نعت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) اليوم الجمعة 18 تشرين الأول/ أكتوبر، القائد الفلسطيني يحيى السنوار (أبو إبراهيم)، رئيس المكتب السياسي للحركة وقائد معركة "طوفان الأقصى"، والذي ارتقى أمس خلال مواجهة مباشرة مع جيش الاحتلال "الإسرائيلي" جنوبي قطاع غزة.
ونعت حماس الشهيد في بيان رسمي اليوم، وأكدت أن السنوار كان رمزاً للنضال والمقاومة، وكرس حياته من أجل فلسطين حتى ارتقى شهيداً مدافعاً عن أرضها ومقدساتها.
وجاء في بيان النعي: "بكل معاني الشموخ والكبرياء والعزة والكرامة، تنعى حركة المقاومة الإسلامية حماس إلى شعبنا الفلسطيني وأمتنا جميعاً وأحرار العالم رجلاً من أنبل الرجال وأشجعهم، رجلاً كرس حياته من أجل فلسطين، وقدم روحه في سبيل الله على طريق تحريرها. صدق الله فصدقه الله، واصطفاه شهيداً مع من سبقه من إخوانه الشهداء".
سيرة الشهيد يحيى السنوار: حياة حافلة بالنضال
ولد الشهيد يحيى السنوار في 19 تشرين الأول/ أكتوبر 1962 في مخيم خان يونس للاجئين الفلسطينيين، لعائلة فلسطينية هجرت من مدينة المجدل -عسقلان خلال نكبة عام 1948.
وعاش حياته في قطاع غزة، حيث تلقى تعليمه في مدارس خان يونس، حتى تخرج من الثانوية العامة، ثم التحق بالجامعة الإسلامية في غزة، وحصل على شهادة البكالوريوس في اللغة العربية، وبرز كناشط طلابي، حيث عمل في مجلس الطلاب وتدرج في مناصب قيادية فيه، وصولاً لرئاسة المجلس.
وأسس السنوار فرقة "العائدون للفن الإسلامي" بإشراف من الشيخ المؤسس أحمد ياسين، وعمل على تعزيز الروح الوطنية بين الشباب الفلسطيني، كما كان له دور ريادي في تأسيس جهاز الأمن الحركي الأول (أمن الدعوة) برئاسة الشيخ أحمد ياسين عام 1983، وكان من أوائل قادة منظمة "مجد" التي كلف بتأسيسها عام 1986 لتعزيز المقاومة الفلسطينية.
واعتقل القائد الشهيد لأول مرة في عام 1982 بسبب نشاطه المقاوم، وحكم عليه بالسجن لعدة أشهر. في عام 1988، اعتقل مرة أخرى وحكم عليه بالسجن أربعة مؤبدات، قضاها في سجون الاحتلال، بما في ذلك أربع سنوات في العزل الانفرادي.
وخلال فترة الأسر، قاد السنوار سلسلة من الإضرابات عن الطعام احتجاجاً على ممارسات الاحتلال داخل السجون، وكان قائداً للهيئة القيادية العليا لأسرى (حماس) لعدة دورات.
الأديب والمفكر
واشتهر القائد السنوار بإتقانه اللغة العبرية، وكان له العديد من المؤلفات والترجمات التي تناولت القضايا السياسية والأمنية. من أبرز أعماله ترجمة كتب عن جهاز "الشاباك" الإسرائيلي، وتأليف رواية أدبية بعنوان "شوك القرنفل"، التي جسدت تجربة النضال الفلسطيني منذ عام 1967 وحتى الانتفاضة.
بعد التحرر: مواصلة النضال السياسي والعسكري
في عام 2011، أفرج عن يحيى السنوار في صفقة "وفاء الأحرار"، التي نجحت حركة حماس بإتمامها مع الاحتلال بفضل دوره البارز في تحديد شروط الصفقة.
وبعد الإفراج عنه، انتخب عضواً في المكتب السياسي لحماس في قطاع غزة، وتولى الملف الأمني ثم العسكري، حيث كان من بين القيادات التي قادت كتائب القسام في عدة مواجهات مع الاحتلال.
وفي شباط/ فبراير 2017، انتخب السنوار رئيساً للمكتب السياسي لحركة (حماس) في قطاع غزة، وأعيد انتخابه لدورة ثانية في 2021، كان من أوائل القيادات التي وضعتها الولايات المتحدة على لائحة "الإرهابيين الدوليين" في أيلول/ سبتمبر 2015.
خلال مسيرته، تعرض منزل السنوار للقصف والتدمير عدة مرات، إحداها في العام 1989، خلال عدوان 2014، ثم في 2021، وأخيراً خلال حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة في تشرين الأول/ اكتوبر 2023.
وفي السادس من آب/ أغسطس 2024، تولى رئاسة المكتب السياسي لحماس بعد استشهاد إسماعيل هنية في طهران، ليقود الحركة في مرحلة من أصعب مراحلها.
استشهد يحيى السنوار، بعد أن ظل طوال حياته رمزاً لمقاومة الاحتلال، ثابتاً على مبادئه، ومقاتلاً في الصفوف الأمامية، و"جاء استشهاده ليختم حياة زاخرة بالنضال، ويضيف اسمه إلى قائمة طويلة من الشهداء الذين ارتقوا على درب التحرير" كما ختم البيان.