحتلال للمدينة المخيم لاسيما بعد انتشارها على الحواجز العسكرية المحيطة.

طولكرم ومخيمها منطقة منكوبة بعد عدوان الاحتلال

في مدينة طولكرم ومخيمها لا تختلف الصورة كثيراً عما هي عليه في جنين، دمار شامل أحدثته جرافات الاحتلال التي عبثت بأحياء المدينة بعد أعنف اقتحام شنه جيش الاحتلال لمرتين متتاليتين خلال العدوان، برفقة جرافته وآلياته الثقيلة التي عملت على تجريف الأحياء والشوارع وعاثت خراباً في البنى التحتية.

وسجل الاحتلال خلال عدوانه على طولكرم اعتداءات عسكرية موسعة طالت الطواقم الطبية حيث تعمدت عرقلة عملها ووصولها للمصابين، وخلال 46 ساعة من اقتحام مخيم طولكرم عقبه اقتحام للمرة الثانية تواصل لـ 72 ساعة، تكررت حوادث الاعتداء على طواقم الإسعاف ومعنهم من ممارسة عملهم الإنساني في مخيم طولكرم، فيما حاصر جيش الاحتلال مستشفيات المدينة.

بلدية طولكرم المدينة ومخيم طولكرم منطقة منكوبة بعد أن كشفت عن حجم الأضرار والخسائر التي خلفها الاحتلال حيث تسبب بدمار 100 منزل بشكل كامل وألف منزل آخر تضرر بشكل جزئي علاوة على أن 200 منزل لم يعد صالحاً للسكن بالإضافة إلى تدمير شبكات الكهرباء والماء بطول 2 كلم مربع.

وذكرت البلدية أن الاحتلال دمر 300 محل تجاري وترك 40% من سكان المخيم عاطلين عن العمل مشيرة إلى أن ما فعله الاحتلال بطولكرم هو صورة مصغرة عن العدوان الذي يشنه حالياً على قطاع غزة.

سياسة "إسرائيلية" تمهد لتهجير الفلسطينيين ونزع المقاومة

الكاتب والباحث في الشأن "الإسرائيلي" عصمت منصور أكد أن التدمير الذي يشنه الاحتلال سياسة مقصودة مشيراً إلى أنه جزء من أدوات الاحتلال لمواجهة مقاومة الشعب الفلسطيني وردعه وتدفعيه ثمن وجود المقاومة ودعمها واحتضانها.

وعبر منصور لبوابة اللاجئين الفلسطينيين أن الاحتلال يعمل على تهيئة الأرضية لتهجير الفلسطينيين وتمرير مشاريع تهيئ للتوسع الاستيطاني على حساب وجود الشعب الفلسطيني لافتاً إلى أنهم "كلما أفقروا المجتمع أضعفوه وكلما دمروا بنيته التحتية ومكونات بقائه كلما أصبحت الأرضية مهيأة أكثر للاستيطان".

الاحتلال يدفّع من الفلسطينيين ثمن احتضانهم للمقاومة

ويقول الباحث في الشأن "الإسرائيلي": هذه السياسة ينظر لها بعين الخطر لا سيما أنها مخالفة للقوانين الدولية وبربرية ووحشية ولها أبعاد استيطانية خطيرة و"هذا نهج ليس جديداً".

وأضاف: إن نهج الاحتلال بدا يأخذ طابعاً شاملاً عاماً مسلطاً الضوء على المقاومين الذين هدم الاحتلال منازلهم ومنازل عائلتهم وفي إطار هذه السياسة، وصار يهدم أحياء كاملة ومخيمات وبنية تحتية وشوارع وأسواق وميادين بشكل مقصود.

يرى منصور أنه لا يوجد أي مبررات عسكرية لذلك، موضحاً: "حتى الأن قدمت سلطات الاحتلال حصيلة هذه العملية العسكرية في جنين وهي نزع 10 أو 24 قطعة سلاح أو عدد من العبوات فضلاً عن اعدام المقاتلين براً وجواً وقنصاًعلاوة على الاغتيالات متجاوزاً بذلك، سياسة الضغط على الحاضنة للمقاومة الشعبية بإخلاء الأرض وإفقار الناس وتهجيرهم".

الأسبوع الأكثر دموية

ومن جهتها، عبرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، عمّا يحدث في الضفة الغربية بالإشارة إلى ما قاله الأمين العام للأمم المتحدة "أنطونيو غوتيرتش" بأن الأسبوع الماضي هو "الأكثر دموية" للفلسطينيين في الضفة الغربية منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2023".

وقالت "أونروا"، في منشور على حسابها عبر منصة (X)، الخميس: "مع استمرار الحرب في غزة تتزايد أعمال العنف والدمار في الضفة الغربية كل ساعة، وهذا أمر غير مقبول ويجب أن يتوقف الآن".

 

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد