إيجارات المنازل أحد أبرز وجوه انعدام الأمن المعيشي في مخيم الجليل

الأربعاء 13 اغسطس 2025
مخيم الجليل
مخيم الجليل

في مخيم الجليل للاجئين الفلسطينيين الواقع على أبواب مدينة بعلبك اللبنانية، تحولت إيجاراتُ المنازل إلى واحدةٍ من أثقل الأعباء التي ترهق العائلات معيشياً، إذ يعيش كثير منها في غرف ضيقة بالكاد تصلح للسكن، ويدفع أرباب الأسر أكثر من نصف دخلهم مقابل مسكن متواضع، ليفاجؤوا أحياناً بارتفاع الإيجار دون سابق إنذار.

خلف تلك الأبواب، تختبئ قصص لمعاناة يومية لا تُرى من الخارج، حيث تصارع الأسر من أجل البقاء وسط ظروف اقتصادية قاسية.

فريق بوابة اللاجئين الفلسطينيين دخل إلى تلك المنازل وسبر تلك المعاناة التي تجسد أحد أكبر اوجه انعدام الأمن المعيشي للاجئين الفلسطينيين في ذلك المخيم الصغير والفقير.

أصوات من داخل المنازل

أبو ماهر عسقول، لاجئ فلسطيني في المخيم، يروي معاناته قائلاً: "أدفع أجار البيت كل ما استلم المساعدة من الأونروا، اتفق مع صاحب البيت أن أعطيه 100 دولار عن شهرين، نعيش أنا وزوجتي، نأكل اليوم، ويوم آخر نكتفي برغيف خبز وبصلة، في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة."

أما الحاجة أم مزيد، التي تعتمد على ابنها المغترب في معيشتها كحال العديد من أبناء المخيم الذين لديهم أبناء مغتربين، تقول: "إبني المغترب يرسل لي أجار المنزل، أما أولادي الذين يعيشون في لبنان، فلكل منهم همه ومسؤولياته التي تشغله."

أما خارج المخيم، فالصورة لا تختلف كثيراً، اللاجئ طه طه، يعيش خارج المخيم، ينقل معاناته قائلاً: "بالنسبة إلنا نحنا فلسطينية مستأجرين بيت خارج المخيم يتألف من غرفتين ومطبخ وحمام، ولكن المشكلة أننا نشتري المياه بقيمة مليون ليرة لبنانية، وندفع أجار المنزل حوالي مئة دولار، إضافةً إلى تكاليف الطعام واشتراك الكهرباء والدواء لي ولزوجتي، أضطر لكسر غلة الدكانة لأستطيع دفع أجار المنزل".

مخيم الجليل 11.jpg

الأزمة بالأرقام

أمين سر اللجان الشعبية في البقاع، خالد عثمان، يشرح لبوابة اللاجئين الفلسطينيين، أن الإيجارات تقوم على عقد يسمح لشخص أو عائلة باستخدام منزل مقابل مبلغ شهري، لكنه يؤكد أن هناك اليوم أزمة حقيقية تؤثر على العائلات ودخلها.

ويضيف: "أصبح معدل الإيجارات لغرفة أو غرفتين صغيرة من 80 إلى 100 دولار في المخيم، بينما يتراوح دخل العامل من 100 إلى 300 دولار، ولا يتجاوز أكثر من ذلك، ما يعني أن الإيجار يستهلك أكثر من 50 إلى 60% من دخل العائلة، ما يؤدي إلى عدم الاستقرار"، ويشير إلى أن بعض المالكين يلجؤون للاستغلال: "أنا اليوم أجرتك، بعد 5 شهور بزيد الأجار، هيك بعض المالكين بتعاملوا."

تراجع دعم "أونروا" يزيد المعاناة

قرارات وكالة "أونروا" بتقليص خدماتها فاقمت الأزمة، ومنها وقف المساعدة الشهرية البالغة 50 دولاراً التي كانت تُصرف للعائلة.

عثمان يطالب الوكالة قائلاً: "يجب على الأونروا الالتزام بإعادة صرف الـ50 دولاراً للعائلات، رغم أن المبلغ غير كافٍ، إلا أنه كان يساعد رب الأسرة على الالتزام بدفع الإيجار."

الحاجة أم فؤاد اليمونة تؤكد بدوها: "نطالب الأونروا بالاستمرار بتشغيل المدارس للطلاب والعيادات الصحية، وإعادة صرف الـ50 دولاراً، فيما يعبّر اللاجئ أبو ماهر عسقول عن مخاوفه من توقف هذه المساعدة: "إذا توقفت الـ50 دولاراً، سأجد نفسي أنا وزوجتي في الشارع، ليس لدي أولاد ولا أي معيل."

أما محمد كيلاني، وهو لاجئ فلسطيني في المخيم، يشدد على ضرورة أن تتابع اللجنة الشعبية والمعنيون موضوع إيجارات المنازل داخل المخيم.

وفي ختام حديثه، يوجه خالد عثمان رسالة إلى المالكين: "كونوا رؤوفين، وحسّوا بمعاناة الأسر، خاصة أن معظم العائلات فقيرة وتواجه ظروفاً صعبة."

تساؤلات بلا إجابة

ما تواجهه العائلات الفلسطينية في مخيم الجليل من ارتفاع مستمر في الإيجارات، وغياب المساعدات الشهرية من قبل وكالة "أونروا"، يشكل تحدياً حقيقياً.

بعض الأسر تعتمد على تحويلات من أقارب في الخارج، وأخرى تكابد بصمت في ظل غياب أي دعم حقيقي من اللجان الشعبية أو المؤسسات، ويبقى السؤال: هل ستتحرك "أونروا" واللجان الشعبية للنظر في أوضاع هذه العائلات، والعمل على توفير ما تحتاجه من أساسيات للبقاء

شاهد/ي الفيديو 

 

مراجعة: هيئة التحرير

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد