قافلة الصمود لكسر الحصار عن غزة تكبحها السلطات المصرية، ناشطة تروي القصة

الثلاثاء 17 يونيو 2025
الناشطة ديانا سلايمة (wassila.photography)
الناشطة ديانا سلايمة (wassila.photography)

روت ناشطة هولندية من أصول فلسطينية تفاصيل عرقلة رحلة قافلة "الصمود" التي انطلقت قبل عدة أيام متجهة إلى قطاع غزة لكسر الحصار عن القطاع الذي يتعرض للسنة الثانية على التوالي لحرب إبادة "إسرائيلية" جماعية، حيث وصل المئات من الناشطين المشاركين إلى مطار القاهرة، بينما تعرض الكثير منهم للاحتجاز والترحيل والبعض الاخر للاعتداء.

ديانا سلايمة ناشطة في مجال حقوق الإنسان وهي فلسطينية تحمل الجنسية الهولندية وتبلغ من العمر 22 عامًا، التحقت بقافلة التضامن مع غزة، وسعت لأن تكون من أوائل الذين يفكون الحصار عن غزة كما كانوا يتوقعون قبل أن تحدث المفاجأة في منعهم وترحيلهم، بل والاعتداء على الكثير منهم في مشهد صادم، بحسب وصفها.

رغم صراخنا المستمر هولندا ما تزال تشحن أسلحة لإسرائيل

تتحدث سلايمة لبوابة اللاجئين الفلسطينيين عن سبب مشاركتها: "شعرت أن الوقت حان لفعل شيء مباشر أكثر، لقد مرت الآن 617 يومًا الإبادة الجماعية في غزة، ونحن في هولندا نصرخ بأعلى أصواتنا منذ ذلك الوقت، لكن الحكومة لا تريد أن تغير موقفها".

وتضيف: "الأسلحة لا تزال تُشحن عبر ميناء روتردام، ومن ضمنها قطع طائرات F-35 التي ترسل لإسرائيل، هذا يجعل هولندا شريكًا في هذه الإبادة، رغم صراخنا المستمر، لا يريدون الاستماع لنا".

شعرت سلايمة في بادئ الأمر أنها تريد الذهاب إلى قطاع غزة من أجل فعل شي مباشر حيث كانت قد شاركت طيلة الفترة الماضية بمظاهرات في ساحات هولندا دون أن تستجيب الحكومة االهولندية لمطالب المحتجين على حرب الإبادة والدعم الحكومي لـ "إسرائيل"، بحسب قولها.

الشرطة المصرية تدخلت بعنف وأجبرت الناشطين على الصعود للطائرة

تعرضت سلايمة للتحقيق فور وصولها إلى مطار القاهرة، حيث طلب منها أن تفتح حقيبتها، ليجد رجال الأمن بساطاً للنوم، ما جعلهم يشكون أنها في طريقها للانضمام إلى قافلة كسر الحصار عن غزة، فاحتجزوا جواظ سفرها مع 30 شخضاً آخرين، قبل أن يقتادها الضباط إلى قاعة الترحيل مع رفاقها، وأبلغهم أنه سيجري ترحيلهم إلى مطار اسطنبول من حيث أتوا لأن رحلتهم الجوية تضمنت توقفاً في اسطنبول، وبحسب سلايمة فإن السلطات المصرية لم تبلغ أحداً بأسباب الترحيل فقط قالوا لهم: "أنتم عائدون من حيث جئتم".

افترشت سلايمة ورفاقها أرض مطار القاهرة، رافضين الترحيل وكانوا 30 شخصًا، وانضم إليهم آخرون تم توقيفهم أيضًا عند تفتيش الأمتعة، ولم يُسمح لهم بالتقدم وجميعهم مكثوا قرابة 3 إلى 4 ساعات، يرفضون المغادرة ويتجادلون مع الشرطة، ومع قائد الرحلة، ومع الضابط العام، غاضبين مما يحدث متسائلين عن سبب ترجيلهم دون أن يحصلوا على إي إجابة.

تقول سلايمة: "تفاوضنا على إعادتنا إلى أمستردام مع التوقف في إسطنبول، بدلًا من أن يتم إنزالنا فقط هناك، وطالبنا بتوفير الطعام والماء بعد خمس ساعات دون أكل أو شرب".

وبينت سلايمة أن بعض أعضاء الوفد كانوا مستعدين للمغادرة، مدركين أن السلطات المصرية لن تسمح لهم بدخول القاهرة قائلة: "بعد ساعات من الاعتصام، أصبح من الواضح أننا لن نُمنح إذن الدخول، فكنا نحاول فقط إيصال رسالة لكن الشرطة تدخلت في النهاية بعنف، وأجبرت الجميع على الصعود إلى الحافلات المؤدية للطائرة، دون تسليمهم جوازات سفرهم، كان المشهد صادمًا".

"البعض كان يبكي، آخرون أُصيبوا، ولم يكن مسموحًا لنا حتى بتوثيق ما يحدث؛ من يُخرج هاتفه يُجبر على حذفه أو يُسحب منه رفض الوفد الجلوس في الطائرة قبل استعادة جوازاتهم، وهو ما تحقق بعد ساعة من التوتر، لتُقلع بهم الطائرة نحو إسطنبول" تقول سلايمة.

وأكدت الناشطة الهولندية من أصول فلسطينية أن الحكومة المصرية تعاملت معهم بلا أي ترحيب أو تفهّم لهدف رحلتهم، مرجحة "صدور تعليمات عليا بمنع دخول أي وفود تضامنية في ذلك اليوم"، ضمن ما وصفته بالإنذار الأحمر.

بعد أكثر من 600 يوم على الإبادة المشي في الشوارع والهتاف لم يعد كافياً

تتحدث الناشطة عن حجم التحديات التي تواجه حركة التضامن مع فلسطين في هولندا، من اعتقالات وضرب وترويع ومداهمات، مؤكدة أن الشرطة تلجأ إلى وسائل قمعية "فاشية" لإسكات الأصوات الداعمة لغزة. ورغم ذلك، يستمر الناشطون في تنظيم التظاهرات والاعتصامات في الجامعات والساحات العامة.

وأوضحت أن الأشكال التقليدية من الاحتجاجات، كالمسيرات والهتافات، لم تعد كافية، وأنه "بعد أكثر من 600 يوم من المجازر المستمرة، لا يمكن الاكتفاء بالمشي في الشوارع والهتاف".

وتشجع سلايمة على تكثيف التحركات الضاغطة والمباشرة لإجبار الحكومة الهولندية على التوقف عن دعم الاحتلال "الإسرائيلي"، مشيرة إلى أن الصمت الدولي وعجز الحكومات عن وقف الإبادة الجماعية يجب أن يُقابل بتصعيد في العمل الشعبي.

وتقول: "تذكّروا أن ما حدث معنا نحن القادمون من دول غربية، حتى لو تم ترحيلنا أو قمعنا، لا يقارن أبدًا بما يعانيه أهالي غزة، حتى في ديمقراطياتنا المزعومة في الغرب، فإن ما نواجهه لا يرقى لما يعيشه الفلسطينيون في غزة: الحصار، القتل، التجويع، والإبادة المنظمة، هذه هي الإبادة الجماعية، وهذا هو التطهير العرقي بعينه، ولا يمكننا التوقف عن دعم غزة".

ترى سلايمة أن استمرار قمع الناشطين يعني أن التضامن يسير في الاتجاه الصحيح، قائلة: "إذا كان النظام العالمي لا يريد لنا أن نفعل شيئًا من أجل فلسطين، فهذا وحده كافٍ لأن نصرّ على أن نفعل كل شيء من أجلها"، وأكدت أن نضال الفلسطينيين واضحٌ في ثوابته، وأن دور المتضامنين الحقيقي هو تضخيم أصواتهم دون التحدث نيابةً عنهم أو سرقة حركتهم.

لم ننهِ العبودية ولا نلنا حقوقنا بالتوسل، كذلك فلسطين، لن تتحرر بالهتاف فقط

تطرقت الناشطة إلى المخاوف التي تعتري المتضامنين عندما تنقطع الكهرباء في غزة، قائلة: "لإسرائيل سجلٌ طويل في ارتكاب أبشع الجرائم عندما لا يكون هناك توثيق أو قدرة على البث المباشر، لحظات الظلام في غزة ليست مجازًا، بل خطر حقيقي".

وأكدت أن التضامن لا يجب أن يتوقف عند التظاهر الرمزي أو التعاطف المؤقت، بل يجب أن يُترجم إلى خطوات فعالة، خاصة من أولئك الذين يملكون امتيازات في دولهم. وقالت: "نحن نملك جوازات سفر هولندية ونعيش في ظل حرية تعبير نسبية، علينا استغلال ذلك، الناس في مصر مثلًا، يُسجنون بسبب تغريدة، أما نحن فلدينا القدرة على الحديث والفعل، ويجب ألا نهدرها".

وبرأيها فإن التظاهرات السلمية بحدّها التقليدي أثبتت عجزها، خاصة بعد مرور أكثر من 600 يوم على الإبادة الجماعية دون أي تغيير سياسي حقيقي، مضيفةً: "لم يتحقق أي تغيير جذري في التاريخ إلا من خلال ضغط فعلي، لم ننهِ العبودية ولا نلنا حقوقنا بالتوسل، كذلك فلسطين، لن تتحرر بالهتاف فقط".

واختتمت حديثها بأن دور المتضامنين لا ينبغي أن يُختزل في تحركات رمزية، بل في العمل الحقيقي الذي يُجبر الحكومات على التراجع عن دعمها للاحتلال، مع الحفاظ على مركزية الصوت الفلسطيني والامتناع عن مصادرة قراره أو تحريف مطالبه.

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد