فلسطينيو سوريا وأهالي قطاع غزة انعكاس متبادل للمعاناة والتغلب على الإبادة

الأربعاء 22 يناير 2025

شهدت المخيمات الفلسطينية في سوريا تفاعلاً واسعاً وغير مسبوق مع اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، الذي دخل حيز التنفيذ يوم الأحد الماضي 20 نوفمبر/تشرين الثاني. تركزت هذه التفاعلات في المخيمات التي عانت بشدة خلال سنوات الحرب السورية، مثل مخيمات اليرموك ودرعا، حيث عمَّت المسيرات الاحتفالية والتظاهرات التي عبّرت عن تضامن عميق مع أهالي القطاع، فيما عبّر لاجئون أنّ المخيمات وقطاع غزّة انعكاس متبادل للمعاناة الفلسطينية ومواجهة الإبادة، وإفشال مخططات اجتثاث الفلسطينيين.

وأعادت مشاهد حرب الإبادة "الإسرائيلية" على غزة، التي استمرت 15 شهراً، ذكريات المعاناة التي عاشها سكان مخيم اليرموك خلال حصار النظام السوري، المخيم الذي تحول إلى ركام، بعد حصار وقصف مستمرين بين عامي 2014 و2018، يعكس نفس المآسي التي تواجهها غزة اليوم.

يقول اللاجئ "أبو صلاح"، الذي يعيش بين أنقاض المخيم في شارع صفد، لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين": "نحن الفلسطينيين في سوريا نشعر بألم أهالي غزة لأننا عشنا نفس الكوارث. والهدف واحد دائماً هو محو الفلسطينيين وطمس هويتهم".

أبو صلاح أكد أن القاسم المشترك الأكبر بين مخيم اليرموك وقطاع غزّة، هو تدمير الفلسطينيين واجتثاثهم من التاريخ والذاكرة، من خلال تدمير أسس حياتهم، لغرض محوهم وتشريدهم وإنهاء هويتهم عبر استهدافهم داخل فلسطين وفي الشتات، ضمن مخطط "إسرائيلي" واحد، ولو اختفت الأدوات.

ويشرح أبو صلاح، عمق تفاعل أهالي المخيم واحتفائهم باتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزّة، الذي استطاعت المقاومة الفلسطينية من خلاله، فرض شروط أفشلت مخطط الاحتلال "الإسرائيلي" بتهجير الغزيين إلى مصر، أو إعادة احتلال القطاع وتحويله مجدداً إلى منطقة استيطان.

ويعزي ذلك إلى صمود الغزيين وتمسكهم بأرضهم، كما أهالي مخيم اليرموك الذين لم ييأسوا ويخضعوا لمخطط تشريدهم وتدمير مخيمهم وإنهائه، حيث ظلّوا يطالبون بعودتهم إلى المخيم وحفظوه في وجدانهم، حتى سقط النظام السوري، وكذلك فعل الغزيون ظلّوا قابضين على الجمر يواجهون وحشية الاحتلال بصمودهم ومقاومتهم، حتى فشل مخطط نتياهو، وخضع لشروط المقاومة والأهالي.

اقرأ/ي أيضاً: احتفالات تعمّ المخيمات الفلسطينية ومدن سورية ابتهاجاً بوقف إطلاق النار في غزة

مخيم اليرموك، الذي عادت الحياة إلى شوارعه ولو مؤقتاً، حيث شهد مسيرات حاشدة شارك فيها العائدون إلى المخيم ومئات من أبنائه الذين قدموا من مناطق نزوحهم، حملت رسائل تضامن مع غزة ومقاومتها، مؤكدين أن الفلسطيني دائماً ينهض من تحت الركام.

يقول اللاجئ "إبراهيم أحمد"، العائد حديثًا لترميم منزله في شارع حيفا: "كما نخطط نحن لإعادة بناء مخيمنا، سيعيد الغزيون إحياء قطاعهم بالكامل. هذا قدرنا كشعب فلسطيني، النهوض من تحت الركام حتى التحرير والعودة إلى الوطن".

وأضاف أحمد أن المخيمات الفلسطينية في الشتات والأرض المحتلة تمثل رسالة واضحة للاحتلال "الإسرائيلي": "نحن شعب لا يقهر، رغم كل المآسي والدمار".

في مخيم درعا جنوب سوريا، الذي دفع ثمناً كبيراً خلال حرب النظام السوري على مدينة درعا ومدنها بما فيها المخيم، داعب مشهد ظهور عناصر كتائب الشهيد عز الدين القسام بعد إبرام وقف اتفاق النار، وخلال المرحلة الأولى من عملية تبادل الأسرى وهم محاطين بالشعب الغزّي الذي يحتفي بهم وبإنجازهم، رغم الآلام والركام وبحور الدماء، مشاعر أهالي المخيم، الذين عاشوا تجربة مشابهة، حين تمسكوا بمواقفهم وصمودهم في وجه النظام السوري، واصطفوا مع أهلهم السوريين الذين بينهم وبين الفلسطينيين في درعا وحدة حال شاملة.

يقول اللاجئ "أبو إسماعيل"، الذي شارك في مسيرة احتفالية بالمخيم: "نحن وأهالي القطاع أثبتنا للعالم أن الفلسطيني لا ينكسر إذا اصطف مع الحق في مواجهة الظلم".

وأضاف أبو إسماعيل أن مشهد ظهور مقاتلي كتائب القسام بين أهالي غزة بعد وقف إطلاق النار ذكّره بمشاهد احتفالات أهالي درعا بسقوط النظام السوري. وأكد أن الفلسطينيين في الداخل والشتات يمثلون وحدة حال تمسك بحقوقهم وسلاحهم في وجه كل أشكال الظلم.

ومنذ الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، غطت المسيرات الاحتفالية كافة مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، وحملت هذه الاحتفالات تحيات من اللاجئين لصمود الغزيين، ورسائل تؤكد وحدة الحال الفلسطينية في مواجهة المحو والتدمير.

ويرى الفلسطينيون في سوريا، في أهالي قطاع غزة، انعكاساً لمعاناتهم، ويجددون الأمل في الصمود والنهوض من تحت الركام، كقدر مشترك يجمعهم أينما وجدوا، وكما نهضت غزة من تحت الركام، يخطط الفلسطينيون في سوريا لإعادة بناء مخيماتهم والحفاظ على هويتهم الوطنية، في رسالة تتجاوز حدود الجغرافيا، بأن النضال من أجل الحرية والكرامة لا يتوقف.

 

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد