في مخيم الجليل الواقع على مدخل مدينة بعلبك في البقاع اللبناني، تمر أيام الشتاء مُثقِلَةً كاهل اللاجئين الفلسطينيين الذين يفتقرون لأبسط مستلزمات التدفئة، مع غياب الدعم الأساسي من الجهات المعنية كمنظمة التحرير والفصائل التي تدعي تمثيل الفلسطينيين وكذلك وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا".
نقص مادة المازوت يجعل البرد القارس تحديًا يوميًا، فيما تكافح العائلات وحدها وسط ظروف معيشية قاسية. بين جدران هشة وأمل مفقود، إذ تتجدد معاناة اللجوء كل شتاء، في انتظار من يمد يد العون.
خشب الأشجار بديل للمازوت
يتحدث اللاجئ الفلسطيني في المخيم أسامة صالح عن معاناة يكابدها كل شتاء من أجل تأمين التدفئة لعائلته باستخدام حطب الأشجار، ويقول: "أقصّ هذه الشجرة لأني مضطر، الحياة غالية، عندي مدفأة حطب ولا أملك أي وسيلة أخرى لتدفئة أطفالي في هذا الشتاء البارد، مع ارتفاع أسعار المازوت وعدم توفره".
ويؤكد طبيب الأسنان د.وسام هدروس من أبناء المخيم، وهو أب لخمسة أطفال أن غالبية اللاجئين الفلسطينيين في المخيم تعجز عن تأمين مادة المازوت بسبب الظروف المادية الصعبة وقلة فرص العمل في منطقة بعلبك.
يتحدث عن معاناته الشخصية ويقول: "نحن سبعة أفراد، أنا وزوجتي وأولادي الخمسة، نعاني كثيرًا في تأمين المازوت، خاصة خلال فصل الشتاء في منطقة بعلبك- الهرمل، حيث البرد شديد وقارس".
10 دولارات من أجل التدفئة ليوم واحد
في مخيم الجليل حيث يتميز الطقس ببرودة شديدة، يتحول تأمين التدفئة إلى عبء كبير، مع الاضطرار إلى تشغيل مدفأة المازوت 24 ساعة وهذا يتطلب نحو 10 لترات من المازوت يومياً، يترواح سعرها ما بين 9 إلى 10 دولارات، وهو مبلع يصعب توفيره بالنسبة لعدد كبير من اللاجئين الفلسطينيين الذين لا تتجاوز أجور عملهم اليومية هذا المبلغ.
يخبرنا اللاجئ الفلسطيني حسام حجي أنه يحاول تدفئة أطفاله بالبطانيات قدر الإمكان، ويطفئ المدفأة عند ذهابهم إلى المدارس ليتمكن من تشغيلها بعد عودتهم، مشيراً إلى أن بعض منظمة التحرير وزعت 40 لتر مازوت على الأهالي، لكن هذه الكمية غير كافية إطلاقاً، وأوضح أن كل عائلة تحتاج ما لا يقل عن 200 لتر مازوت في الشهر.
ويطالب اللاجئ الفلسطيني وكالة "أونروا" بتقديم مادة المازوت لسكان مخيم الجليل، فهو المخيم الفلسطيني الوحيد في لبنان، إضافة إلى بعض التجمعات في البقاع من يضطر سكانها إلى المازوت من أجل التدفئة.
"أونروا" لا تستجيب
وحول هذه الأزمة، يؤكد أمين سر اللجان الشعبية التابعة لتحالف القوى الفلسطينية كارم طه أن اللاجئين الفلسطينيين يواجهون تحديًا في تأمين مادة المازوت، وخاصة أن منطقة بعلبك، التي تقع على ارتفاع 1200 متر فوق سطح البحر، تشهد شتاءً قاسيًا، يضاعف مصاعب الحياة اليومية مع غياب فرص العمل خلال الصيف الماضي والخريف بسبب العدوات "الإسرائيلي" وبسبب طبيعة الطقس في المخيم حيث تؤدي برودة الشتاء إلى توقف كثير من الأعمال.
والحال هذه، فإن العمل الموسمي في الصيف بالكاد يغطي احتياجات الشتاء، وفي ظل هذه الظروف، يجد العديد من السكان أنفسهم مجبرين على قطع الحطب لتدفئة أسرهم، مع غياب مصادر أخرى للطاقة.
ويشير طه لموقعنا إلى أن اللجنة وجهت عدة مذكرات إلى وكالة "أونروا" للمطالبة بتأمين المحروقات والدعم الاقتصادي والعيني، لكن دون أي استجابة تُذكر، مضيفاً أن بعض الجمعيات تقدم كميات صغيرة من المازوت تتراوح بين 20 إلى 30 لترًا، وهي بالكاد تكفي ليوم أو يومين.
وقال طه: "في هذا الواقع، يبرز سؤال ملحّ حول مدى قدرة الوكالة والمنظمات الدولية على تحمل مسؤولياتها تجاه اللاجئين الفلسطينيين، وتأمين أبسط حقوقهم، خاصة في مواجهة فصل الشتاء القاسي".
شاهد/ي التقرير