حلّ شهر رمضان هذا العام على اللاجئين الفلسطينيين داخل مخيم البقعة شمال العاصمة الأردنية عمّان، مثقلاً بالأعباء الحياتية وسط ظروف اقتصادية معقدة تعيشها العائلات التي تقضي أيام الشهر الفضيل في العتمة عقب قطع الكهرباء والمياه عن معظم المنازل بسبب العجز عن سداد الفواتير.
ويجمع معظم من قطعت عنهم المياه والكهرباء على أن الفواتير باهظة وقد ارتفعت مع مرور الزمن داخل المخيم فيما الأجور والرواتب الشهرية لمعظم الأعمال بقيت على حالها طيلة تلك السنوات.
رمضان تزامن هذا العام مع حملات لشركتي المياه والكهرباء بفصل اشتراكات المستفيدين لتراكم الفواتير
وعلى الرغم من الزينة الجميلة التي تبنتها جمعيات وأشخاص في المخيم وأضفت على أحياء وحارات مخيم البقعة أجواء رمضانية مميزة، كالفوانيس والأضواء التي علقت على أبواب ونوافذ المنازل، إلا أن داخل بعض البيوت حلت العتمة وتراكمت فواتير الكهرباء والماء لدى العديد من العائلات الفقيرة ذات الدخل المحدود والتي تعتمد بالأصل على المساعدات والمبادرات الخيرية في معيشتها وقضاء الشهر الفضيل، وفق ما يؤكد ناشطون.
يقول الناشط ثائر سعادة من أبناء المخيم لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: إن رمضان تزامن هذا العام مع حملات لشركتي المياه والكهرباء بفصل اشتراكات المستفيدين لتراكم الفواتير وعدم قدرة عدد من اللاجئين الفلسطينيين على سدادها لنفس السبب وهو كثرة الالتزامات وقلة الدخل المادي.
يضيف سعادة: إن فواتير الكهرباء والماء أصبحت ثقلاً إضافياً على الأعباء الاقتصادية الواقعة على كواهل اللاجئين الفلسطينين في مخيم البقعة عقب ارتفاع الأسعار في الآونة الأخيرة ومعه صارت فاتورة الكهرباء تساوي 25 ديناراً أردنياً شهرياً بدلاً من 15 في السابق.
وتعود أسباب قطع الكهرباء والماء عن العديد من عائلات اللاجئين في مخيم البقعة إلى حملة قادتها شركتا الكهرباء والماء قبل شهر رمضان، ولا تزال مستمرة تتمثل في تركيب عدادات إلكترونية بدل القديمة تعمل إلكترونياً في حال لم يتم تسديد الفواتير يتم بشكل مبرمج فصلها تلقائياً.
عائلات تجاوزت فواتيرها آلاف الدنانير أدت إلى عدم قدرتها عمل تسوية وتقسيط المبلغ
ويعلق عضو مجلس محافظة البلقاء اللامركزية بمخيم البقعة صلاح عطوة أن أهالي المخيم يواجهون صعوبة بسبب عدم مقدرتهم على "تصويب أوضاع" أو عمل تسوية لأن الفواتير كانت متراكمة وبقيم مالية كبيرة قبل تركيب العدادات الجديدة.
وعلل عطوة لبوابة اللاجئين الفلسطينيين عدم مقدرة الأهالي على السداد نظراً للظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر على الناس، ولاسيما خلال شهر رمضان حيث يجري فصل إلكتروني للخدمات، مشيراً إلى أن هناك فئة من العائلات اللاجئة تجاوزت فواتيرها آلاف الدنانير أدت إلى عدم قدرتها عمل تسوية بحيث يجري تقسيط المبلغ لإرجاع الكهرباء.
وأوضح عطوة أن هناك لاجئون طلبوا منهم مخاطبة شركات الكهرباء والماء من أجل السماح لهم بدفع حد معين من الفواتير وإعادة الكهرباء والماء، وأن يتم تخفيض الدفعة الأولى لعمل التسوية إلا أن القرار يسري في جميع مناطق المملكة حيث يجري فصل مبرمج وإلكتروني، إذا كانت القيمة غير المدفوعة أكثر من 100 دينار.
تكثر الأزمات الاقتصادية أمام قلة الدخل المالي ما يذهب بهجة شهر رمضان
وليس ذلك فحسب ما يعكر صفو شهر رمضان لدى اللاجئين في مخيم البقعة فأسعار المواد الغذائية الباهظة، جعلت هناك تدنياً في القدرة الشرائية لسكان المخيم مع تدني الرواتب ودخول شهر رمضان المبارك تزامناً مع أجواء باردة وما يضيفه عبء توفير التدفئة على اللاجئين الفلسطينيين.
ويؤكد الناشط سعادة أن غالبية اللاجئين يعتمدون على مادتي الكاز والغاز مرتفعة السعر في تدفئة بيوتهم، وبالتالي تكثر الأزمات الاقتصادية أمام قلة الدخل المالي ما يذهب بهجة شهر رمضان.
ونظراً لتلك الظروف الصعبة يضيف سعادة أن من عادات أهل المخيم في رمضان إقامة مبادرات إفطارات جماعية، وتكثر المبادرات الخيرية من أصحاب الأيدي البيضاء والجمعيات الخيرية عبر توزيع الطرود الغذائية وإقامة خيمات للإفطار الجماعي، وأيضاً مبادرات فردية كتوزيع التمور والمياه على المارة قبل آذان المغرب.
ويعاني مخيم البقعة أكبر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الأردن من أزمات عديدة أبرزها الفقر الذي يجسد واقعاً يوميًا يفرض نفسه على معظم العائلات اللاجئة في المخيم، والتي تكافح بدورها في تأمين احتياجاتها الأساسية وسط غياب الدعم الكافي من قبل وكالة "أونروا" الذي أدى لتعميق الأزمات الاقتصادية والاجتماعية داخل المخيم.
ويقع مخيم البقعة شمال غرب العاصمة الأردنية عمّا،ن ويخضع إداريا لسلطة بلدية عين الباشا التابعة لمحافظة البلقاء، وهو أحد مخيمات اللجوء الستة التي أقيمت في الأردن لإيواء اللاجئين الفلسطينيين عقب نكسة عام 1967، وكان هناك أربعة مخيمات قائمة منذ النكبة عام 1948.