يعاني عشرات الشبّان والشابات الفلسطينيين في مخيم برج البراجنة من أزمة متفاقمة تتمثل في حصولهم على شهادات جامعية دون تمكنهم من العثور على فرص عمل تتناسب مع اختصاصاتهم، ما يدفعهم إلى القبول بوظائف متدنية المردود ولا تليق بمستواهم العلمي، وسط غياب أي حلول جديّة من وكالة "أونروا" أو الجهات اللبنانية المعنية، في ظل قوانين تمنعهم من العمل في عشرات المهن الأساسية في البلد.
ففي المخيم وحده، يقدّر عدد الخريجين العاطلين عن العمل بما بين 60 و70 شاباً وشابة، بحسب ما يؤكده عيسى غضبان، أمين سر اللجنة الشعبية في المخيم، الذي يصف في حديث لبوابة اللاجئين الفلسطينيين الوضع بأنه "تراكم سنوات من الإهمال وغياب السياسات التشغيلية".
وقال الغضبان لموقعنا: "للأسف، الشاب الجامعي اليوم يجد نفسه يعمل بالنظافة أو في المقاهي، هذا يضرب الجيل المتعلّم ويضرب الاقتصاد، تعِبَ الطالب وتخرّج، وفي النهاية يجلس بلا عمل أو يعمل خارج اختصاصه."
برنامج "المال مقابل العمل" لا يكفي
ويشير غضبان إلى أنّ المشروع الوحيد المتاح من "أونروا" لتشغيل اللاجئين هو"برنامج "المال مقابل العمل"، وهو برنامج مؤقت لا يتجاوز العمل فيه بضعة أسابيع، وغالباً ما يكون في مجالات لا تمت بصلة لتخصصات الخريجين، مثل النظافة أو الحراسة.
ويتابع: "شاب جامعي يحمل شهادة، ينتهي به الأمر دافعاً لعربة نفايات… هذا مُهين وغير مقبول"، بحسب تعبيره
خريجون فقدوا الأمل بسوق العمل
الأزمة لا تقتصر على من أنهى تعليمه فحسب، بل تمتد لتطال من اضطر لوقف دراسته بسبب الأعباء المالية، ويقول أحد الخريجين: "درست Business Accounting لسنتين، لكنني اضطررت للتوقف بسبب غلاء الأقساط، وبعد أن رأيت أصدقائي يتخرجون بلا فرص عمل."
خريج آخر يتحدث عن معاناة من نوع مختلف يقو:ل "حاولت التقدم إلى وظائف كثيرة داخل لبنان وخارجه، بعد أن تخرجت من الجامعة، لكنني كنت أُرفض دائماً بمجرد معرفة أنني فلسطيني. ولا استطيع العمل، وكذلك قدمت على فرص سفر وجرى رفضي لذات السبب، و اليوم افتتحت محلاً صغيراً داخل المخيم لأتمكن من العيش."
ويؤكد أحد اللاجئين أنّ على الجهات اللبنانية إعادة النظر بالقوانين التي تمنع الفلسطيني من العمل في عشرات المهن، وقال :"الفلسطيني ينفق أمواله داخل لبنان ويشارك في الدورة الاقتصادية، من حقه الحصول على فرصة عمل عادلة."
كما وجّه انتقادات مباشر لوكالة "أونروا" وقال :"الأونروا تتحمّل مسؤولية سياسية وإنسانية، لكنها تقلّص خدماتها وتهرب من واجباتها، وهذا مرفوض."
الأزمة المتصاعدة تطرح أسئلة جديّة حول مستقبل مئات الخريجين الفلسطينيين في لبنان الذين يجدون أنفسهم بين شهاداتهم الجامعية وواقع بطالة قاسٍ، وسط غياب برامج دعم جدّية، وترقّب لموقف أكثر وضوحاً من "أونروا" والدولة اللبنانية على حدّ سواء، لمعالجة أزمة باتت تهدّد جيلاً كاملاً بالضياع.
شاهد/ي الفيديو
