صيدا - وادي الزينة - بوابة اللاجئين الفلسطينيين

محمد عيسى محمود" أبو عيسى "  من أبناء مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين جنوب العاصمة دمشق  في حي المغاربة وسط المخيم من مواليد 1980  متزوج ولديه ثلاثة أولاد عيسى ، نور الدين  وعبد المجيد.

"زوجتي سورية الأصل من الغوطة الشرقية وأعيش حاليا في كاراج في منطقة وادي الزينة في لبنان وحالتي الصحية مهددة بالشلل" .

تركت المدرسة باكرا منذ الطفولة ودخلت سوق العمل الحر حتى كنت أعمل في مجال الألبسة القطنية الشتوية أو ما يسمى "التريكو" لمدة عشر ساعات يوميا حتى أؤمن مبلغا لا بأس به، نتيجة هذا العمل الشاق أصابني مرض الديسك المزدوج ونتوءات وثلاثة ديسكات في الفقرات القطنية وعانيت من توسع الجذر العصبي.. كل هذا قادني إلى عدة عمليات جراحية دفعتها من مصروفي الشخصي، وكنت أشعر بألم صعب لكنه محمول نوعا ما ، إلا أنني لم أستطع ترك هذا العمل الصعب لأني ببساطة لم أجد بديلا جيدا فتابعته بعد العمليات الجراحية .

خرجت من مخيم اليرموك بعد ضربة الميغ بعدة أيام، ثم عاودت الدخول إليه والبقاء فيه عدة مرات متتالية في كل مرة أخرج بها من المخيم، أنزح عند أحد أقاربي في الشام أو في مخيم خان دنون، وساءت بي الأحوال بعد عدم تمكني من العودة للنوم في بيتي نتيجة الظروف الأمنية السيئة، فنمت داخل سيارة أنا وزوجتي وأولادي ثم في نهاية المطاف نزحنا إلى الغوطة الشرقية لمدة 5 أشهر متتالية كانت الأصعب نفسيا، لا يمكن أن أصف ما عشته هناك، كان أصعب بكثير مما عشته داخل مخيم اليرموك خلال الأزمة السورية وكانت أصعب لحظات حياتي حينما تم قصف بيت أقارب زوجتي الذي قطنا به فنزل جزء من السقف علينا .. فقررت البدء برحلة نزوح جديدة إلى لبنان ..

لبنان .. وادي الزينة خصوصا حيث أقيم حاليا :

دخلت لبنان عام 2013 لأسكن مؤقتا مع 5 عائلات سورية وفلسطينية سورية في نفس المنزل، كل واحد من العائلات أخذ حيزا من المكان. أنا وأولادي وزوجتي نمنا على "البلكون" شهرين متتاليين تقريبا دون الاكتراث ببرد الليل أو مطر الشتاء، كنا نكمل نومنا بأي طريقة، حينها اعتمد مصروفي على ما ادّخرت طوال حياتي فبدأت نقودي بالنفاد يوما بعد يوم، وحاولت الاستقلال مع عائلتي بأقل تكلفة ممكنة فلم أجد مكانا ملائما سوى الكاراج، استأجرت كاراجا مكونا من غرفتين صغيرتين يمتلكان حمّام مساحته مترين دون وجود مطبخ، أجرة الكاراج تبلغ تقريبا 200 دولار شهريا وهو  بارد جدا  شتاء حار جدا صيفا رطوبته عالية أسهمت في مضاعفة  مرضي .. لعل أكثر سؤال أثّر علي نفسيتي هو لماذا لم تستأجر بيتا أفضل ؟، فهذا سؤال غبي من أناس تافهين.

وضعي كفلسطيني سوري في لبنان  ليس غريبا على أحد، فالجميع يعلم أننا عانينا كفلسطينيين سوريين في السنة الأولى من تجديد الإقامات ثم لحقها فورا إغلاق الحدود ومنع التحرك خارج لبنان فخفت التنقل والتجوال دون أوراق ثبوتية وحصرت إقامتي في وادي الزينة ذات الطابع الفلسطيني، خشيت السجن أو الترحيل ربما وبقاء أولادي وزوجتي دون أكل يسد رمقهم

 

خلال أول فترة لي في لبنان، عملت في ورشات الدهان وكانت أجرتي اليومية قليلة جدا لكني تابعت العمل فترة طويلة، وحينما انتهى عمل الدهان، بدأت في حمل أكياس مواد البناء الثقيلة على ظهري طوابق عديدة ثم العمل في "المجرّح" أو "الطينة"، مما ضغط على عظامي وزادت أوجاعي تدريجيا ، لكني كابرت على نفسي لأعيل أولادي دون انتظار مساعدة، أخر عمل لي في الطينة كان الضربة النهائية القاضية على ظهري. عملت آخر عمل منذ قرابة الـ9 شهور ثم توقفت تماما .

خلال رحلة الطبابة والمعاينات الطبية، أكثر ما كان يزعجني ليس وجعي، بل كيف سأمتلك المبلغ الكافي للمعاينة التي تبلغ كلفتها 100 ألف لبناني كحد أدنى، كنت أدّخر مبلغا من المال يأتيني من الأونروا أو عمل زوجتي ذو الراتب الزهيد، أقتطع هذا المبلغ من أكلنا وشرابنا لأستطيع الذهاب إلى الأطباء، وتأخرت كثيرا بالطبابة مما زاد  نكستي نكسة بعد تكلفة المعاينات والصور الشعاعية ... وثاني الأشياء المزعجة  هو  صعوبة وجود طبيب ماهر ومشفى جيد لإقامة عملية الديسك بعدما نصحني جميع من عاينتهم بإجراء العملية فورا وكان آخرهم وفد طبي ألماني ..

كل هذا أدى إلى تضاعف المرض حتى شمل أربع فقرات مع وجع في اليد اليسرى والقدم  ووجع رأس مزمن والتهاب معدة نتيجة تناول أدوية قوية في الفترة الأولى و الآن أنا لا أستطيع المشي سوى أمتار معدودة بآلام لا يوصف ولم استطع تكملة أخذ الأقراص الدوائية  ويجب إجراء عمليتي  فورا قبل أن أجلس مشلولا..

"تكلفة العملية في مشفى دلاعة في صيدا هي 7000 دولار, طبعا لا أملك منهم أي مبلغ سوى مبلغ يكفي لدواء المسكن، ولم تقبل المشفى بمنحي تسجيلا للعلمية حتى أدفع قيمة قطع العملية التي تبلغ 3000 دولار ولم تتبنى الأونروا سوى مبلغ ألفي دولار بعد القيام بالعملية بالإضافة إلى عدم مسؤوليتها عن فترة الاستشفاء أو القطع أو تكلفة الأطباء مع العلم أن نسبة نجاح العملية هو حوالي 20 % وإذا لم تنجح فسوف أخرج مشلولا تماما .. أما نسبة نجاحها في ألمانيا بعد أن نصحني الوفد بها هو 80 إلى 90% وذلك لأنهم سيبدلون الأعضاء التالفة تماما أي اني سأصبح إنسانا عاملا من جديد لكني لا أستطيع السفر كوني فلسطيني سوري أولا وثانيا قلة المادة".

لا أدري ما الحل .. إذا تأخرت سوف أشل وأنا رجل أخاف العجز وأكره البكاء أمام أولادي ؟  

شاهد تقرير بوابة اللاجئين الفلسطينيين مع اللاجئ الفلسطيني محمد عيسى محمود" أبو عيسى "  

 

خاص بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد