يشهد مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في مدينة صيدا جنوب لبنان أزمة كهرباء حادّة تتفاقم يوماً بعد يوم، وسط تراجع ساعات التغذية الحكومية، وغلاء تكاليف الاشتراكات أو تركيب أنظمة الطاقة الشمسية، ما يترك آلاف العائلات في ظلام دامس، ويهدد أبسط مقومات الحياة اليومية.
وبحسب إفادات الأهالي لموقع "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، فإن أزمة الكهرباء تعود أساسًا إلى ضعف التغذية الحكومية، التي لا تتجاوز أربع ساعات خلال 24 ساعة، ما يضطر السكان للاعتماد على المولدات الخاصة أو أنظمة الطاقة الشمسية، وهي حلول تفوق قدرة معظم اللاجئين المالية، في ظل نسب فقر تتجاوز 90% بحسب "أونروا"، وضعف التقديمات الإغاثية من الوكالة الدولية المعنية بإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين.
يقول أبو شادي مناع، مسؤول اللجنة الشعبية في المخيم، إن السبب الرئيسي هو تقنين الدولة للكهرباء بسبب نقص الوقود، ويوضح لموقعنا:"الكهرباء المقدّمة من الدولة تصلنا أربع ساعات خلال أربع وعشرين ساعة بسبب نقص الوقود، وهذا النقص تتحمّله الدولة".
ويضيف:"هذا الأمر يثقل كاهلنا كثيرًا، فنحن كشعب فلسطيني نعاني من تردي الأوضاع الاقتصادية، بما في ذلك البطالة وقلة فرص العمل، ولا يوجد ما يكفي من دخلٍ يوفر احتياجات أرباب الأسر".
أما اللاجئ أسامة العبد، فعبّر عن عجزه عن تركيب نظام طاقة بديل، وقال: "أنا لا أملك تكاليف تركيب الطاقة الشمسية، فماذا أفعل؟ كل دقيقة أطفئ الثلاجة وأشغلها، لأنني لا أستطيع تغطية النفقات. كثيرون في المخيم لا يجدون كهرباء".
هيثم الخطيب، بدوره، يشير إلى أن الأزمة لم تعد تقتصر على انقطاع الكهرباء، بل تشمل جشع بعض أصحاب المولدات، ويقول:"انقطاع الكهرباء في مخيم عين الحلوة يتم بشكل متقطع، وحتى عندما تأتي، تكون تكاليف الاشتراك باهظة جدًّا".
ويتابع: "للأسف، بعض مشغلي المولدات لا يلتزمون بالأسعار الرسمية، مما يزيد العبء على أصحاب المحال والمرضى داخل المخيم. هذا الموضوع يحتاج إلى متابعة جادة من الجهات المعنية، لأن الأمور صعبة جدًّا، حتى إن العامل صار يعمل فقط لصاحب المولّد".
وتوضح إحدى اللاجئات حجم الأعباء اليومية المرتبطة بالحاجة للكهرباء، وتقول: "أمر الكهرباء سيء جدًّا! حالنا كحال لبنان كله، فماذا نفعل؟ الكهرباء تأتي ساعتين فقط نهارًا فنقضي حاجتنا خلالهما. لكن الاشتراكات تصل إلى 60 أو 70 دولارًا حسب النفقات. تريد الغسيل وتشغيل الماء، وتحتاج إلى أعمال كهربائية... لا يمكن الاستغناء عنها!".
بينما دعا اللاجئ عادل طه الفعاليات الفلسطينية إلى تحرك جدي، وأكد أنه يجب "على الفعاليات والفصائل واللجان الموجودة هنا أن تطالب بزيادة ساعات الكهرباء. بدلاً من أن تصلنا ساعتان خلال 24 ساعة، مقسّمة إلى 45 دقيقة في كل مرة، يجب أن تصل 12 ساعة متواصلة، فهذا معقول".
وتشير لاجئة أخرى إلى أن الأزمة لم تعد في التكاليف فقط، بل في فقدان القدرة على الحفاظ على أساسيات الحياة: "أشعر أن وضعي لا يسمح لي بدفع اشتراك الكهرباء. عندي ثلاجتان، وإذا لم أضع الخضراوات فيهما تفسد. هناك مشكلة أخرى: إذا انقطعت الكهرباء لا تعمل الثلاجة. يمدوننا بالكهرباء ليلًا حتى لا يستهلك الناس كثيرًا، لكن الاشتراك يثقل كاهل الفقراء".
أما أصحاب المولدات، فلهم تبريراتهم. يقول أبو يحيى الصفوري، صاحب إحدى مولدات الكهرباء في المخيم:"نحن نأخذ تسعيرة متفق عليها، فلا نظلم الناس ولا نظلم أنفسنا".
ويضيف:"لدينا مصاريف شهرية، فالمحروقات اليوم ارتفعت أسعارها بسبب الأحداث في الشرق الأوسط، ولدينا رواتب موظفين وقطع غيار... كل هذا لا يحسبه الناس".
ويتابع: "نتمنى أن تزودنا الدولة بالكهرباء أساسًا، فليس هناك نظام كهربائي مستقر. ونتمنى أن تخفف الدولة عن الناس، فبدلاً من أن تصل الفاتورة إلى 60 أو 70 دولارًا، تصبح 20 أو 25 دولارًا، لكن الكهرباء الحكومية لا تتجاوز ساعتين يوميًا، ولا تغطي احتياجات المخيم. نطالب الجهات المعنية وأصحاب القرار بإصلاح كهرباء مخيم عين الحلوة".
ومع دخول فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة، تزداد معاناة أهالي مخيم عين الحلوة تحت وطأة انقطاع الكهرباء وغلاء الاشتراكات، في ظل غياب الحلول الجذرية وتقصير الجهات الرسمية الفلسطينية والمعنية. أزمة تمسّ كل تفاصيل الحياة اليومية، من حفظ الطعام وتشغيل المراوح والمياه، ما يجعل من توفير الكهرباء أولوية إنسانية ملحّة لا تحتمل التأجيل.