استشهد الطفل محمد مصطفى ياسين (4 أعوام) جراء سوء التغذية الحاد في قطاع غزة، ليصبح ضحية جديدة للحصار "الإسرائيلي" الخانق الذي يمتد منذ أكثر من سبعة أشهر، حيث تمنع سلطات الاحتلال دخول المساعدات الإنسانية الأساسية إلى القطاع المحاصر.
وانتشرت صور مؤلمة للطفل محمد جثة هزيلة بين ذراعي والدته التي احتضنته باكية، وهي تحمل الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن وفاة ابنها، نتيجة سياسة التجويع الممنهجة التي تستهدف المدنيين في غزة.
وقالت والدة ياسين في تصريح صحفي إن: "إغلاق الاحتلال للمعابر ومنع دخول الغذاء والدواء تسبب في تدهور صحة ابني حتى فقدناه"، مضيفةً أن محمد كان يعاني ضموراً وسوء تغذية، وأن الأغذية المعلبة التي اعتمدت عليها العائلة نتيجة انعدام الطعام الطازج ساهمت في تدهور حالته.
من جهته، أعلن جهاز الدفاع المدني في غزة عن استشهاد الطفل ياسين، محملاً الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن وفاته. وقال المتحدث باسم الجهاز، محمود بصل، في بيان مصور: "محمد لم يكن الطفل الأول الذي يُقتل جوعاً، والخوف أنه لن يكون الأخير في ظل استمرار الاحتلال في حرب المجاعة وسياسة الحصار".
وظهر بصل في تسجيل مصور وهو يحمل جثمان الطفل ياسين، قائلاً: "نحن أمام جريمة واضحة المعالم، حيث يُمنع إدخال الغذاء والدواء والوقود، ويُترك الأطفال يموتون أمام أعين العالم".
وأشار إلى أن مئات الأطفال في القطاع يعانون من سوء تغذية حاد، مع انهيار المنظومتين الغذائية والصحية، نتيجة استمرار الحصار ومنع المساعدات، رغم تحذيرات متكررة من منظمات دولية من استخدام التجويع كسلاح ضد المدنيين.
كارثة إنسانية متعمدة
وفي وقت سابق، وثق المكتب الإعلامي الحكومي في غزة استشهاد 58 شخصاً بسبب سوء التغذية خلال 80 يوماً فقط، بينهم عشرات الأطفال وكبار السن، بالإضافة إلى 242 حالة وفاة نتيجة نقص الدواء والغذاء. كما سُجلت أكثر من 300 حالة إجهاض بين النساء الحوامل بسبب سوء التغذية، و26 وفاة بين مرضى الكلى نتيجة غياب الرعاية الطبية.
وأكد الإعلام الحكومي أن مئات الآلاف من أطنان المساعدات الإغاثية تراكمت خارج القطاع وتعرضت للتلف، بينما لم يتمكن سوى أقل من 1% من الاحتياجات الفعلية من الدخول، حيث لم يتجاوز عدد الشاحنات المدخلة 100 شاحنة فقط من أصل أكثر من 46,000 شاحنة مطلوبة خلال هذه الفترة.
وتابع البيان أن سلطات الاحتلال تتسبب عمداً في تدمير البنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تعطيل أكثر من 90% من المخابز، مما يعمق الأزمة الإنسانية ويكشف عن سياسة "هندسة التجويع" الممنهجة التي تنفذها إسرائيل عبر التحكم بمنع الغذاء وحرمان المدنيين من أبسط مقومات الحياة.
تحذيرات دولية عاجلة
من جانبها، حذرت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في بيان لها من تفاقم الكارثة الإنسانية في غزة، مؤكدة أن السبيل الوحيد لإنقاذ المدنيين هو تدفق المساعدات بشكل فوري ومستمر. وأشارت الوكالة إلى أن القطاع يحتاج إلى ما لا يقل عن 500-600 شاحنة يومياً لتلبية الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية، قائلة: "سكان غزة لا يستطيعون الانتظار أكثر".
ومنذ الثاني من مارس/آذار الماضي، تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي إغلاق المعابر الحيوية ومنع دخول المساعدات الإنسانية، في سياسة تجويع ممنهجة تستهدف نحو 2.4 مليون فلسطيني في غزة، مما أدى إلى انتشار المجاعة وسوء التغذية الذي حصد أرواح المئات، بينهم عشرات الأطفال الذين يموتون يومياً جراء الجوع ونقص الرعاية الطبية.