شارك مئات اللاجئين الفلسطينيين من مخيمات بيروت، عصر أمس الاثنين 15 أيلول/سبتمبر، في وقفة شعبية أمام النصب التذكاري لشهداء مجزرة صبرا وشاتيلا في المقبرة الجماعية بمدينة بيروت، تحت عنوان: "صبرا وشاتيلا.. غزة شاهدة وشهيدة"، إحياءً للذكرى الـ43 لمجزرة 16 أيلول/سبتمبر 1982، ورفضًا للمجازر التي ترتكبها القوات "الإسرائيلية" في قطاع غزة.
وفي مستهل الوقفة، وضع المشاركون إكليل زهور على النصب التذكاري لشهداء المجزرة، ورفعوا لافتات وشعارات تندد بالمجازر "الإسرائيلية" في غزة، التي شبهوها بمجازر صبرا وشاتيلا.
وجاءت الوقفة بدعوة من مؤسسات المجتمع الفلسطيني في لبنان، منها: مؤسسة العودة الفلسطينية، منظمة "ثابت لحق العودة"، ولجنة العودة في المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج.
وخلال الوقفة، ألقى الأستاذ ياسر علي، ممثلاً عن مؤسسة العودة الفلسطينية، كلمة باسم المشاركين، استهلها بالتذكير بمأساة 16 أيلول/سبتمبر 1982، موضحًا أن المجزرة "بدأت مساء الخميس 16 أيلول 1982، واستمرت 40 ساعة من القتل والذبح".
وقال علي: "جئنا لنقف جميعًا أمام هول هذه المجزرة والمجازر اليومية التي يرتكبها العدو الإسرائيلي في غزة، في مظهر واضح من مظاهر الإبادة الجماعية والتطهير العرقي، التي تُعد أفظع مجزرة يشهدها القرن الحادي والعشرون في كل أنحاء العالم".
وأضاف: "نقف جميعًا بمشاعر مختلطة من الحزن والغضب أمام المجازر الإسرائيلية، ومنها هذه المجزرة التي راح ضحيتها آلاف النساء والأطفال والأبرياء".
واستذكر "صور الأجساد وصرخات الأطفال ووجوه الأمهات التي تبكي الشهداء وتنتظر المفقودين"، مؤكدًا على "الحق الثابت لشعبنا في العودة إلى أرضه وضرورة استمرار النضال بكل أشكاله المشروعة من أجل التحرير والعودة".
من جهته، تحدّث مدير منظمة "ثابت لحق العودة"، ماهر حمود، عن المكانة التاريخية لمجزرة صبرا وشاتيلا، واصفًا إياها بأنها "وصمة عار على جبين الاحتلال الصهيوني وحلفائه"، ومشيرًا إلى أنها ليست حدثًا عابرًا، بل "جزء من سياسة ممنهجة تهدف إلى اقتلاع الفلسطيني من أرضه وذاكرته".
وأضاف: "المشهد نفسه يتكرر اليوم بأبشع الصور في قطاع غزة، حيث يعيش أهلنا حرب إبادة مفتوحة يُستهدف فيها الأطفال والنساء والشيوخ، وتُقصف فيها المستشفيات والمدارس والبيوت على رؤوس ساكنيها، في محاولة يائسة لكسر إرادة شعبنا وإجباره على الرحيل".
وتابع حمود: "غزة، كما صبرا وشاتيلا، تبقى شاهدة وشهيدة. شاهدة على وحشية الاحتلال الذي لا يعرف إلا لغة القتل والدمار، وشهيدة على درب الحرية والكرامة"، مؤكّدًا أن دماء الشهداء "هي وقود الصمود وعنوان المستقبل".
كما حمّل حمود المجتمع الدولي مسؤولية استمرار هذه الجرائم، موضحًا أن "صمت المجتمع الدولي وتواطؤه شكّلا غطاءً للاحتلال في ارتكاب مجازره المتكررة"، وندد بما اعتبره "فشلًا للأمم المتحدة ومؤسساتها في امتحان غزة وصبرا وشاتيلا على حد سواء".
وطالب بـ"محاسبة قادة الاحتلال كمجرمي حرب أمام المحاكم الدولية، ووقف كل أشكال الدعم العسكري والسياسي والاقتصادي له، والعمل الجاد على وقف حرب الإبادة التي ترتكب بحق أهلنا في غزة"، مؤكدا أن رسالة المشاركين "أن المجازر الصهيونية لن تمحى من ذاكرتنا، ولن تمر بلا حساب. سيبقى شعبنا صامدا حتى النصر والحرية والعودة، وستبقى فلسطين حاضرة في وجداننا جيلا بعد جيل".
وشاركت الحاجة أم الهام فاعور في الوقفة، وقد فقدت أخًا في مجزرة صبرا وشاتيلا، وقالت لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: إن "تلك المجزرة لا تقل وحشية عما يحصل الآن في غزة؛ فالعدو والجريمة واحدة ولو نفذت بأيدي ميليشياوية".
واستذكرت أخاها الصغير "الذي لم يكن يفهم ما يحدث"، مقارِنةً بين براءة أطفال ذلك الزمن وواقع أطفال غزة اليوم "الذين يموتون كل يوم تحت القصف العنيف على البيوت والعمارات".
وأكدت أنها "لن تنسى مجزرة صبرا وشاتيلا، ولن تنسى مجازر قطاع غزة"، معتبرة مشاركتها رسالة دعم "لأهلنا في غزة الذين تفرد بهم العدو أمام خنوع وذل بعض الحكومات العربية والإسلامية".
وتحوّل النصب التذكاري خلال الوقفة إلى منصة تذكير بأن ما جرى في صبرا وشاتيلا لم يكن حدثًا معزولًا، بل استمرارية من العنف الذي يطال الشعب الفلسطيني، حيث شدد المتحدثون على الربط بين الماضي والحاضر، مطالبين المجتمع الدولي بتحمّل مسؤولياته القانونية والإنسانية، ومؤكّدين على استمرار النضال حتى تحقيق العودة والعدالة.
اقرأ/ي أيضًا: 43 عامًا من غياب العدالة لضحايا مجزرة صبرا وشاتيلا يبقي الذاكرة حيّة