رصد فريق بوابة اللاجئين الفلسطينيين آراء عدد من اللاجئين الفلسطينيين من مختلف الفئات الاجتماعية، يعيشون تحت ما يصفونه بـ"وطأة حرمان طويل" من الحقوق المدنية في لبنان، في ظل اشتداد الأزمات الاقتصادية، وتراجع خدمات وكالة "أونروا"، وغياب أي آليات دعم حقيقية من المؤسسات الدولية والمحلية.
من قلب المخيم، تعالت أصوات اللاجئين الذين عبّروا عن غضبهم ووجعهم، منددين بالإقصاء القانوني والتهميش الاجتماعي، ومطالبين بحقوق طال انتظارها منذ أكثر من سبعة عقود، وخصوصاً في ظل ما يجري هذه الأيام من حديث وترتيبات تخص مسألة "سحب السلاح من المخيمات"، دون إعطاء ملف الحقوق المدنية والاقتصادية للاجئين الفلسطينيين أولوية في سياق الاتفاق الذي جرى بين الدولة اللبنانية والسلطة الفلسطينية خلال زيارة محمود عباس في 20 أيار/مايو الجاري، واستمرت 3 أيام.
"ممنوعون من 95 مهنة... حتى عامل النظافة!"
قال أحد اللاجئين من أبناء مخيم عين الحلوة: "حقوقنا المدنية كشعب فلسطيني مقيم في المخيمات، كغيرنا من الناس الحاملين للشهادات، والقادرين على العمل والتوظف، هي من أبسط حقوقنا. نحن في لبنان ممنوعون من ممارسة ما يقارب 90 إلى 95 مهنة، ومن أبسطها وظيفة عامل نظافة، حتى هذه ممنوع علينا العمل بها. سائق سيارة أجرة عمومية لا يمكنه الحصول على رخصة عمومية. على الأقل، إذا اشتريت شقة لابني، فليسمح لي بتسجيلها باسمه كحق من حقوقنا، وهذا الحق للأسف غير موجود."
"حتى الأجنبي يمنح ما نحرم منه"
بدوره، قال لاجئ آخر من المخيم: "هناك عتب على الدولة، لأننا كفلسطينيين ما زلنا نعامل وكأننا لسنا من أهل البلد، مثلنا مثل أي أجنبي، بل إن الأجنبي يحصل على حقوق أكثر منا، إذ يمكنه التملك، بينما نحن لا نستطيع التملك، ولا نحصل على أبسط الحقوق المدنية. والقرارات المتعلقة بنا تتخذ بناء على اعتبارات أخرى، لا علاقة لها بحقوقنا."
"من صالون الحلاقة إلى عربة الخضار... ثم إلى العجز"
وفي شهادة عن الانحدار المهني القسري الذي يتعرض له كثير من شباب المخيم، قال أحد اللاجئين: "كل من لديه مهنة أو مصلحة بسيطة يعمل بها داخل المخيم، مثل العمل على عربة خضار."
وأضاف: "أما أنا فكنت أملك صالون حلاقة، ولكن توقفت عن العمل، لأنني لا أملك أي حقوق. إذا أردت استئجار محل خارج المخيم، فلا أملك الحق في ذلك. نحن كشعب فلسطيني لا نملك حتى 1% من الحقوق. لقد دمر شعبنا الفلسطيني بالكامل."
"زواج مستحيل... وكيس الطوب حلم"
وفي وصفه لمعاناة الشباب الفلسطيني، أشار لاجئ آخر إلى غياب أدنى مقومات الحياة الكريمة: "الوضع صعب جداً. أي شاب يريد أن يتزوج أو يبدأ حياته، يجد الأمر مستحيلاً. لا يمكنه حتى شراء كيس طوب. الحياة صعبة جداً، وكل شيء في المخيم صعب."
"نحب لبنان كما نحب فلسطين... لكننا نحرم من حقوقنا"
وفي رسالة سياسية واضحة، قال أحد اللاجئين: "هم يعلمون أننا شعب معطاء وذكي، ونحب لبنان كما نحب فلسطين. نحن فقط نفتقر إلى حقوقنا المدنية والاجتماعية والاقتصادية. نطالب بالتعامل معنا في هذا الملف بروح إيجابية، لأننا شعب يستحق، ونحن ضيوف بحسب ما نسمعه من الرؤساء الثلاثة والمسؤولين في الدولة اللبنانية. نأمل أن ينظر إلينا من هذا المنظور، لأن شعبنا الفلسطيني يعاني كثيراً من هذا الوضع. وأتمنى من الرئيس نبيه بري أن يعقد جلسة تشريعية، مع الرئيس نواف سلام، وجلسة تنفيذية مع القائد جوزيف عون، لاتخاذ قرار تاريخي ينهي معاناة الشعب الفلسطيني، الذي حرم من حقوقه المدنية والاجتماعية والاقتصادية منذ سبعة وسبعين عاماً."
"الأونروا تتراجع... والمرضى يدفعون الثمن"
وعن تدهور الخدمات الصحية والتعليمية داخل المخيم، قال أحد اللاجئين: "هناك أيضاً تقصير من قبل الأونروا، ولكننا نعلّق الأمل على الأيام القادمة بأن يكون هناك دعم أكبر لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، لأن الأوضاع في المخيمات تزداد سوءاً. التعليم يتراجع، والخدمات الطبية تتدهور. لدينا ملف شائك جداً فيما يخص الطبابة، فهناك شريحة كبيرة من مرضى السرطان، والسكري، والضغط، والأمراض المزمنة. نعاني من نقص حاد في تمويل المستشفيات وتغطية تكاليف العلاج، خاصة في ظل تدهور الوضع الاقتصادي في لبنان."
وفي حديث عن النقص الخطير في ملف الطبابة، أضاف لاجئ آخر: "بالنسبة لملف الطبابة، هناك تأثير كبير سواء من جهة الأونروا، أو من جهة وضع اللاجئ نفسه."
وتابع: "عندما ندخل إلى المستشفيات ضمن خطة الطوارئ، فإن الأونروا تغطي فقط تكلفة السرير. أما الأدوية، والعمليات، واللوازم الطبية، فلا تشملها التغطية. هناك معاناة شديدة يواجهها اللاجئ والمريض الفلسطيني. كل بيت في المخيم لديه حالة مرضية. أما أنا، فلدي حالة استثنائية تعاني كثيراً، والأونروا لم تقدم الدعم الكافي لابنتي. وهناك حالات كثيرة جداً مشابهة في المخيم."